إسماعيل ياشا - أخبار تركيا

الانتخابات البرلمانية التركية التي ستجرى في السابع من يونيو / حزيران المقبل ستشهد منافسة من نوع آخر بين حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، وبين حزب الشعوب الديمقراطي الذي يعتبر جناحا سياسيا لحزب العمال الكردستاني. وكلما يقترب موعد الانتخابات تشتد هذه المنافسة وتنعكس ضراوتها على تصريحات قادتهما.

حزب الشعوب الديمقراطي كان يكتفي في الانتخابات بالحصول على أصوات القوميين الأكراد التي تشكل حوالي خمسة بالمائة من أصوات الناخبين، وكان مرشحوه يخوضون الانتخابات كمستقلين لتفادي حاجز 10 بالمائة. ولكنه غيَّر إستراتيجيته في هذه الانتخابات وقرَّر أن يخوض مرشحوه الانتخابات البرلمانية ضمن قوائم الحزب أملا في تجاوز نسبة 10 بالمائة هذه المرة. وشجَّع الحزب على اتخاذ مثل هذا القرار حصول رئيسه صلاح الدين دميرطاش على ما يقارب 10 بالمائة في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في العاشر من أغسطس / آب العام الماضي.

أصوات القوميين الأكراد لا تكفي لحزب الشعوب الديمقراطي ولا بد من أن ينفتح الحزب على تيارات أخرى قريبة منه وأن يحصل على نسبة أخرى من الأصوات تمكنه من تجاوز حاجز 10 بالمائة ليدخل البرلمان التركي. وأقرب شريحة يمكن أن يحصل على أصواتها هي الجماعات العلوية والمجموعات اليسارية المنزعجة من سياسات حزب الشعب الجمهوري.

قبل أيام، التقى وفد من اتحاد العلويين في أوروبا رئيس حزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرطاش. وقال أحد أعضاء الوفد الذي جاء من ألمانيا: “إننا نرى تجاوز حزب الشعوب الديمقراطي حاجز 10 بالمائة أمرا بالغ الأهمية لكي لا تتحقق دكتاتورية أردوغان والسلطنة التي يسعى إليها ولكي لا تكون المرحلة القادمة سوداء مثل السنوات الــ12 الأخيرة ولكي لا يموت أبناؤنا في الشوارع.”

بالإضافة إلى نسبة من العلويين، هناك نسبة أخرى من اليساريين يرون ضرورة حضور حزب الشعوب الديمقراطي في تشكيلة البرلمان القادمة لعرقلة مساعي حزب العدالة والتنمية الرامية إلى صياغة دستور جديد والانتقال من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي. ويعتقد هؤلاء الذين كانوا يصوتون حتى اليوم لصالح حزب الشعب الجمهوري أن هذا الأخير لن يخسر شيئا كثيرا إن فقد من شعبيته 2 أو 3 بالمائة ولكن هذه النسبة كفيلة بنجاح حزب الشعوب الديمقراطي في تجاوز حاجز 10 بالمائة في الانتخابات البرلمانية المقبلة.

حزب الشعوب الديمقراطي يقدم نفسه إلى العلويين واليساريين المنزعجين من سياسات حزب الشعب الجمهوري كبديل يمكن أن يلعب دورا هاما في منع أردوغان من تحقيق أهدافه، ليكسب ثقتهم وأصواتهم، وينعكس هذا الموقف على تصريحات قادة الحزب.

هناك قلق في حزب الشعب الجمهوري من ارتفاع شعبية حزب الشعوب الديمقراطي في صفوف العلويين وبعض الأطراف التي كانت تدعم دائما حزب الشعب الجمهوري. ولذلك بدأ قادة حزب الشعب الجمهوري يوجِّهون انتقاداتهم إلى حزب الشعوب الديمقراطي ويتهمونه بالاتفاق مع حزب العدالة والتنمية. ويحاول رئيس حزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرطاش ألا يفقد ثقة العلويين والتيارات اليسارية المعادية لأردوغان، وبالتالي يرفض هذه الاتهامات من خلال تصريحات نارية ضد رئيس الجمهورية، متجاهلا دور أردوغان في إطلاق عملية السلام الداخلي وحل كثير من مشاكل الأكراد.

ويواصل دميرطاش هجومه الحاد على أردوغان، كما فعل في كلمة ألقاها باحتفالات عيد النوروز في إسطنبول، وزعم فيها أن أردوغان يعاني من عزلة ويعيش وحيدا بينما يقف معهم ملايين من الناس، ناسيا أنه حصل في الانتخابات الرئاسية على أقل من 10 بالمائة (3.958.048 صوتا) في مقابل حوالي 52 بالمائة (21.000.143 صوتا) التي حصل عليها منافسه أردوغان.

دميرطاش يبذل قسارى جهده ليكسب ود أطراف كانت من أكبر أسباب تهميش الأكراد، ولكن جهوده قد تذهب سدى، وقد يفشل حزب في تجاوز نسبة 10 بالمائة، ويفقد حزب الشعب الجمهوري من شعبيته، ويستفيد حزب العدالة والتنمية من هذه المنافسة الشرسة.

عن الكاتب

إسماعيل ياشا

كاتب تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس