ترك برس

تختلف آراء الخبراء الاقتصاديين حول أسباب تذبذب سعر صرف الليرة التركية أمام العملات الرئيسية، واحتمالات تكرر أزمة عام 2018 مرة أخرى.

ويشير تقرير في صحيفة "عربي21"، إلى أن تذبذب سعر صرف الليرة التركية خلال الأيام الماضية أثار علامات استفهام كثيرة في الأوساط الاقتصادية، بالتزامن مع تطورات الأوضاع العسكرية في سوريا، وبوادر توتر في العلاقات التركية الروسية.

وتقول الصحيفة إنه رغم تأرجح سعر صرف الليرة التركية أمام الدولار في نطاق العشرة قروش (بين 5.9 إلى 6 ليرات للدولار)، إلا أنه أثار تساؤلات واسعة، وأعاد للأذهان أزمة العملة التركية في العام 2018، ومدى إمكانية تكرارها مرة أخرى.

وقالت وكالة رويترز، إن تراجع الليرة جاء مدفوعا بتنامي قلق المستثمرين من تصاعد في العنف بين قوات النظام السوري المدعومة من روسيا والجيش التركي في شمال غرب سوريا، على خلفية مقتل خمسة جنود أتراك، الاثنين، في ثاني هجوم دام على القوات التركية في محافظة إدلب السورية خلال أسبوع.

لكن الخبير الاقتصادي، ورئيس قسم الاقتصاد الإسلامي بجامعة صباح الدين زعيم بإسطنبول، عبد المطلب إربا، اعتبر أن ما يحدث لليرة صعودا وهبوطا أمرا اعتياديا في أسواق الصرف، مؤكدا أن المعدل الطبيعي الذي تستهدفه الحكومة لسعر صرف عملتها الوطنية يتراوح بين 5.50 إلى 6 ليرات.

وعن علاقة تطورات الأوضاع في سوريا وبوادر توتر في العلاقات بين أنقرة وموسكو وانعكاسه على الليرة التركية، أكد إربا -وفق "عربي21"- أن استجابة العملة الوطنية للأحداث والمتغيرات السياسية الخارجية تراجع بشكل كبير عما كان في السابق.

وأضاف: "كما أن الخلاف الروسي التركي لا يؤثر على الاستقرار الاقتصادي لتركيا خاصة وأنه لا توجد علاقة قوية مباشرة بين اقتصاد البلدين (...) بالعكس موسكو هي التي تحتاج إلى أنقرة للمحافظة على المصالح الاقتصادية الروسية مع تركيا".

وتابع: "رغم تصاعد الأحداث الإقليمية واشتعالها بالمنطقة، لا تزال الليرة التركية في الحدود الآمنة والطبيعية لسعر صرفها مقابل العملات الأخرى، ولم يعد الشعب التركي قلقا بشأن تأثير الأحداث السياسية على عملته الوطنية، ويتعامل مع صعود وهبوط الليرة بشكل اعتيادي".

وأوضح الخبير الاقتصادي أن مؤشرات الاقتصاد التركي في تحسن ملحوظ، خاصة في ظل استمرار تدفق الاستثمارات الأجنبية وهجرة رؤوس الأموال العربية والإسلامية التي يرى أصحابها في تركيا ملاذا آمنا من التقلبات السياسية التي تعاني منها بلادهم.

وأردف: "كما أن هناك توجها عاطفيا من قبل العديد من المستثمرين في الدول الإسلامية المختلفة لاستثمار أموالهم في تركيا وهو ما يساهم بشكل كبير في دعم الاقتصاد التركي".

وكانت الحكومة التركية قد استحدثت قوانين وقواعد تنظيمية جديدة بأسواق المال، بعد أزمة الليرة الي شهدتها خلال العام 2018 وتسببت في تراجع قيمتها بنحو 30 بالمئة، ساهمت إلى حد كبير في تحقيق استقرار للعملة.

وقبل أسبوعين، قال وزير المالية التركي براءت ألبيرق، في مقابلة مع صحيفة نيكي اليابانية الاقتصادية، وفقا لرويترز، إن الاستقرار المالي مسألة أمن قوي، وسعر صرف الليرة مقابل الدولار عند مستوى تنافسي مع الدولار يتراوح بين 5.7 و5.9، في ظل التطورات في الواردات والصادرات وكذلك التوازن في عجز ميزان المعاملات الجارية.

وردا على سؤال عما إذا كان بيع الدولار وسيلة تدعم بها الحكومة العملة، قال ألبيرق إن البنوك الحكومية تسعى إلى تحقيق المصلحة العامة والربحية، مضيفا أن التحول إلى النظام الرئاسي التنفيذي في 2018 جعل البنوك أطرافا أكثر نشاطا في السوق.

وأشار إلى أن جميع البنوك الحكومية، والبنوك الخاصة، والبنك المركزي وغيرها من المؤسسات أصبحوا لاعبين أكثر نشاطا في هذا الهيكل الجديد كأصحاب مصلحة أقوياء ويتحركون بطريقة أكثر انسجاما وتنسيقا من أجل تحقيق الاستقرار المالي.

واستطرد: "في إطار قواعد السوق الحرة، تسعى البنوك الحكومية إلى تحقيق كل من المصلحة العامة وكذلك الربحية وسيستمر الأمر على هذا النحو".

ومن ناحيته، أرجع المحلل المالي، هيثم المنياوي، في تصريحات خاصة لـ"عربي21" هبوط الليرة لأدنى مستوى لها في 9 أشهر، إلى اعتزام البنك المركزي التركي الاستمرار في خفض أسعار الفائدة.

وقال المنياوي، إن البنك المركزي التركي خفض أسعار الفائدة 12.75 بالمئة خلال الأشهر الستة الماضية، مضيفا: "منذ تموز/يوليو الماضي وحتى آخر اجتماع له في كانون الثاني/ يناير الماضي انخفضت أسعار الفائدة من 24 بالمئة إلى 11.25 بالمائة".

ويتوقع بنك "غولدمان ساكس" أن يواصل البنك المركزي التركي خفض الفائدة إلى أقل من 10 بالمائة في غضون الأشهر المقبلة بتوجيهات من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!