ترك برس

انتقدت شخصيات قيادية معروفة في لبنان تصريحات رئيس البلاد ميشال عون، التي أساء فيها للدولة العثمانية، وأشادت بالإنجازات التي حققتها الأخيرة.

المؤرخ اللبناني، خالد الجندي، قال إن الدولة العثمانية (1299: 1923) طورت العمران في لبنان، وأنشأت كنائس عديدة، ولم تفرق بين الديانات والطوائف، على عكس الاستعمار الفرنسي والأوروبي عامة.

وأضاف الجندي في حديث لوكالة الأناضول التركية أنه "في زمن السلطنة (العثمانية) كان يوجد تعايش بين جميع الطوائف، وكان العثمانيون يعاملون الجميع بمساواة".

حديث الجندي جاء على خلفية تصريح للرئيس اللبناني، ميشال عون، السبت، اعتبر فيه أن الدولة العثمانية "مارست إرهاب دولة ضد اللبنانيين".

وهو تصريح أطلق مقارنات عديدة من جانب لبنانيين بين الدولة العثمانية والاستعمار الفرنسي للبنان (1920: 1943)، وبين حال بلدهم أيام العثمانيين وحاله اليوم.

وتابع الجندي: "السلاطين العثمانيون أصدروا فرمانات بإنشاء العديد من الكنائس في لبنان، بينما عمل الاستعمار الفرنسي والأوروبي عامة على التمييز والتفرقة بين الديانات والمذاهب في لبنان، وتدمير الإرث العثماني في المنطقة، ونهب كل خيراتها".

وزاد بقوله إن "أهمية وجود السلطنة العثمانية تكمن في تطوير الحياة والعمران في لبنان، بما فيها خط سكك الحديد ودور العبادة لمختلف الطوائف والمذاهب، والمدارس والمقار الحكومية والمصانع".

وقال رئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية في لبنان، عماد الحوت، في بيان، إن "الدولة العثمانية هي جزءٌ من تاريخنا الذي نعتز به ونفتخر، وأقامت حضارةً احترمها القاصي والداني في تلك الأيام، فجاءتنا بالكهرباء وشبكة القطارات والمدارس والمستشفيات وغير ذلك مما نعاني من افتقاده اليوم".

وأضاف الحوت، وهو نائب سابق في البرلمان، أن "الدولة العثمانية لم تكن يومًا دولة إرهابية أو دولة احتلال، والإرهاب الحقيقي في ذاك الزمان كان الاحتلال الفرنسي، الذي انتفضت في وجهه جميع المكونات اللبنانية، فكانت ثورة الاستقلال التي نحتفل بها كل عام".

بدوره، قال المفتش العام للأوقاف الإسلامية بلبنان، الشيخ أسامة حداد: "لم تكن الدولة العثمانية دولة محتلة لبلادنا.. بل كانت تحكم هذه البلاد كونها بلادًا واحدة"، بحسب تدوينة على صفحته بـ"فيسبوك" حظيت بعشرات المشاركات.

وتابع حداد: "الدولة العثمانية هي التي بنت فيها (الدول الإسلامية) الكثير من المباني والجسور والمدارس والحدائق العامة.. واليوم لا يستطيع البعض تصليح سكة الحديد التي بنتها الدولة العثمانية منذ ما يزيد عن مئة عام".

وأردف أن "عدد المسيحيين في الشرق الأوسط في ظل الدولة العثمانية كان حوالي ثلاثمائة مليون، بينما اليوم لا يزيد عن ثلاثين مليونًا فمن هجرهم؟؟ العثمانيون أم تلك الدول الغربية التي تدعي نصرة الأقليات".

ونشر نائب رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في لبنان، عبد اللطيف الداعوق، صورة عن لبنان في عهد الدولة العثمانية تظهر القطار في بيروت، وصورة أخرى عن لبنان اليوم تظهر سكة القطار العثماني وقد انهارت بسبب حادث سير.

وكتب الداعوق: "خطوط سكك الحديد الساحلية والداخلية التي أنشأتها دولة الخلافة، وبعد مئة عام، لا قطار ولا سكك وانهيار في البنى التحتية ومديونية عالية ونظام سياسي طائفي فاشل وأزمات شتى بين نفايات وكهرباء وصرف صحي".

وأطلق نشطاء على "تويتر" وسمًا (هاشتاغ) بعنوان #أيام_العثمانيين، قارنوا فيه بين حال لبنان في عهد الدولة العثمانية وحاله اليوم.

وقال وسام حجار: #أيام_العثمانيين ما كانت العالم تتظاهر أمام السفارات بدها تهاجر (ترغب في الهجرة).

وكتب فخر الأيوبي أن "السراي الحكومي ووزارة الداخلية والصنايع والأشرفية ووسط بيروت والمرفأ كلها مبان شيدت #أيام_العثمانيين أنتو شو عملتو؟!".

وقالت هبة عنتر: "#أيام_العثمانيين كانو الناس عايشين بكرامة".

وأصدرت وزارة الخارجية التركية بيانًا قالت فيه إن عون أدلى بتصريح بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس لبنان، تضمن إشارات كيدية ومغرضة تتعلق بالعهد العثماني واتهامات بممارسة الإمبراطورية العثمانية إرهاب دولة في لبنان، "وهو ما ندينه بأشد العبارات ونرفضه برمته".

وأضافت: "إن هذا التصريح الصادر عن الرئيس عون بعد مرور أسبوع على الزيارة التي أجراها السيد مولود تشاووش أوغلو وزير الخارجية للبنان، لا ينسجم مع العلاقات الودية القائمة بين البلدين، وهو تصريح مؤسف للغاية وغير مسؤول".

وتابعت: "تفتخر الجمهورية التركية وتعتز بكونها وريثة الإمبراطورية العثمانية. ولا يوجد "إرهاب دولة" في تاريخ الإمبراطورية العثمانية. وعلى عكس ما تم الزعم به، فقد كان العهد العثماني عهد استقرار في الشرق الأوسط دام طويلاً".

وأكّدت أنه "في هذا العهد ساد العيش المشترك بين المجتمعات المختلفة دينياً ولغوياً في أجواء ملؤها التسامح. وعقب الحرب العالمية الأولى انقسمت هذه المنطقة إلى مناطق نفوذ استناداً إلى سايكس بيكو، ولم تنعم بالسلام مرة أخرى".

واستطردت: "كما أن بذور المشاكل التي ينجم عنها الفوضى في أيامنا هذه زُرعت في تلك الفترة".

وشدّدت على أن "قيام الرئيس عون بتحريف التاريخ من خلال الهذيان، وتجاهله كافة الأحداث التي وقعت في عهد الاستعمار الذي يعتبر مصدراً لكافة المصائب التي نراها اليوم، ومحاولته تحميل مسؤولية هذه الأمور للإدارة العثمانية، ما هو إلا تجل مأساوي لحب الخضوع للاستعمار".

وبيّنت أن "هذه المقاربة التي تفتقر إلى الوعي لا ولن تلقى ما يقابلها في المفهوم الموضوعي للتاريخ ولا في ضمائر شعوب المنطقة".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!