ترك برس

نشر موقع " نيو إيسترن أوت لوك" مقالا للمحلل الروسي، فاليري كوليكوف، عن العلاقات الأمريكية الروسية، والخطوات التي تتخذها الولايات المتحدة لمحاولة إعادة تركيا إلى الدائرة الأطلسية، وتحجيم استقلالية القرار التركي والتي بدأت مع تولي أردوغان رئاسة حزب العدالة والتنمية.

ويستهل كوليكوف مقاله بالتأكيد على أن التحالف الأمريكي التركي ولد في وقت كان فيه كلا البلدين قلقًا بشأن التوسع السوفييتي بعد الحرب العالمية الثانية. فقد كان قرب تركيا من الاتحاد السوفييتي المكان المثالي حيث يمكن لواشنطن مراقبة خصمها الرئيسي خلال الحرب الباردة. وفي المقابل، ضمنت واشنطن سلامة أنقرة بوضع أسلحة نووية في الأراضي التركية.

ولكن في العقود الثلاثة الماضية منذ نهاية الحرب الباردة، كافحت الولايات المتحدة وتركيا لتحديد المصالح المشتركة.

ووفقا لكوليكوف، تعتقد أنقرة الآن أن الولايات المتحدة قوة مزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط.

وأوضح أنه عندما بدأت الحرب في سوريا، حاولت تركيا إقناع الولايات المتحدة باستخدام القوة العسكرية للإطاحة بالأسد، أو على الأقل، منع نظامه من الوصول إلى الجزء الشمالي من البلاد. ولكن في النهاية، "لم تكن أنقرة قادرة على التلاعب بالقوة النارية الأمريكية لصالحها".

ومع تباين المصالح الأمريكية والتركية في سوريا، بدأت أنقرة في إعادة تقييم احترامها التقليدي لواشنطم في قضايا مختلفة. في السنوات الأخيرة، حاول حزب العدالة والتنمية الحاكم  تقليل الاعتماد التركي على الولايات المتحدة وتأسيس البلاد كقوة عالمية مستقلة. كما دأبت القيادة التركية على الترويج لفكرة الشرق الأوسط ما بعد الولايات المتحدة.

ويشير إلى أنه بعد ما يقرب من 18 عامًا من حكم حزب العدالة والتنمية استعدت الولايات المتحدة تركيا بالشراكة مع الأكراد السوريين، وكان هذا التغيير في الموقف مدفوعًا بتحقيق أجراه الرئيس التركي عن محاولة انقلاب قام بها أنصار غولن في الجيش التركي في عام 2016، وفي الدور البغيض الذي قامت به واشنطن في القضية بأكملها.

وهكذا بدأت أنقرة في استكشاف الشراكات مع اللاعبين الإقليميين والعالميين الآخرين مع التركيز بشكل خاص على إقامة علاقات أوثق مع روسيا.

ويذكر كوليكوف أن القادة السياسيين الأمريكيين وخبراء الأمن القومي كانوا  يعتقدون  أنه على الرغم من عداء أنقرة لواشنطن، فما تزال النخب التركية تنظر إلى الولايات المتحدة كحليف لا غنى عنه، ولكن بعد ذلك بدأ أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم في تبني سياسة خارجية أكثر حيادا.

 وفقًا للخبراء الأمريكيين، لم تعد القيادة التركية تعتبر علاقتها بواشنطن ذات قيمة كما تعتقد واشنطن، بالإضافة إلى ذلك، فإن أنقرة مستعدة لوضع مصالحها الأمنية الوطنية فوق  المصالح الأمريكية وإعطاء الأولوية لعلاقتها مع روسيا.

ويضيف أن تركيا أظهرت في الآونة الأخيرة استعدادًا متزايدًا للعمل بشكل مستقل وحتى ضد المصالح الأمريكية.

ويلفت إلى أن خبراء أمريكيين بدأوا في التوصية بأن يتخذ البيت الأبيض إجراءات صارمة ضد تركيا ردًا على ذلك. ومن ذلك على سبيل المثال أن تدعم واشنطن المعارضة داخل تركيا بشكل أكثر صراحة، وفرض عقوبات ضد أنقرة، وحتى طردها من الناتو وسحب القوات الأمريكية من أراضيها.

ومن أجل إعادة "حليفها العنيد" إلى الخط، اتخذت واشنطن بالفعل عدة خطوات علنية مناهضة لتركيا.

ومن هذه الخطوات القرار الذي أصدره  مجلس النواب الأمريكي في عام 2019، بالاعتراف بمزاعم إبادة الأرمن الذي كان ضربة خطيرة ليس فقط للنخب السياسية في تركيا ولكن أيضًا لمواطنيها العاديين.

كما تم استبعاد تركيا أيضًا من برنامج F-35 بسبب شرائها منظومة S-400 الروسية. وانتقدت وسائل الإعلام الأمريكية والساسة الأمريكيون أنقرة بسبب تدخلها العسكري في سوريا، وجهودها لتعزيز سياساتها الخاصة في استخدام مياه الفرات ودجلة، نشر قواتها في ليبيا، ومحاولاتها استخرج الغاز في البحر المتوسط.

في النهاية، تقرر أن تركيا بحاجة إلى استيفاء الشروط الأمريكية الآتية:

- وقف العمليات العسكرية في شمال شرق سوريا وتغيير سياساتها تجاه "الأكراد السوريين" (المقصود تنظيم "ي ب ك").

- إلغاء شراء أنظمة صواريخ S-400 من روسيا.

- إلغاء اتفاقها البحري مع ليبيا.

ويعلق كوليكوف بأن أنقرة تدرك أن هذه الخطوات التي اتخذتها واشنطن، هي محاولة أمريكية لإنشاء منطقة نزاع أخرى لتركيا بالإضافة إلى سوريا وليبيا، وإظهار القيمة الحقيقية لـ "احتضانها الودي". لحليف الناتو.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!