ترك برس

نشر موقع "قنطرة" تقريرا للكاتبة الألمانية، ماريان بريمر، عن الأسباب التي جعلت المسلسلات التركية تتمتع بشعبية كبيرة في العالم العربي وباكستان ودول أمريكا اللاتينية، بحيث أصبحت أقوى أسلحة القوة الناعمة التركية، على حد قول الكاتبة.

ويستهل التقرير بأن رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان، عندما حث الباكستانيين على مشاهدة المسلسل التلفزيوني "قيامة أرطغرل" الذي يستند إلى حياة أرطغرل غازي والد عثمان مؤسس الإمبراطورية العثمانية، قائلا إنه يجسد القيم الإسلامية النموذجية، لم يكن لديه فكرة عن الحركة الجماهيرية التي سيطلقها المسلسل.

وجدت مشاهد المسلسل طريقها إلى ملايين المنازل الباكستانية، إذ أمضت أسر بأكملها أسابيع في التهام القصص الدرامية، على الرغم من مشاهد القتال. وبحلول الأسبوع الأخير من رمضان، بلغ عدد المشاهدين أكثر من 130 مليون مشاهد في جميع أنحاء باكستان. وحصد المسلسل ملايين المشاهدات على صفحة قناة PTV على يوتيوب.

وتقول الكاتبة إن من بين التفسيرات المحتملة لشعبية المسلسل هو أن أرطغرل يقدم للجمهور الباكستاني بديلًا مُنتجًا بجودة عالية لهوليوود وبوليوود، إذ يمكن للباكستانيين أن يتعرفوا على الشخصيات في الدراما بسهولة أكبر من النجوم الأمريكيين: من بطولة الزعيم القوي الذي يستمد شجاعته وثباته من إيمانه الإسلامي، إلى الفساتين المطرزة الملونة، والتي تشبه الزي التقليدي من بلوشستان في جنوب غرب باكستان.

وتضيف أن المسلسل يتحدث عن الحساسيات الإسلامية للأغلبية المسلمة في باكستان التي تتطابق مع سلوك الأبطال المتدينين، على الرغم من أن هذا أدى إلى بعض الخلافات الغريبة التي تتعلق بالفرق بين شخصية الممثلة إسرا بيلغيتش في الواقع ودور حليمة خاتون في المسلسل.

في باكستان، أصبح المسلسل أيضًا شاشة يمكن من خلالها استحضار عموم المسلمين لمجتمع مسلم يتجاوز الحدود ويشترك في مصير مشترك. وقد عكس ذلك شوق باكستان، بعد سنوات من اعتبارها دولة إرهابية، إلى العظمة الثقافية والتاريخية التي ظهرت في قصائد الشاعر الوطني محمد إقبال.

وتشير إلى أن الرئيس أردوغان يتمتع أيضا بشعبية كبيرة بين الباكستانيين، فقد أشادت وسائل الإعلام الباكستانية بأردوغان كزعيم مسلم قوي، يقوم بحملة لصالح المسلمين المضطهدين بين الروهينجا وفي كشمير وفلسطين.

ولم يكل محبو أرطغرل من الباكستانين من الإشارة  إلى التقاطعات التاريخية بين البلدين، وقبل كل شيء حركة الخلافة، وهي حركة سياسية بين المسلمين البريطانيين الهنود، والتي سعت إلى إعادة الخلافة العثمانية بعد سقوطها.

ووفقا للكاتبة، فإن مسلسل أرطغرل رمز لجهود تركيا لوضع نفسها كقوة ناعمة تتجاوز القوة الثقافية للغرب. وعلى نفس المنوال، افتتحت تركيا فروعًا لمعهد يونس إمرة في الدول الإسلامية منذ عام 2007، لتدريس اللغة التركية وترويج الثقافة التركية في الخارج. لكن أقوى سلاح لها في قوتها الثقافية هي المسلسلات التي أصبحت الثانية بعد هوليود كمُصدِر للمسلسلات التلفزيونية.

وتلفت إلى أن من أسباب نجاح المسلسلات التركية أنها تستعمل أسلوبًا مسرحيًا تركيًا نموذجيًا، جنبًا إلى جنب مع القصص المصورة والموسيقى التصويرية المحلية، وتقدم الجانب الجذاب لإسطنبول في الخلفية بشكل عام.

وعلى عكس المسلسل الأمريكي، لا تحتفل الإنتاجات التركية بالفردية والاختلاط، وبدلًا من ذلك تأخذ قصصها العائلية التقليدية وعلاقاتها الودية مع الإسلام أساسا لها.

حققت المسلسلات التلفزيونية التركية نجاحًا دوليًا لسنوات، خاصة في البلقان ودول الخليج، وفي دول مثل روسيا والصين وكوريا وفي دول أمريكا الجنوبية أيضا.

ورأت الكاتبة أن نجاح المسلسلات التركية في أمريكا اللاتينية يمكن تفسيره بالتشابه الثقافي، في حين أن نجاحها في البلدان العربية تعبير عن التوق إلى نمط حياة أكثر ليبرالية، ولكن مع أساس الثقافة الإسلامية.

ولفتت إلى إن مسلسل "حريم السلطان" رغم عدم رضى الرئيس أردوغان عنه بسبب تشويهه للتاريخ العثماني، شاهده أكثر من نصف مليار مشاهد حول العالم. ولم يكن المسلسل مربحًا فقط لتركيا من حيث أرقام المشاهدة. فمع تزايد شعبيته، تجاوز عدد السياح العرب الذين يزورون إسطنبول كل الأرقام السابقة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!