ترك برس

أوضح خبراء في الصناعات الدفاعية التركية، بأن شراء بولندا 24 طائرة من طراز "بايكار TB2" يبشر ببداية عصر جديد، وأن أسبابًا عديدة جعلت إحدى دول الناتو تختار طائرة مسلحة من دون طيار صنعت في تركيا التي باتت تصدر أسلحتها المصنعة محليًا إلى جميع القارات باستثناء القارة القطبية الجنوبية.

ومع استمرار أخبار زيادة تصدير الصناعات الدفاعية التركية، كان آخرها الإعلان عن تسليم طلبية طائرات لبولندا في عام 2022، التي تم توقيع اتفاقية بيعها بمراسيم احتفالية حضرها الرئيس رجب طيب أردوغان، ورئيس بولندا أندريه دودا.

ولم يكن مفاجئًا بيع طائرات من دون طيار تركية الصنع إلى دول أخرى، فالكل صار يعرف مدى نجاحها، ولكن الأنظار ما زالت منصبة على التفاصيل المهمة في عمليات البيع الأخيرة للدول، مثل بولندا الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي وأيضا في حلف شمال الأطلسي، ولو سألنا "لماذا اشترت من تركيا؟"، بالرغم من أن دول الناتو يحق لها الشراء من عدة بلدان في العالم، فإن الحقيقة التي تبرز هي أن التعاون في مجال الصناعة الدفاعية بين دول الاتحاد الأوروبي وتركيا بالإضافة إلى تفضيل بولندا منتج "تركي الصنع" بداية عهد جديد.

ناقش مراسل قناة TRT السبب الرئيسي لشراء بولندا من تركيا تحت عنوان "لماذا طائرة من دون طيار تركية؟"، مع خبير الدفاع التركي هاكان كيليتش، الذي أشار في البداية إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تعد من الدول الرائدة في إنتاج الأسلحة عالميا، وتواجه منافسة كبيرة من عدة دول مثل الصين، التي تتمتع بميزة التنوع والسعر، لذلك يجب أن يكون هناك سبب مهم لشراء بولندا طائرات من دون طيار تركية من نوع TB2، وليس مجرد علاقات ثنائية أو صداقة بين الدول.

ذكر كيليتش السبب بقوله: "إن كفاءة المنتج وفعاليته القتالية بالإضافة لتكلفته المناسبة، هما أهم سببين، فقد أثبتت (هذه الطائرات) وجودها في ساحة الحرب، لقد باعت شركات تركية طائرات مسلحة من دون طيار تركية الصنع إلى ست دول مختلفة، مثل شركات "ANKA_S" و"TUSAŞ" و"Baykar".

قارن كيليتش، فيما بين الطائرات بدون طيار الصينية والأمريكية والإسرائيلية وبين الطائرات التركية الأكثر فعالية من حيث التكلفة بقوله: "تعتبر (الطائرات التركية) أقل تكلفة من منافسيها في وقت السلم عند صيانتها وفي بيئة التشغيل الحقيقية في الحرب، فإن بإمكان الطائرتين من دون طيار المسلّحتين TB2 وANKA التركيتين أن تؤديان بنفس نسبة النجاح وبتكلفة أقل بكثير ما تؤديه Rapier الأمريكية أو الطائرات من دون طيار المسلحة الصينية ذاتية التقنية الأعلى من التركية، لأن التركية تستخدم إصدارًا مفلترًا من نفس المنتجات عالية التقنية مثل صاروخ "MAM_L" أو "UMTAS" مع إزالة المحرك لتقليل التكلفة".

وأعرب كيليتش، عن إمكانية بيع الطائرات المسلحة من دون طيار التركية لجميع القارات باستثناء القارة القطبية الجنوبية، لانعدام الحياة فيها، وفي هذا السياق من المحتمل استمرار قصة بيع الطائرات التركية للدول الأوروبية، كما تم بيعها للدول المجاورة وليبيا ومن قطر إلى أذربيجان ومن أوكرانيا إلى بولندا، وقال: "بالطبع بيع الطائرات المسلحة من دون طيار التركية إلى دولة عضو في الناتو مهم جدا لتركيا، قد يؤدي لجعل دول الناتو المتوسطة الأخرى في أوروبا زبائن في المستقبل، ولم تتفاجأ تركيا من الموافقة الرسمية على أن طائراتها المسلحة من دون طيار متوافقة مع معايير الناتو، فقد اشترت منها دولة عضو في الحلف وليس فقط دول متوسطة، وبالرغم من تمكنها من شراء أسلحة من أي مكان في العالم اختارت الشراء من تركيا".

كما أكد أن "من المؤكد أن تكلفة الطائرات لم تكن السبب الوحيد، بل أيضا إثبات وجودها في الحرب، لقد قامت كل من ANKA وTB2 بحماية بلادنا في الحرب بالقدر المطلوب، فقد أثبتت نجاحها في العمليات وبأداء وظيفتها بالدعم الجوي القريب وفي مهام مثل قمع الدفاعات الجوية للعدو في شمال سوريا وليبيا وأذربيجان، ولأول مرة في العالم يتفوق Bayraktar TB2 بشكل خاص على الانظمة الروسية".

وتطرق كيليتش، إلى نقاط مشتركة لتفضيل كلا من أوكرانيا وبولندا طائرات مسلحة من دون طيار تركية الصنع قائلًا: "في رأيي لعبت هذه الطائرات دور مضادات الدبابات، مما فتح آفاقًا مستقبلية للصواريخ الموجهة المضادة للدبابات، وخاصة البرية التي يحملها المشاة، التي استخدمت في أيام عمليتي الدرع والربيع، حيث قامت بإطلاق النار على عدد كبير من الدبابات والعربات المدرعة بالذخيرة بدون رؤوس حربية كبيرة ودون استخدام الطائرات المقاتلة أو المروحيات الهجومية".

وأضاف: "أظهرت الطائرات المسلحة من دون طيار التركية حقبة جديدة للعالم بأسره عند نجاحها في تدمير الدبابات، وأعتقد أن ذلك سبب رئيسي لاختيار بولندا وأوكرانيا لها، فهاتان الدولتان تواجهان تهديدا من روسيا، ولو سألتني عن البلد الذي استطاع تدمير نظام الدفاع الروسي "SA_22 Pantsir S1" من خلال طائراته المسلحة من دون طيار، فلا حاجة لإجابة هذا السؤال، إنه حدث عالمي، لذلك ليس صعبا فهم سبب تفضيلهما لها".

ولدى سؤاله عن انتشار أنباء مثيرة للاهتمام عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تفيد بأن الدول التي اشترت طائرات مسلحة من دون طيار تركية أو أي منتج تركي دفاعي آخر، بإمكانها الحصول على معلومات عن كيفية إنتاجه، قال: "إنه ادعاء سخيف ولا يمت للحقيقة والواقع أبدا، فمن الصعب أن يكون ذلك صحيحًا في أنظمة الأسلحة الاستراتيجية في العالم بما فيها الطائرات المسلحة من دون طيار التركية، وبالرغم مما يقال عبر وسائل الإعلام بأن الصين تستنسخ باستمرار طائرات "F_22" و"F_35" الأمريكية، إلا أن ذلك غير صحيح أبدا، ربما تكون هذه نسخة بالشكل، فجميع طائرات الجيل الخامس متشابهة، كما ذكر الإعلام أن بعض أسرار F_35 سرقت من قبل أستراليا، إلا أن الهيكل الداخلي وتقنيات طائرات "J_20" و"J_31" والطائرات الأمريكية مختلفة تماما".

وتابع قائلًا: "ينطبق الشيء نفسه على أمريكا، أعني في الوقت الحالي إذا سرقت أمريكا طائرة "SU_57" (الروسية)، فإنها ستقضي أعواما في صنع الطائرة مرة أخرى وفي نسخ كود المصدر وجميع الأجزاء وستتكلف أيضا، نتيجة لذلك فإن الهندسة العكسية أكثر صعوبة من بداية التصنيع من الصفر في البلدان المتقدمة، علاوة على ذلك يمكن نسخ أفكار الطائرات المسلحة من دون طيار التركية دون شرائها وهم بالفعل يقومون بذلك".

وأشار هاكان كيليتش، إلى تأثير ما نشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشكل سلبي على سوق التصدير، وقال: "ربما يرفض بعض المصنّعين البيع، والبعض الآخر قد يقول "بيعوا أنتم"، وربما ينسحب بعض الصانعين من السوق بالكامل، وسيضر ذلك أيضا ما نشر عن المنتج الذي لم يتم تصديره لأنه غير ناجح وتكلفته مرتفعة جدا. هذه المسألة تقوم بها الدول المتقدمة بسرية تامة وتقنية عالية و أنظمة استراتيجية... على سبيل المثال: أصدر الكونغرس الأمريكي قرارا بحظر بيع الطائرات المقاتلة من طراز F_22، التي تعتبر الطائرات الأغلى ثمنا، ولم ينتج منها سوى أقل من 200 طائرة، وبالرغم من أن معظم الأنظمة عالية التقنية يتم استخدامها في الطائرات مثل F_35 وSU_57 وJ_20 الصينية، وتم تصنيعها لمدة 20 عاما، إلا أنها لم تكن بمستوى تلك الطائرة".

أخيرا تساءل كيليتش: "فلماذا إذًا لا نقوم بتصدير الطائرات المسلحة من دون طيار التركية بدلا من تحويلها إلى منصات فلكية تكلفة الواحدة منها توازي تكلفة F_22 ولماذا لا نوفر سيولة لشركاتنا؟ عند السؤال: كم عدد الشركات التي تصنع الطائرات المسلحة من دون طيار العملاقة ذات المحركين وتمتلك أكبر أسطول في أوروبا شبيه بطائرتي أكينجي وأكسونغور، ولا تستطيع القوات المسلحة التركية شراءها؟ لنفترض أننا اشترينا 10 طائرات منهم، هل يمكننا صناعة طائرات مسلحة من دون طيار ضخمة من خلال بيع 10 طائرات؟ لذلك أعتقد أن الجميع سيرى أن طائرتي أكينجي وأكسونغور سيبدآن بالطيران في عدة بلدان في غضون 5-10 أعوام".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!