ترك برس

عقب تقاعده من العمل الدبلوماسي، في أبريل/ نيسان الماضي، أصدر السفير التركي السابق في دمشق، عمر أونهون، كتابه "سوريا بعيون السفير"، والذي يسلّط الضوء فيه على الأسباب التي ساهمت في عدم نجاح المعارضة السورية في بدايات الثورة.

السفير التركي كشف في كتابه، أنه أرسل رسالة إلى وزارة الخارجية التركية مع اندلاع الثورة التونسية، أشار فيها إلى أن سوريا ليست بمنأى عن موجة من الاضطرابات الداخلية، وأن الواقع السوري يختلف عن البلدان الأخرى بسبب البنية غير المتجانسة ووجود الطائفية والمجموعات العرقية.

ومن ضمن المراجعات التي تحدث عنها السفير التركي، أشار إلى العوامل التي ساهمت في إفشال المعارضة مع مهد الثورة السورية، بحسب ما نقله تقرير لـ "عربي 21."

وقال أونهون، إن العامل الأول يكمن في أن رئيس النظام السوري بشار الأسد، لم يكن لديه أي نية لتقاسم السلطة، أو القيام بأي عملية انتقال ولذلك لم يتم الشروع في عملية إصلاح.

أما العامل الثاني، هو عدم وجود جواب لتساؤل "ما هو البديل الذي سيقدم لنظام الأسد؟"، وبحسب السفير: "بقي الجواب فارغا، منذ بداية الأزمة، وإن كانت هناك مخاوف لدى المجتمع الدولي والشعب السوري بأن البديل هو انهيار الدولة وعموم الفوضى فقط".

وتحدث السفير أن العامل الثالث، هو أن المجتمع الدولي كان يتعامل بغموض أمام المعضلة السورية، والبلدان التي دعمت وشجعت معارضي النظام السوري انسحبت بعد فترة وبدأت بالتصرف وفق أولوياتها الخاصة.

أما العامل الرابع، هو أن المعارضة على الرغم من مساعيها الكبيرة لتوحيد جبهتها والترابط معا، فإنها "فشلت في الحفاظ على الاتساق المطلوب فيما بينها" بحسب السفير التركي الذي قال إنه في هذه اللحظة، أدت الاختلافات في الرأي بين الدول التي تدعم المعارضة والنضال من أجل أن تكون فعالة إلى اضعاف الحركة.

وفي مقابل ذلك، تمكنت إيران وروسيا، اللتان تدعمان النظام، من اتخاذ قرار أكثر اتساقا على الرغم من اختلافهما في الرأي، وكان أهم العوامل هو قيام موسكو بإنزال القوات الروسية إلى الميدان في سوريا عام 2015.

ولفت إلى أن هناك تطور حاسم آخر وهو ظهور الجماعات المتطرفة في سوريا، مشيرا إلى أن ظهورها أثر في تغيير "قواعد اللعبة".

وأوضح الدبلوماسي التركي، أن بروز الجماعات المتطرفة أثار مخاوف الأوساط السنية العلمانية والمعتدلة، فضلا عن أعضاء الطوائف والأديان الأخرى، مما ساهم في اصطفاف العديد إلى جانب النظام السوري خشية منها.

وأشار إلى أن ظهور الجماعات المتطرفة، دفع أولئك الذين لم يتعاطفوا مع النظام، وبقوا في الوسط، للاصطفاف إلى جانبه باعتباره "أهون الشرّين"، كما عادت بعض الجماعات المسلحة المعارضة للنظام لاسيما تلك التي تركت الجيش بالبداية، إلى صفوف النظام بسببها.

ويضيف السفير التركي عاملا خارجيا آخر، وهو أن إراقة الدماء من تنظيم "داعش" الإرهابي في مختلف مدن أوروبا بهجمات إرهابية، ساهمت في تغيير المنظور الدولي تجاه الأزمة السوري، وأصبح بروز "داعش" التهديد الأول.

ولا يخفي الدبلوماسي التركي انحيازه للمعارضة السورية منذ البداية، مسجلا في الوقت ذاته انتقادا، أنه في البداية ظهرت شخصيات في المعارضة أكثر عقلانية في نظرتها للأزمة السورية، لكن جرى استبدالها بشخصيات رأوا بأن "القتال" هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة.

واستدرك قائلا: "على كلا الطرفين، برز الانتهازيون، والمتطرفون، والمستفيدون من الحرب".

ويعد السفير "أونهون"، هو آخر دبلوماسي تركي في دمشق، وعمل كرجل ثاني في السفارة التركية ما بين 1998- 2000، وانتقل بعدها للعمل كقنصل عام في نيويورك عام 2002، ليعود ليستلم منصب نائب مدير عام منطقة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية التركية عام 2006، ليتم ترقيته لدرجة سفير وينتقل إلى العاصمة السورية عام 2009.

وبعد إغلاق السفارة التركية في دمشق في 25 آذار/ مارس 2012، عاد أونهون إلى أنقرة وبقي فاعلا في الملف السوري حتى عام 2014 ليتم تعينه سفيرا في مدريد، ويقرر التقاعد في نيسان/ أبريل الماضي.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!