أوفق أولوتاش – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

مضى 4 سنوات على الاحتجاجات السلمية التي انطلقت في درعا على الحدود السورية الأردنية، وقد انتقل شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" من تونس إلى جدران درعا بعد عدة أشهر فقط، وبعد ذلك وصل هذا الشعار إلى ميدان التحرير في مصر، وقد عاش المصريون والتونسيون ولو بصورة نسبية حلم إسقاط الأنظمة الظالمة، لكن سرعان ما اضطر حزب النهضة إلى الانسحاب التكتيكي في تونس، كما يعيش الإخوان المسلمين اليوم في مصر تحت الضغوط وفي السجون، ليتحول شعار الناس إلى "ليسقط حُكم العسكر".

وقد بدأ الحراك في كل من ليبيا واليمن والبحرين متخذين من تونس مصدر إلهام، لكن ذلك الحراك اتخذ طرقا متنوعة في تلك البلدان، فقد تدخل الغرب في ليبيا، واليوم أصبحنا لا نستطيع تصوّر حجم التدخل السافر للغرب في ليبيا، وذلك لأنّ ليبيا كانت دولة غنية، والغرب يريد الاستيلاء على خيراتها، وذلك من خلال إشغال الناس في حروب دموية بين بعضهم البعض بعد إسقاط القذافي، وقد حاول الخليج إحداث انقلاب هناك، لكنه لم ينجح، واليوم نشاهد الطيران المصري والإماراتي في سماء ليبيا.

من الثورات إلى الانقلابات

عاش اليمن حراكا فريدا من نوعه، لتحصل عليه من خلاله توكل كرمان على جائزة نوبل للسلام، لكن الخليج لعب لعبة قمار خطيرة في اليمن، وعلى رأسهم السعودية، فالذين وقفوا ضد التغيير الحاصل في مصر، غضوا البصر عن تغلغل الحوثيين وانتشارهم في اليمن، ليكون ذلك الانقلاب الثاني (حتى لو لم يكن عسكريا) الذي يحصل بعد الثورات العربية.

تقف سوريا موقفا استثنائيا في هذا الحراك، فقد تم النظر إلى مطالب الشعب على أنها مؤامرة، وبقوا خائفين من النظام السوري، ونسي المجتمع الدولي هدفه، وحسب فاتورة الأمم المتحدة فقد تسبب ذلك بفقدان 220 ألف شخص لأرواحهم، وإصابة مئات الآلاف، ولجوء الملايين إلى الخارج.

عند النظر إلى ما حدث في سوريا منذ آذار/مارس 2011 وحتى الآن، ندرك تماما أنّ الشعب كان محقا في طلبه بإسقاط النظام، بمعنى آخر، إنّ المجازر والفظائع التي ارتكبها نظام الأسد تثبت أحقية ومشروعية مطالب الشعب السوري، وعدم مشروعية النظام القائم. بشار الأسد أخذ ميراث والده الدموي، واستمر به ليحرق سوريا، فالأسد قتل الشعب، والمجتمع الدولي اكتفى بالمشاهدة.

الشعب السوري يقاوم

يجب عليّ هنا التذكير بنقطة لطالما ركزت عليها خلال الأربع سنوات الماضية، لا يتمثل الأمر الصعب في موضوع المعارضة والمقاومة السورية لنظام الأسد على مدار 4 سنوات ببقائه في سدة الحُكم، لأن نجاح المعارضة يتمثل في بقائها 4 سنوات وهي تحارب النظام برغم إمداد الأخير بالسلاح من روسيا وإيران وبرغم مساندته من قوات وجنود وعساكر حزب الله وإيران الذين يقاتلون المعارضة باسم النظام السوري، فهذا هو نجاح المعارضة التي لم تتلق الدعم الكافي من المجتمع الدولي، وبرغم ذلك بقيت صامدة في وجه كل القوى على مدار أربع سنوات، ولم أضف إلى ذلك بلاء داعش، التي أحدثت ضررا بليغا بالمعارضة، ولو أنها –أي داعش- اتخذت من النظام هدفا لها لكانت المعادلات اليوم مختلفة تماما.

مرت أربع سنوات على تعذيب أطفال درعا، وما زالت مجازر النظام مستمرة، وما زال المتجمع الدولي صامتا، وما يزال الدعم اللامحدود من روسيا وإيران وحزب الله مستمرا، وهذا الوضع سيستمر على ما يبدو حتى يستنزف أحد الطرفين الطرف الآخر.

عن الكاتب

أفق أولوطاش

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس