ترك برس-الأناضول

بنفحات أرثها التاريخي عبر 8 آلاف عام، تحمل مدينة ديار بكر التركية بين جوانبها ثراء تعاقب عليه 33 حضارة متنوعة.

وأسوار قلعة دياربكر الواقعة جنوب شرقي تركيا، تعد ثالث أهم أسوار العالم، بعد سور الصين العظيم، وأسوار مدينة إسطنبول الشهيرة، والتي حمت المدينة العتيقة خلال حقب حضارية مختلفة.

وداخل الأسوار والقلعة تقع مبان أثرية ومتحف وحدائق، كانت ولا تزال قبلة السياح والزائرين وملتقى عشاق التاريخ والمناظر الطبيعية الخلابة، وحتى أنها تخلد فرحة المتزوجين بالتقاط الصور التذكارية.

وتضم المدينة التركية، جامع الصحابي سليمان بن خالد بن الوليد، وهو فاتح المدينة الذي استشهد في معركة الفتح عام 639 م، مع 26 صحابيا آخرين؛ فباتت قبورهم معلما هامة للزيارة وقراءة الفاتحة على أرواحهم.

** أسوار تحمل أسرارا

تقع أسوار قلعة دياربكر في منطقة "سور" بالمدينة، أحد أقدم الأحياء بها، وتضم عدة أبواب وأبراج، أبرزها باب الجبل، وباب أورفة، وباب ماردين، والباب الجديد، إضافة إلى 82 برجا تم بناؤهم في فترات زمنية مختلفة.

ويبلغ طول الأسوار نحو 5.5 كم، بارتفاع يتراوح من 10 إلى 12 مترا، حسب مسؤولي مديرية السياحة في الولاية.

ووفق مصادر تاريخية، سكن الحوريون (شعوب الشرق القديم) أسوار القلعة عام 2000 قبل الميلاد، قبل أن يتم إصلاح الأسوار عبر الأحجار البازلتية المتوفرة في المنطقة عام 330 م.

وتحمل أبراج المدينة على جدرانها كتابات ورموزا قديمة، تعود لفترة حكم الآرتوقيين والسلاجقة، وتتسم الأبراج بتمايزها المعماري المعبر عن كل حقبة تاريخية.

ويقبل الزائرون من أهل المدينة وخارجها والسياح إلى الأسوار والصعود فوق الأبراج لالتقاط الصور التذكارية، خاصة أنها تشرف على نهر دجلة والمزارع المحيطة بها في إطلالة متميزة.

** تراث إنساني فريد

وتنقل قلعة المدينة زائريها في رحلة تاريخية عابرة للأزمنة، بين الحفريات والمبان الأثرية والمتحف وجامع سليمان بن خالد بن الوليد.

القلعة التي لا يعلم من بناها بالتحديد وتاريخ بنائها، تحوي آثار الحوريين الذين سكنوا المنطقة في الفترة 3-4 آلاف عام قبل الميلاد، ولكن يعتقد في معظم المصادر أن يكون عمرها من عمر المدينة قرابة 8 آلاف عام.

وتقع القلعة على مساحة 72 ألف متر مربع، وتضم 20 برجا و4 أبواب، وقبور 27 من الصحابة والجامع، وقصر الآرتوقيين، وكنيسة قديمة، ومتحف ومستودع قديم ومبنى الجندرما القديم، و القصر العدلي القديم.

ويحتوي المتحف وحده على 36 ألف قطعة أثرية مختلفة من عدة حقب تاريخية، بجانب الحدائق التي تضم زهورا نادرة ما جعل المدينة موطنا للهدوء والاستجمام.

وخضعت القلعة إلى ترميمات وتحسينات من قبل الحكومة التركية في السنوات الأخيرة، الأمر الذي زاد من رونقها وجمالها، وحولها إلى منطقة جذب، بعد أن كانت تحيط بها منازل عشوائية.

** قبور الصحابة

ويضم جامع سليمان بن خالد بن الوليد، قبور 27 صحابيا استشهدوا في معركة فتح المدينة، ما يضيف بعدا روحانيا إلى المدينة العتيقة.

وفتح ديار بكر جاء في عام 639 م بعد 9 سنوات من فتح مكة، في حملة شارك فيها قرابة ألف صحابي؛ حيث أقام فيها عدد من الصحابة بعد فتحها فسميت مدينة الصحابة، حيث تضم عموم الولاية قرابة 500 قبر للصحابة.

وتقع مقبرة الصحابة داخل القلعة، وسمي الجامع بأسماء مختلفة مثل جامع الناصرية، والمشهد، والمرتضى، وجامع القلعة.

وفي 2015، أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) أسوار مدينة دياربكر الأثرية، ضمن قائمة اليونيسكو للتراث الإنساني.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!