ترك برس

في 19 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، وصل أول قطار بضائع انطلق من تركيا إلى الصين، بعد رحلة بدأت في 4 من الشهر ذاته، مسترجعا طريق التوابل التاريخي بين شرق آسيا وأوروبا.

و"التوابل" طريق تجاري كان يصل القارات في حضارات العالم القديم لتجارة التوابل بين آسيا والقرن الإفريقي وأوروبا.

وتمهد الرحلة التجارية الأولى عبر القطار، لعودة النشاط إلى طريق الحرير التاريخي، وأن هذا يعني تغيير النظام العالمي السائد من القرن السابع عشر إلى العكس تماما.

في حوار مع وكالة الأناضول، قال البروفيسور دوندار دميروز رئيس قسم الاقتصاد الدولي والتنمية الاقتصادية بكلية الاقتصاد جامعة إسطنبول، إن تركيا والقوقاز تشكلان أهم نقطتين بخط سكك الحديد العابر للقوقاز.

ويبدأ القطار من تركيا، مرورا بجورجيا وأذربيجان ثم تركمانستان وكل منطقة آسيا الوسطى وينتهي بالصين، "هذا الخط سيتفوق على خطوط النقل البحري وسيزيد الأهمية الاستراتيجية لطريق التوابل التاريخي".

وعلى مدار القرون الثلاثة الماضية، كانت التجارة العالمية تتم عبر المحيطات، ولذلك اكتسبت دول مثل إنجلترا وإسبانيا وهولندا أهمية كبيرة، بينما سيعكس عودة نشاط طريق الحرير القديم، النظام العالمي القائم منذ القرن السابع عشر.

وأضاف دميروز، أن تركيا والقوقاز تشكلان أهم نقطتين في هذا الخط، ولذلك وجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الأذربيجاني إلهام علييف دعوة إلى أرمينيا "للصلح"، وعرضوا عليها الاستفادة من فوائد هذا الخط.

وتابع: "ستزداد أهمية الموقع الجيوستراتيجي لشرقي المتوسط وجزيرة قبرص ولبنان وسوريا، وفي المستقبل القريب سيصبح الشرق الأوسط وتركيا وإيران في مكانة جديدة".

"لا بد من نظام دولة ينسق كل ذلك، ويمكن لتركيا عقب قضائها تماماً على منظمتي غولن وبي كا كا الإرهابيتين، أن تضمن الأمن العسكري لمنطقة القوقاز بسهولة.. الأمن الاقتصادي أيضاً مهم وسنوفره من الاستقرار في عملتنا"، وفق دميروز.

** مستقبل الدول المطلة على المحيطات

أوضح دميروز أن مشروع الحزام والطريق قد غير وجهة التجارة العالمية تماماً، ونتيجة ذلك ستزداد المدن الواقعة على تلك الطرق ثراء، وستبرز الأهمية الجيوسياسية للدول التي تضم تلك المدن.

وأضاف أن الدول المطلة على سواحل المحيطات ستضعف تدريجياً، وذلك بسبب انخفاض أهمية التجارة عبر المحيطات، "كما ستتغير المراكز المالية مع تغير طرق التجارة.. ذلك لن يتم خلال أيام بل يتطلب عقودا".

وتابع: "القطار يعني إحياء لطريقي الحرير والبهارات.. لدينا توافق استراتيجي وتجاري مع الصين.. قضية كشمير بين الهند وباكستان والصين من المناطق التي تواجه مشاكل على طريق الحرير".

** ازدياد أهمية تركيا

قال أحمد سدات آيبار، رئيس قسم التمويل الاقتصادي بكلية العلوم الاقتصادية والإدارية بجامعة آيدن، إن القطار سيزيد القوة التنافسية لتركيا من ناحية، ويقلل التكلفة مع سرعة الوصول إلى السوق، من ناحية أخرى.

ولفت آيبار إلى القطار الذي انطلق من مدينة شيان الصينية العام الماضي، ووصل إلى السوق الأوروبية مروراً بالأناضول في تركيا.

وأضاف أن وصول ذلك القطار إلى أوروبا عبر تركيا، كان جزءا من أنظمة المواصلات الحديثة والسريعة التي تم إنشاؤها في إطار مشروع الحزام والطريق، الذي أطلقته الصين بهدف إحياء طريق الحرير.

"في مقابل القطار القادم من الصين تحرك قطار الصادرات التركي، وقطع نفس المسافة في الاتجاه المعاكس، لإيصال البضائع التركية إلى السوق الصينية ما يعزز ويقوي هذه المبادرة".

وزاد آيبار: "رحلات القطارات التجارية المتبادلة التي يتم تنفيذها في إطار مبادرة الحزام والطريق، ستسهل وصول تركيا إلى سوق الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأكبر لتركيا، وسيساهم في تأسيس الشراكة التجارية المتنامية مع الصين".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!