ترك برس

في خضم استعدادهم لفصل الشتاء، يصنع سكان قرى كرمان على سفوح جبال طوروس، دبس العنب في مخابز يعود تاريخ إنشائها إلى أكثر من 200 عام.

ويعد دبس العنب المصدر الأكثر أهمية للدخل في قرى "بوستانوزو، وبوجاكيشلا، وتشوكور، وكالابا، وباير، وأضا، وأكتشالان، التي تقع على سفوح جبال طوروس، ويعود تاريخ زراعة الكروم في هذه المناطق إلى آلاف السنين، ويعد دبس العنب كذلك من الأطعمة المهمة التي يستهلكها سكان منطقة طوروس في فصل الشتاء.

وفي أثناء حصاد العنب بعد عام من الاعتناء بالكروم والداليات، ليتم تنفيذ أعمال القطف في المنطقة وليباع قسم منه ويجفّف القسم الآخر، فيما يترك جزء خصيصا لإعداد دبس سكر العنب الذي تكون له حصة الأسد من المحصول.

إليف أولوير، تصنع دبس العنب منذ سنوات في قريته "باير"، وتقول إنها وسكان المنطقة يكسبون رزقهم في الغالب من زراعة الكروم في قريتهم وبيع العنب طازجا ومجففا (زبيب) وحتى معجونا، معربة عن أن فصول الذروة في هذه الزراعة هي في شهور أيلول/ سبتمبر وتشرين الأول/ أكتوبر وتشرين الثاني/ نوفمبر في أثناء تحضير دبس السكر للعنب، ومضيفة: "نجني ثمار صناعة مربى العنب بعد عملنا على مدار العام كما فعل أجدادنا منذ قرون، ويتحمس القرويون ويجتمع الجميع لصناعة دبس العنب المشهور في مناطقنا ويشارك فيها حتى شيوخ القرية الذين يشاركوننا تجاربهم".

وأشارت أولوير، إلى أن هناك خصائص معينة لصناعة دبس العنب، ويجب الحصول على عسل أسود في البداية: "أولًا، نقطع العنب من أعواد الكرم وننقله إلى الأفران، وهنا تقوم زوجاتنا وإخوتنا بعصر العنب واستخراج الماء، ونخلط هذا الناتج مع القليل من الماء، ثم نصفيه ونغليه في فرن لنحصل على دبس خاص خلال ساعات، والتي يجب غليها باستمرار بتقنية معينة، ليتم تقديم الرغوة من الدبس كضيافة للحاضرين، حيث يُعتقد أنه كلما زاد تقديم الرغوة تزداد خصوبة الدبس، ثم يتم وضع دبس العنب في أوعية بعد أن يبرد، والدبس الذي نحضره طبيعي تمامًا دون إضافات صناعية أو حافظة، ويتراوح سعره هذا العام بين 25 و30 ليرة للتر الواحد".

وأكدت أولوير أن دبس العنب يرتبط أيضًا بثقافة قرى المنطقة، مضيفة أن: "دبس العنب عنصر مهم في حياتنا وثقافة مطابخنا حيث تجده في الحلويات لدينا عادة بدلا من السكر، ونصنع الخبز وحلوى القطايف منه، كما نخلط دبس العنب مع الطحينة (زيت السمسم) ويدخل أيضًا في صنع حلوى البيض".

ويقول مصطفى جيلان مختار إحدى قرى المنطقة، إن هناك تراجعًا في منتوج الكروم في المنطقة مقارنة بالماضي، لكنه لا يزال مصدر رزق رئيسي في المنطقة، موضحًا أنه بمجرد ذكر اسم قرية باير يتبادر إلى الذهن دبس العنب المشهور منذ سنوات  طويلة مضت، مضيفا بالقول: "إن تاريخ دبس العنب غير معروف في قريتنا لكننا عرفناه من أجدادنا الذين تعلموه هم من أجدادهم. لقد توارثنا طريقة صناعته وكيفية الحفاظ عليها، وفي بعض القرى يتم غلي دبس العنب في غلايات خاصة من النحاس، لكننا في قريتنا نفعل ذلك في أفران خاصة لغلي العسل الأسود، وباستعمال المقالي مدفونة في الأرض، وبمجرد أن نضرم النار في الفرن فإننا لا نطفئها لمدة تتراوح بين 30 و40 يومًا، يغلي الدبس في المقالي ليلا ونهارا، وبمجرد النظر من بعيد، فإن العاملين يفهمون ما إذا كان دبس السكر نضج أم لا، وهناك بعض المخابز لها تاريخ يفوق 200 عام، ويتم إصلاحها قبل بدء الموسم، والجميل في الأمر أن أهل القرية يقضون وقتًا مميزا لتحضير الدبس والجميع يساعد الجميع. أوصي الجميع بتناول دبس العنب لتقوية المناعة خاصة في هذه الظروف".

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!