ناصر ناصر - خاص ترك برس

بنوع من السخرية الممزوجة بالحسد وبعض الغيظ كتب البرفسور الإسرائيلي تسفي بار إيل مقالة له اليوم في صحيفة هآرتس بعنوان "حملات أردوغان العسكرية ستكون أسهل في ظل وجود صديقه ترامب في البيت الأبيض"، متسائلا ما إن كانت هذه العلاقة ستستمر وتصمد في امتحان الواقع الفعلي على الأرض، وإلى أي مدى ينوي الرئيس أردوغان "شدّ الحبل" وتحديدًا في قضية "إس 400" مع نظيره الأمريكي.

كان كافيا وفق بار إيل للقاء واحد بين أردوغان وترامب في مؤتمر أوساكا في اليابان ليحمل ترامب المسؤولية لأوباما عن ما آلت إليه الأمور في صفقة صواريخ "إس 400" التي تصل قيمتها إلى 2.5 مليار دولار، والتي أخرجت الناتو والكونغرس عن طورهما، وكادت تؤدي بترامب للقيام بفرض عقوبات على تركيا. 

وأضاف بار إيل أن أردوغان استغل هذه اللحظة ليعلن من جديد أن الصواريخ الروسية ستصل إلى تركيا بعد أسبوع إلى عشرة أيام، بل إنه عين كولونيل من سلاح الجو التركي ليدير منظومات الصواريخ الجديدة.

يرى بار إيل أن ما أعلنه ترامب يختلف عما يستطيع فعله، فلديه معركة إضافية مع الكونغرس، ومن المبكر على أردوغان أن يكون واثقًا من أن الصفقة ستمر دون عقوبات أمريكية، واستطرد بار إيل قائلا بإمكانية حصول ذلك في حالة نجاح ترامب بإقناع الكونغرس بأن التنازل لصالح تركيا سيخدم المصلحة القومية والأمنية للولايات المتحدة، - وليس هذا فحسب - يقول بار إيل بل على ترامب أن يجيب على عدة أسئلة من قبل شركاء أمريكا في الناتو، والذين يرون بمنظومة الصواريخ تهديدًا على قدرات الناتو الدفاعية أمام روسيا.

وأشار بار إيل في مقالته في صحيفة هآرتس إلى أن مخاوف أمريكا والناتو من شراء منظومة "إس 400" لا تقتصر فقط على الجوانب الاستخباراتية والعملياتية، بل تتعدى ذلك إلى الخشية من التوجهات السياسية العامة لتركيا واقترابها الواضح من روسيا، كما يظهر في علاقاتها المتزايدة اقتصاديًا وعسكريًا.

يعتقد بار إيل أن ترامب يعاني من معضلة أو ارتباك معين في موقفه من شراء تركيا لمنظومة الصواريخ، فمخاوفه تدعوه إلى اتخاذ عقوبات لمنعها، و اتخاذ عقوبات ضد تركيا قد يعني إبعاد تركيا أكثر فأكثر من النادي الغربي واقترابها من روسيا، مضيفا أن أي قائد أمريكي وتحديدا جمهوري يرى بإيران تهديدًا وجوديًا لا يمكن له أن يتخلى عن دولة بمكانة تركيا الاستراتيجية، وعلى هذه المعضلة - يقول بار إيل - يبني أردوغان موقفه الصارم في شراء منظومة الصواريخ ويتوقع عقوبات أمريكية يمكن احتمالها.

يتساءل البرفسور بار إيل في هآرتس، لماذا تحتاج تركيا لمنظومة "إس 400" وضد من ستستخدمها؟ ويجيب بأن أردوغان يريد وضع تركيا على ما يبدو في مكانة دولة عظمى من الناحية العسكرية وقادرة على المناورة بين روسيا وأمريكا وبالتالي جني المزيد من الأرباح الاستراتيجية، معتبرًا أن هذا هو استمرار لعملية التأثير التركي في الشرق الأوسط ووسط آسيا، مشيرًا إلى معسكرات تركية في قطر والصومال ونيتها إقامة قواعد في السودان، إضافة لنشاطها في شمال سوريا والعراق.

وأخيرا يرى بار إيل أن أردوغان يستطيع الانسحاب في اللحظة المناسبة، وإن أصبح الضغط الأمريكي غير محتمل معتبرا أن انسحاب أردوغان من صفقة "إس 400" سيكون ضربةً مميتةً في مكانته، وتحديدًا بعد الهزيمة في انتخابات إسطنبول والتداعيات المحتملة من الموقف الروسي.

عن الكاتب

ناصر ناصر

أسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي، طالب دكتوراه علوم سياسية وله قناة تلغرام تنشر ترجمات يومية


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس