ترك برس

يعتزم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، إحياء الذكرى الـ 19 لتأسيسه، يوم الجمعة 14 أغسطس/آب، وذلك بعد أن أمضى في السلطة،  18 عاماً دون انقطاع، شهدت المزيد من الاستحقاقات والنجاحات، إلى جانب تحدّيات مختلفة ذات هدف مشترك وهو إقصاء "العدالة والتنمية" عن السلطة.

وظهر "العدالة والتنمية" لأول مرة بهذا الاسم على مسرح السياسة التركية في 14 أغسطس/آب 2001، بزعامة المؤسس، رئيس الجمهورية التركية الحالي رجب طيب أردوغان، ومنذ ذلك الحين والحزب يسير وفق المبادئ والأهداف التي رسمها.

لم يخلُ تاريخ "العدالة والتنمية" الحافل بالاستحقاقات والنجاحات، من تحديات كانت بعضها مصيرية بالنسبة له، حيث تعرض الحزب لخطر الحظر.

أولى هذه التحديات تمثلت في تعرّض الحزب، في 17 مايو/أيار عام 2006، إلى هجمة معادية تمثلت بمقتل عضو الدائرة الثانية للمحكمة الادارية العليا "مصطفى يوجيل أوزبيلغين"، وإصابة 4 أعضاء بينهم رئيس الدائرة "مصطفى بيردان"، في هجوم مسلح نفّذه المحامي "ألب أرسلان أرسلان"، بحسب ما أورده تقرير لـ "الأناضول."

وعلى خلفية ذلك عمد أعضاء كل من المحاكم الدستورية والإدارية والمالية والقضاء العسكري وممثلي نقابة المحامين الأتراك وعدد من القضاة والمدعين العامين وعمداء الجامعات والأكاديميين إلى زيارة ضريح مؤسس الجمهورية التركية "مصطفى كمال أتاتورك"، وقراءة بيان يُحمّل الحكومة التركية مسؤولية مقتل "أوزبيلغين"، الأمر الذي وصفته الحكومة بأنه محاولة لإسقاطها والإخلال بالاستقرار في البلاد.

وفي 16 مايو/أيار 2007 أكمل حزب العدالة والتنمية دورته الخامسة على رأس السلطة، وبدأت تركيا في ذلك الوقت استعداداتها لانتخاب رئيس الجمهورية الحادي عشر خلفًا لرئيس البلاد آنذاك، أحمد نجدت سيزار، وكان نجاح مرشح الحزب شبه مؤكّد وفقاً للغالبية البرلمانية التي كان يملكها وقتها، الأمر الذي دفع بعض الأطراف إلى تنظيم "تجمعات الجمهورية" الرامية لإفشال ذلك.

ونُظّم أول تجمّع في هذا الإطار يوم 14 أبريل/نيسان عام 2007 في العاصمة التركية أنقرة قبل أسبوعين من الانتخابات الرئاسية، فيما جرى تنظيم التجمع الثاني في ميدان "جاغلايان" في إسطنبول يوم 29 من الشهر ذاته، والثالث والرابع في مدينتي مانيسا وجناق قلعة يوم 5 مايو/أيار، والخامس في إزمير يوم 13 مايو/أيار.

وفي 27 أبريل/ نيسان 2007 عقدت الجمعية العامة في البرلمان التركي اجتماعًا للتصويت على انتخاب الرئيس الحادي عشر للبلاد، وحصل خلالها المرشح الوحيد "عبدالله غل" على أصوات 357 نائبًا من أصل 361 شاركوا في التصويت إلا أن ذلك لم يكن كافيًا لاختياره في الجولة الأولى لعدم تحقيق العدد المطلوب وهو 367 صوتًا.

وتقدم حزب الشعب الجمهوري (أكبر أحزاب المعارضة التركية) بطلب إلى المحكمة الدستورية لإلغاء الجولة الأولى من التصويت بدعوى أن العدد 367 عضوًا ليس نصاب القرار فقط، وإنما نصاب الإجتماع في نفس الوقت، وفي سابقة من نوعها وافقت المحكمة الدستورية على الطلب.

وعقب التصويت في الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية، نشرت رئاسة الأركان التركية منتصف الليل مذكرة على موقعها الالكتروني، جاء فيه أن "الأزمة التي ظهرت خلال الانتخابات الرئاسية تركّز على نقاش العلمانية، وهذا يُشكل مصدر قلق لدى القوات المسلحة التركية التي تعتبر طرفًا في هذا النقاش كونها المدافع الرئيسي عن العلمانية، وتعارض بشكل قطعي كافة التعليقات السلبية، إذ ستتخذ موقفًا واضحًا وصريحًا في هذا الصدد إذا لزم الأمر".

وأثارت المذكرة التي عُرفت بعد ذلك بـ "المذكرة الإلكترونية"، رد فعل عنيف من قبل حكومة "العدالة والتنمية"، التي وصفها المتحدث باسمها آنذاك، جميل جليك بأنها "موقف معارض للحكومة"، مؤكّدًا أن هذا الموقف لا يمكن أن يرد في دولة الحقوق والديمقراطية وخاصة على لسان مؤسسة كرئاسة الأركان التي تتبع لرئاسة الوزراء.

واعتبر جليك أن التوقيت الذي صدر فيه البيان "له مغزى"، قائلا إن "نشر بيان كهذا خلال مرحلة الانتخابات الرئاسية، وفي منتصف الليل، مثير للقلق، وسيتم اعتباره كمحاولة للتأثير على القضاء الأعلى لكونه ظهر بالتزامن مع نقاشات المحكمة الدستورية".

وجرى انتخاب عبد الله غل رئيسًا للجمهورية التركية عن طريق البرلمان في 28 أغسطس/آب 2007.

وفي 14 مارس/آذار عام 2008 أعد عبد الرحمن يلجين قايا، المدعي العام التركي الأول في المحكمة القضائية العليا بأنقرة، لائحة اتهام بحق 71 شخصًا بينهم الرئيس غل، ورئيس الوزراء آنذاك رجب طيب أردوغان، تطالب بحظر نشاطهم السياسي لمدة 5 أعوام وإغلاق حزب العدالة والتنمية، وقدّمها للمحكمة الدستورية التي وافقت على النظر فيها يوم 31 من الشهر ذاته.

وفي 30 تموز/يوليو عام 2008 صوت 6 من أعضاء المحكمة الدستورية لصالح الدعوى مقابل معارضة 5 آخرين ضدها، إلا أنها رفضت طلب إغلاق الحزب لعدم تحقيق الغالبية الساحقة التي يستدعي الدستور التركي تحقيقها للإقرار.

وبحلول 7 شباط/فبراير عام 2012 استدعى المدعي العام التركي في إسطنبول، صدر الدين صاري قايا، عددًا من رجال جهاز الاستخبارات التركي وفي مقدمتهم رئيس الجهاز، هاقان فيدان، للتحقيق معهم، إلا أن الحكومة التركية تدخلت بسرعة للحيلولة دون حدوث أزمة كبيرة، على يد تنظيم "فتح الله غولن" الإرهابي.

وفي ليلة 27 مايو/أيار عام 2013، اندلعت شرارة أحداث "غزي بارك" في إسطنبول إثر اقتلاع بعض الأشجار من منتزه "غزي" المطل على ساحة تقسيم العريقة في قلب إسطنبول، في إطار مخطط لإعادة تأهيل المنطقة، وتصاعدت حدة الاحتجاجات في الأول من حزيران/يونيو 2013، وامتدت إلى مدن أخرى، رافقتها أحداث شغب قامت بها بعض التنظيمات لإيقاف المشاريع والاستثمارات الكبيرة وإسقاط الحكومة التركية، إلا أن الأخيرة تمكنت من تجاوز تلك الأزمة، التي كلّفت تركيا نحو 50 مليار دولار.

ولا شك أن أبرز التحديات والمخاطر التي واجهها "العدالة والتنمية"، هي محاولات الانقلاب على يد القضاء في الفترة بين 17-25 ديسمبر/كانون 2013، حيث اتهمت الحكومة التركية تنظيم "فتح الله غولن" بالوقوف بشكل غير مباشر وراء العملية من خلال عناصرها المتغلغلة في القضاء، وذلك في مسعى لتقويض حكومة حزب "العدالة والتنمية".

ومساء يوم 15 تموز/يوليو عام 2016، شهدت مناطق تركية عدة أبرزها العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول، محاولة انقلابية فاشلة، نفذتها عناصر محدودة من الجيش، تتبع لتنظيم "فتح الله غولن" الإرهابي، بهدف السيطرة على مفاصل الدولة، إلا أن المحاولة واجهت مجابهة شعبية واسعة بناء على دعوة من أردوغان شعبه للنزول إلى الشوارع والميادين.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!