ترك برس

أجرى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، خلال الأسبوع الفائت، أكثر من لقاء مع مسؤولين وممثلين عن المجتمع المدني في البوسنة والهرسك، مدلياً بتصريحات تؤكد على وقوف أنقرة إلى جانب البلد البلقاني.

وفي الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، استقبل أردوغان، رئيس مجلس الشعوب البوسني (الغرفة الثانية للبرلمان) بكر عزت بيغوفيتش.

وعقد الجانبان اجتماعا بعيدا عن وسائل الإعلام، في قصر "وحيد الدين" بمدينة إسطنبول، وفق وكالة الأناضول.

بعده بأيام، عقد أردوغان لقاء آخر في إسطنبول، مع ممثلي منظمات مدنية للبوشناق في تركيا.

وخلال لقائه هذا، أكد الرئيس التركي أن بلاده تعد الحائل الأكبر أمام وقوع أحداث مؤسفة في البوسنة والهرسك مجددا كتلك التي شهدتها البلاد قبل اتفاقية دايتون المبرمة عام 1995.

ونوه الرئيس أردوغان أن تركيا لطالما قدمت الدعم من أجل استقرار البوسنة والهرسك عبر الحفاظ على البنية الثقافية والإثنية المتعددة لهذا البلد، ودون تمييز بين مكوناته.

وأضاف: "منذ اتفاقية دايتون وحتى اليوم تركيا هي الحائل الأكبر أمام وقوع أحداث مؤسفة كما في الماضي في البوسنة والهرسك".

وتابع: "لا نريد أبدا أن تتحول البوسنة والهرسك إلى ساحة نفوذ وتنافس للأطراف التي لديها حسابات بشأن هذه المنطقة".

وأردف: "انطلاقا من ذلك فإننا كثفنا جهودنا الدبلوماسية عقب التوتر الأخير الذي جعل من وحدة البوسنة محل نقاش".

ومضى قائلا: "مهما يفعل الآخرون سنواصل احتضان الصرب والكروات والأرناؤوط والمقدونيين إلى جانب أشقائنا البوشناق".

وأضاف: "نعلم أن جهود تركيا من أجل الحفاظ على السلام والاستقرار في هذه المنطقة (البلقان) تزعج بعض الأوساط التي تتغذى على القلاقل والفوضى".

وأردف:" سنواصل العمل من أجل سلامة البوسنة والهرسك وسائر البلقان بالرغم من محاور الشر".

وأكد أن تركيا ستواصل تعزيز الحوار مع مختلف الأطراف لمنع عودة البوسنة والهرسك إلى الأيام السوداء مجددا.

لقاءات وتصريحات أردوغان هذه، تأتي تزامناً مع أزمة سياسية تشهدها البوسنة والهرسك مؤخراً، وسط مخاوف من أن تؤدي إلى مواجهة جديدة وتفكك دولة البلقان الهشة، في خطوة على ما يبدو أن أنقرة تحرص من خلالها على منع عودة البلاد إلى فترة الحروب الدامية.

بداية الأزمة السياسية كانت في 23 يوليو/ تموز الماضي، بمقاطعة ميلوراد دوديك، زعيم الصرب في البلاد، ومسؤولين آخرين من صرب البوسنة، قانونا يجرّم إنكار المجازر التي شهدتها البلاد، كان قد أصدره مكتب الممثل السامي في البلاد.

وعلى إثر ذلك هدد دوديك باتخاذ "خطوات متطرفة" تتعلق بنظم الجيش، والقضاء والضرائب في البوسنة والهرسك، وذلك إذا لم "تتم العودة إلى أصل اتفاقية دايتون" للسلام.

كما هدد دوديك، بانفصال الصرب عن جمهورية البوسنة والهرسك، وتأسيس جيش خاص بهم.

بدوره، دعا شفيق جعفروفيتش، العضو البوسني في المجلس الرئاسي، المسؤولين الصرب في البلاد إلى التراجع عن مقاطعة قانون مكتب الممثل السامي، مطالباً دوديك بالانسحاب من الساحة السياسية في البوسنة.

من جهته، شدد رئيس حزب العمل الديمقراطي في البوسنة والهرسك بكير عزت بيغوفيتش، على ضرورة مواجهة العنصر البوسني والكرواتي في البلاد، "المواقف المغامرة والفوضوية للصرب".

وتسود البلاد هذه الأيام، حالة من القلق إزاء اندلاع حرب أو مواجهات تعود بالبوسنة والهرسك، إلى أيام الحرب الدامية التي شهدتها في تسعينيات القرن الماضي.

وكانت القوات الصربية، ارتكبت العديد من المجازر بحق مسلمين، خلال ما عُرف بفترة حرب البوسنة، التي بدأت عام 1992، وانتهت في 1995 بعد توقيع اتفاقية دايتون، وتسببت في إبادة أكثر من 300 ألف شخص، باعتراف الأمم المتحدة.

وعلى جدران العاصمة البوسنية، سراييفو، من اللافت وجود كتابات "أنا مع السلام"، كما وضع آخرون ملصقات تحث على الدفاع عن الأراضي البوسنية وتشجع على التجنيد بعبارات مثل "أنت أيضًا مطلوب للدفاع عن البوسنة".

في معرض ردود الأفعال على ما يجري في البلد البلقاني، عبر الاتحاد الأوروبي في بيان مقتضب، عن قلقه إزاء ما يقوم به أولئك الذين يفترض أنهم صمام أمان وحدة البلاد بالتعبير، وهو ما أصبح مزحة في سراييفو، وأصبح الناس هناك يفضلون الضحك منه حتى لا يبكون.

وفي الوقت الذي تدعم فيه موسكو وبلغراد سرًا المحاولات الخطيرة لزعزعة استقرار البوسنة المتذبذبة، يبدو أن الاتحاد الأوروبي وعلى نطاق أوسع ما يسمى بـ "المجتمع الدولي" يتعامل مع هذا الأمر الخطير باستخفاف.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!