إسماعيل ياشا - عربي 21

لم يبق لإجراء الانتخابات البرلمانية في تركيا إلا أربعة أيام وعملية تصويت المواطنين الأتراك في الخارج انتهت، ووصلت نسبة المشاركة إلى 35.89 بالمائة، لتسجل ارتفاعا ملحوظا مقارنة بنسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية التي أجريت الصيف الماضي وكانت نسبة مشاركة الأتراك المقيمين في الخارج آنذاك 18.98 بالمائة فقط. وأما عملية التصويت في المعابر فمستمرة حتى الساعة الخامسة مساء في السابع من يونيو/ حزيران الجاري.

وعلى الرغم من احتدام التنافس والأهمية البالغة التي توليها القوى السياسية لهذه الانتخابات، فلم يحدث حتى الآن ما يعكر صفوها، باستثناء بعض الأحداث هنا وهناك، والأحزاب تواصل حملاتها الانتخابية وتنظم مهرجاناتها في أجواء حرة وديمقراطية، والناخبون في الداخل ينتظرون يوم الأحد للإدلاء بأصواتهم وليقولوا كلمتهم الفاصلة كحكم في هذا السباق.

مراكز الدراسات ومؤسسات الأبحاث بدورها تحاول جس نبض الشارع قبيل الانتخابات وتجري استطلاعات للرأي لمعرفة ميول الناخبين. ويشير آخر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "أو آر سي" التركية إلى حصول حزب العدالة والتنمية على 46 بالمائة، بينما سيحصل حزب الشعب الجمهوري على 25.3 بالمائة وحزب الحركة القومية على 15.5 بالمائة من أصوات الناخبين. وأما حزب الشعوب الديمقراطي فيحصل فقط على 9 بالمائة ولا ينجح في تجاوز حاجز الـ10 بالمائة. وإذا تطابقت نتائج الانتخابات مع نتائج هذا الاستطلاع، فهذا يعني فوزا كبيرا لحزب العدالة والتنمية وفشلا مدويا للمعارضة.

وفي ظل نتائج استطلاعات الرأي والتكهنات المختلفة، يدور الحديث أيضا حول إمكانية تشكيل حكومة ائتلافية بعد الانتخابات إن لم يحصل حزب العدالة والتنمية على عدد من المقاعد يمكنه من تشكيل الحكومة وحده. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن حوالي 70 بالمائة من الناخبين يرفضون أي حكومة ائتلافية، ويرون أن الأفضل أن يشكل الحكومة أحد الأحزاب وحده، لأن الآثار والذكريات التي خلفتها الحكومات الائتلافية في أذهان المواطنين الأتراك مريرة، والحكومة الائتلافية تعني لهم الفشل والفساد والنهب والأزمات السياسية والاقتصادية التي لا تنتهي. وفي النهاية لا أحد من شركاء الحكومة الائتلافية سيتحمل المسؤولية، وكل واحد منهم يتهم الآخر بأنه هو السبب في فشل الحكومة.

ما هي السيناريوهات المحتملة لتشكيل حكومة ائتلافية في تركيا بعد هذه الانتخابات؟

القوى المعادية لحزب العدالة والتنمية عموما ولرئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان على وجه الخصوص، تحلم بحكومة ائتلافية لا يشارك فيها حزب العدالة والتنمية، إلا أن حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية لن يحصلا على ما يكفي من عدد المقاعد اللازمة لتشكيل الحكومة، ما يعني أنهما بحاجة إلى دعم حزب الشعوب الديمقراطي. وبالتالي، فإن السيناريو الوحيد أمام تلك القوى هو أن يلتقي حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية وحزب الشعوب الديمقراطي تحت مظلة حكومة ائتلافية، ولكن مدى إمكانية تحقق هذا الحلم حوله علامات استفهام كثيرة.

مشروع حكومة ائتلافية هو في حقيقة الأمر مشروع الهدم وليس مشروع البناء؛ هدم كل ما تم إنجازه من مشاريع وإصلاحات خلال حقبة حكومة حزب العدالة والتنمية. وماذا يمكن أن يبني حزب الحركة القومية الذي يمثل القوميين الأتراك مع حزب الشعوب الديمقراطي الذي يمثل القوميين الأكراد؟ وليس شرطا أن يكون الإنسان عبقريا حتى يعرف أن أول ما تهدمه تلك الحكومة الائتلافية إن تم تشكيلها، سيكون مشروع عملية السلام الداخلي، لأن حزب الحركة القومية لا يرى أبدا أن هناك مشكلة كردية ولا يعترف بحقوق الأكراد وهويتهم، بل يعتبرها مشكلة الإرهاب.

وفي حين ينتظر الجميع في تركيا موعد إجراء الانتخابات البرلمانية يوم الأحد القادم، فإن وسائل الإعلام الغربية، مثل مجلة الإيكونوميست البريطانية، تحث الناخبين الأتراك على التصويت لصالح أحد الأحزاب المعارضة ولصالح حزب الشعوب الديمقراطي بالتحديد، لــ"لجم طموحات أردوغان".. إلا أن عبد الله يغين، أحد تلاميذ الأستاذ سعيد النورسي، يقول إنه سيذهب يوم الأحد إلى إسطنبول للتصويت في الانتخابات لصالح حزب العدالة والتنمية لإفشال مخططات "جبهة الخيانة"، على الرغم من عمره البالغ 94 سنة ومرضه الذي يعالج منه في إحدى مستشفيات أنقرة.

عن الكاتب

إسماعيل ياشا

كاتب تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس