إبراهيم قاراغول - الحقيقة بوست 

يكشف لنا تمويل أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي لبعض وسائل الإعلام والصحفيين في تركيا الكثير من الأمور الخطيرة بخلاف العمل الصحفي.

لقد تحولت هذه العملية الخفية إلى مسألة أمن قومي تهدد وحدة الدولة والمجتمع وتخالف أخلاقيات العمل الصحفي. ولذلك فإن تركيزهم على هذه العملية يعتبر أمرا خطيرا.

من يحدد أجندة الصحفيين الممولين؟

لا شك في أن هناك علاقة مباشرة بين الانقلابات والتدخلات الداخلية التي تشهدها تركيا والدول المحيطة بها وبين تمويل وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية. بل إن الأمر لا يقتصر على العلاقة المباشرة وحسب، بل إن هذا التمويل يمثل العنصر الفرعي للمخططات السياسية التي تستهدف هذه الدول. فهذه المخططات السياسية تنفذ سرا بواسطة هذه الكيانات.

فمثلا بالنسبة لتركيا نجد أن عمليات التمويل هذه تلعب دورا مهما في الكثير من الأحداث مثل محاولة إسقاط أردوغان وقضية السوريين والعمليات العسكرية التركية في سوريا والعراق واكتشاف الغاز الطبيعي في البحر الأسود والنقاش حول ملف أفغانستان وصراع القوى المحتدم في ليبيا وحملة الكوارث الاقتصادية و”استراتيجية الكذب والوهم” التي يطبقونها في صورة مشروع سياسي.

استغلوا جوانب الضعف ومهدوا الطريق للانقلاب!

نعلم جيدا أن محاولة انقلاب نفذت مؤخرا في تونس من جانب الإمارات ومصر والسعودية وفرنسا وإسرائيل. بيد أنهم روجوا لهذا المخطط وحرضوا الجماهير على التحرك من خلال وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.

لقد نفذوا مخططا إعلاميا إماراتيا فأخرجوا به الناس للشارع ليعبروا عن الطلبات المرادة وليمهدوا الطريق أمام التدخل والانقلاب. كما استغلوا حالة الركود الاقتصادي بسبب جائحة كورونا كأحد جوانب الضعف، لنشهد في تونس نسخة جديدة من التدخل الهدام و”دبلوماسية الضعف” التي تنتهجها أمريكا وأوروبا بشكل مكثف وخطير منذ ثلاثة عقود.

توزيع الأموال الطائلة!

إن كل الصحفيين ووسائل الإعلام وحسابات التواصل الاجتماعي و”العملاء” الممولين من أمريكا وأوروبا يتحركون ويروجون لهذا المخطط على الأصعدة كافة لصالح أمريكا وأوروبا.

ولو نظرنا إلى حجم القوة المدمرة لهذه الحملات التي تدار من الداخل خلال الفترة الأخيرة سنعلم أن الأموال الموزعة في تركيا أكبر بكثير من الظاهر. وأظن أن حجم الأموال الموزعة أكبر بكثير مما كشف عنه النقاب من مؤسسات إعلامية مثل ميديا سكوب وبيانت و140 جورنوز وسربستيت وصحفيين مثل روشن شاكر وغير ذلك من الجمعيات والأوقاف.

لأنني أعلم جيدا أنه من المستحيل تنفيذ هذا القدر من العمليات والوصول إلى نتيجة في تركيا بهذا القدر من المال. فالذي يخططون لتنفيذه حتى عام 2023 سيعدون له تجهيزات بالحجم ذاته.

يجب الكشف عن تفاصيل هذه الشبكة

لذلك فإن مهمة الكشف عن كل تفاصيل هذه الاستعدادات تقع على عاتق الصحفيين “الوطنيين” وأجهزة المخابرات وهيئة التحقيق في الجرائم المالية والتيارات السياسية في تركيا.

لقد استخدموا آلاف حسابات مواقع التواصل الاجتماعي قبيل انقلاب تونس، كما تغاضوا عن حساسيات المجتمع من خلال التلاعب بوسائل الإعلام. وهو ما مولته الإمارات. فأي الدول الأخرى التي مولت هذه العملية؟ ومن أي دولة أديرت هذه “الشبكات”؟ وكيف خططوا للأمر ونفذوه؟

من ميدان التحرير إلى 15 تموز

نعلم جيدا هذا الأسلوب…

إننا نرى هذا الأسلوب في تجمع المعارضة الجديد المشكل بالكامل في نطاق مخططات غولن – بي كا كا والذي جمع تحت مظلة واحدة الأحزاب السياسية والتنظيمات الإرهابية. ونراه كذلك في استخدام هذه الأحزاب العبارات ذاتها وترويجها للأكاذيب عينها وما تردده من دعوات متشابهة تجر تركيا نحو حافة الهاوية.

أكاذيب كيليتشدار أوغلو وهراء إمام أوغلو…

كما أننا نرى هذا الأسلوب في أكاذيب كمال كيليتشدار أوغلو “الممنهجة” وكذلك في “هراء” أكرم إمام أوغلو وأسلوب ميرال أكشنر المتدني والتصريحات المتضاربة التي يطلقها حزب السعادة.

نراه كذلك في “الأكاذيب والأوهام” الممنهجة التي تضلل أذهان الشعب التركي ويروجون لها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي بعد التخطيط لها يوميا من خلال” الوكالات” أو “القواعد الخفية”.

إن كل هذه الأمور إنما هي نسخة جديدة مما رأيناه في الماضي، كما أن لها علاقة مباشرة بالتمويل الإعلامي الذي تضخّه أمريكا وأوروبا، وهي كذلك عناصر فرعية لسيناريو واحد. كما أنها إشارات لاستعدادات جديدة بدأت عقب 15 تموز وتسارعت وتيرتها حاليا.

ليس تمويلا للصحفيين بل استعداد لتدخل داخلي

في الواقع إننا لسنا أمام تمويل وسائل إعلام، بل أمام استعداد لتدخل داخلي. فهذا الاستعداد ليس قاصرا على تمويل وسائل الإعلام التي فضح أمرها. فما الذي يجربونه على منظمات المجتمع المدني؟ وما الذي يجربونه على الأحزاب السياسية؟ وما الذي يجربونه على أوساط رؤوس الأموال؟

أي الكيانات “المحافظة” انضمت هذه المرة إلى هذا المخطط المختلف عن سابقيه؟ أي الصحفيون “المحافظون” انضموا لهذا المخطط؟ إن لدينا معلومات جديدة ودائرة التحالف أوسع هذه المرة بكثير!

وبناء على ذلك نرى أن من ذكرتهم من الصحفيين ووسائل الإعلام تلعب دورا مهما في عملية “التدخل الداخلي” الجديدة التي يستهدفون بها تركيا، وهنا يكمن الخطر.

حسابات دموية تحت عباءة “الصحافة البريئة”!

كنا نعلم أن نموذجا مشابها لما حدث في مصر سيحدث في تركيا، فأخذنا نتناقش حول تطبيق “سيناريو مصر في تركيا”، فحدثت محاولة انقلاب 15 تموز. كما نعلم أن حكومة الانقلاب في تونس مرتبطة ارتباطا مباشرا بالاستعدادات التي تشهدها تركيا والتي نتابعها عن كثب.

لذلك فإنه ينبغي لنا الوقوف هنا لننظر ماذا سيحدث ونستعد له. ثمة شيء ظاهر، وأصحاب البصيرة يرون كل شيء بوضوح تام.

سنمر مرور الكرام على ثراء الصحفيين وإقدام أمريكا وأوروبا على إطلاق المواقع الإلكترونية وتنظيم صفوف المعارضة داخل تركيا خلسة، لكن سننظر ماذا ستكون نتيجة ذلك، فهذا هو مصدر الخطر والنتيجة.

إنهم ينفذون مخططات جيوسياسية وحسابات دموية تحت عباءة “الصحافة البريئة”، بل يهددون الدول بأيدي الكيانات التي أطلق عليها “المحتل الداخلي”. وإن “محاولة الاحتلال الداخلي” هذه ستجس نبض تركيا مجددا…

تركيا هي آخر نقطة في كل المخططات

ذلك أن تركيا ستعيد ضبط إعدادات القرن الـ21

أدعوكم لدعم قوة تركيا المركزية والتغير الذي تشهده المنطقة وكذلك محور تركيا. إن مصدر ما تشهده تونس وما يحدث في تركيا المراكز ذاتها، فالمخططون لهم وأهدافهم وحساباتهم هي ذاتها لا تتغير.

لا تنسوا أن تركيا هي آخر نقطة في كل هذه المخططات، فلو سقطت تركيا ستسقط المنطقة بالكامل. لكن كل ما يحدث لن يؤثر في تركيا، بل سيصطدم بحصونها المنيعة. ولن نرى ذلك نحن فقط، بل سيراه كذلك “الأذناب” بالداخل وسادتهم بالخارج عندما تعيد تركيا ضبط إعدادات القرن الـ21، وسنواصل الكفاح!

عن الكاتب

إبراهيم قاراغول

كاتب تركي - رئيس تحرير صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس