ترك برس

مع وصول الرئيس الأمريكي، جو بايدن إلى البيت الأبيض، توالت التكهنات تلو الأخرى حول مستقبل ومسار العلاقات بين واشنطن وأنقرة، والتي انزلقت مؤخراً إلى منعطف متعرج على الرغم من رغبة الطرفين في البحث عن سبل للحفاظ على المصالح الواسعة والمتشابكة بينهما.

وفي هذا الإطار، سلّط تقرير لـ "الجزيرة نت" الضوء على أبرز القضايا التي تحدد مسار العلاقات بين البلدين الحليفين ضمن حلف شمال الأطلسي "ناتو."

ونقل التقرير عن دراسة صدرت أخيراً عن مركز خدمة أبحاث الكونغرس، وهي الجهة البحثية التي تمدّ أعضاء مجلسي النواب والشيوخ بدراسات مفصلة، أنه يمكن لواشنطن وأنقرة معالجة تبعات قضية صواريخ "إس-400"، وتحديد المدة التي تستغرقها العقوبات المفروضة على تركيا طبقا لقانون "كاتسا" وهو قانون مكافحة أعداء أميركا بالعقوبات.

وأشارت الدراسة إلى اقتراح أحد المحللين أن الولايات المتحدة قد ترجئ فرض العقوبات إذا التزمت تركيا علنًا عدم تفعيل المنظومة الروسية.

وبحسب الدراسة، فإن هناك 4 عوامل قد تؤثر في المداولات الجارية بين الدولتين، ومن شأنها وضع إطار جديد لعلاقات الدولتين:

أولاً: التطورات الداخلية التركية، وتأثير العقوبات الأميركية في الاقتصاد التركي، وصناعة الدفاع، والمكانة الداخلية للرئيس رجب طيب أردوغان، خاصة مع اتساع شعبية صفقة صواريخ "إس-400" بين النخبة التركية، وهو ما يمكن أن يستغله أردوغان لزيادة شعبيته عن طريق عزو التحديات الداخلية لتركيا إلى العقوبات الأميركية.

ثانياً: علاقات تركيا مع روسيا، إذ يبدو أن كلا الدولتين تسعى إلى تطوير العلاقات المتزايدة بينهما، التي تنبع من دعمهما مختلف الأطراف في الأزمات الإقليمية سواء في سوريا وليبيا وأرمينيا وأذربيجان. كما مثّل التعاون بينهما في مجال صناعات الدفاع والطاقة أدوات قد تستخدمها تركيا كجزء من حل وسط يُنقذ صفقة الصواريخ الروسية.

ثالثاً: النفوذ الأميركي العام على السياسة الخارجية التركية، وكيف يمكن للعقوبات المرتبطة بصفقة "إس-400" وقضية "خلق بنك" المعلقة في محكمة فدرالية أميركية التأثير في السياسات الإقليمية لتركيا، بما في ذلك نهجها التصادمي مع شركاء واشنطن في شرق البحر الأبيض المتوسط.

رابعاً: ملف طائرات "إف-35"، إذ يُطرح سؤال في حال التوصل إلى حل وسط بين الولايات المتحدة وتركيا بشأن صواريخ "إس-400"، فهل سينظر الكونغرس في تعديل تشريعاته التي تحظر طائرات "إف-35" إلى تركيا إذا استمرت في امتلاكها المنظومة الروسية؟

من جانبه استبعد مايكل روبين، المسؤول السابق بوزارة الدفاع والباحث حاليا في "معهد أميركان أنتربرايز" أن يكون لدى إدارة بايدن "إستراتيجية واضحة تجاه تركيا في هذا الوقت المبكر من الحكم"، لكنّه أشار إلى أن "بايدن وكبار معاونيه لديهم شكوك في الرئيس التركي رجب أردوغان وتعهداته".

ورأى "هاورد أيزنشتات" الخبير في الشؤون التركية بمشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط أن "إدارة بايدن تحاول جعل سياستها تجاه تركيا تبتعد عن الشخصنة التي عرفتها أثناء حكم الرئيس دونالد ترامب"، وأنها تعمل على "إعادتها إلى مسارها المؤسسي الذي يحكم عادة علاقاتها الدبلوماسية المهمة".

وأشار أيزنشتات إلى أنه "في الوقت نفسه، تدرك إدارة بايدن تمام الإدراك أن العلاقة بين الولايات المتحدة وتركيا لا تسير على ما يرام؛ فهم ليسوا متفائلين بشأن إعادة ضبطها، هم يأملون التعاون في قضايا محددة، ويعرفون أنه ينبغي وضع خطوط واضحة في القضايا التي ستتشدد فيها واشنطن تجاه تركيا"

وأوضح روبين أن قضية حقوق الانسان في تركيا "ستكون إحدى القضايا التي ستتناولها إدارة بايدن، لكنها ليست إلا مشكلة واحدة بين كثير من المشكلات؛ فالديمقراطيون والجمهوريون على حد سواء يتفقون على مجمل التحديات الهائلة في علاقات الدولتين".

ولم يستبعد أيزنشتات أن تستدعي إدارة بايدن قضايا الحريات وحقوق الإنسان في تركيا، لكنه يرى أنها "ستكون متضمَّنة في الخطاب السياسي والتصريحات الصادرة من واشنطن"، ولا يعتقد أن "حقوق الإنسان ستكون قضية مهمة في صميم العلاقة؛ فسجل تركيا في مجال حقوق الإنسان يفاقم التوترات، لكنه ليس سببا أساسيا في الخلافات بين الدولتين".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!