أمين بازارجي – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

لم يقم بعد رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان بتكليف أحد من أجل تشكيل الحكومة الجديدة. لكن ما يصدر عن الأحزاب السياسية من تصريحات بخصوص نمط الحكومة الجديدة يوضّح إلى حدّ بعيد شكل المرحلة التي تنتظرنا.

فخيار تشكيل حكومة ائتلافية يضم أحزاب الشعب الجمهوري والحركة القومية والشعوب الديمقراطية، بات خياراً مستحيلا في ظلّ الرفض القاطع لرئيس حزب الحركة القومية "دولت باهتشلي" عقد أي تحالف مع حزب الشعوب الديمقراطي الكردية. ومعلوم أنّ رئيس حزب الشعب الجمهوري "كمال كليجدار أوغلو" سعى كثيراً لإنجاح هذا التحالف.

وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار انعدام تحقّق الخيار الأول الذي ذكرناه، فإنّه لم يبقَ سوى خيارين اثنين. إما أن يتم التحالف بين حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري، أو يتم تشكيل الحكومة الجديدة من خلال تحالف بين العدالة والتنمية والحركة القومية. ومما لا شكّ فيه أنّ حزب العدالة والتنمية سيكون المرتكز الرئيسي لهذه الحكومة. وخلال مرحلة المباحثات بين قادة الأحزاب ستكون مواقف كليجدار أوغلو وبهتشلي مؤثرة إلى حد كبير على اعتبار أنهما حصلا على صلاحيات التفاوض المطلقة من قِبل أعضاء حزبيهما. وإن لم يتمكن الأحزاب من تشكيل الحكومة الجديدة، فإنّ صناديق الاقتراع تنتظر الناخب التركي من أجل الانتخابات المبكرة.

لكن المهم في الأمر هو أن نميز بين التصريحات التي يطلقها زعيما هذين الحزبين أمام عدسات الصحفيين وبين ما يدور وراء الكواليس وفي أروقة الحزبين، عندها نستطيع أن ندرك كيف سيكون مستقبل تركيا.

القاعدة الشعبية لحزب العدالة والتنمية وبحسب الاستطلاعات، ترغب في عقد تحالف مع حزب الحركة القومية أكثر من حزب الشعب الجمهوري. والأمر كذلك بالنسبة للقاعدة الشعبية لحزب الحركة القومية. فأنصار هذا الحزب يتشوّقون لرؤية حزبهم في السلطة بعد غياب دام لسنين طويلة. لكن ليست القاعدة الشعبية هي من ستقرّر التحالف مع العدالة والتنمية، إنّما دولت باهتشلي هو من سيعطي القرار النهائي بهذا الشأن.

وحتّى يومنا هذا فإن السيد باهتشلي لا يكفّ عن إطلاق التصريحات القاسية بحق حزب العدالة والتنمية، لا بل إنه يستهدف رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان أكثر من حزب العدالة والتنمية وأعضائه. وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار عدم تخلي حزب العدالة والتنمية عن ولائه لرئيس الجمهورية أردوغان، فإنّنا نستطيع أن نقول بأن التحالف بين العدالة والتنمية والحركة القومية يبدوا صعباً بعض الشيء مالم يتخلّى بهتشلي عن أسلوبه الانتقادي والتهجّمي هذا.

أمّا بالنسبة لزعيم المعارضة كمال كليجدار أوغلو، فهو الآخر كذلك بدأ يطلق تصريحات قاسية ويتهجّم على الحكومة والرئيس أردوغان، إلّا أنّ أسلوبه بدأ يلين خلال الأيام الأخيرة. فكليجدار أوغلو لا يتبع أسلوب بهتشلي أثناء الإدلاء بتصريحات للرأي العام، فهو يُظهر أنّ لديه رغبة في الحوار والتفاهم. وخلال تجوالي في مقر البرلمان، التقيت بعدد من نواب حزب الشعب الجمهوري. وصرّحوا لي بأنهم يرغبون في العمل مع حزب العدالة والتنمية.

لكن علينا أن نتذكر هنا ما قاله كليجدار أوغلو ليلة إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية. حيث صرّح أنذاك بأنه لن يعقد أي تحالف مع حزب العدالة والتنمية، لكنه وجد لنفسه مخرجاً جيداً عندما دعا بهتشلي إلى تشكيل حكومة إئتلافية من ثلاثة أحزاب، فيمكنه أن يبرّر موقفه أمام القاعدة الشعبية لحزبه بأن يقول مثلاً: "لقد قمت بما يجب عليّ فعله لكن السيد بهتشلي لم يوافق على طلبي. وإنّ حزب الشعب الجمهوري لا يستطيع أن يترك الدولة من دون حكومة لذلك وافقنا على التحالف مع العدالة والتنمية".

وإذا ما سردنا كافة هذه المعطيات، وجدنا أنّ احتمال عقد تحالف بين العدالة والتنمية والشعب الجمهوري أقوى من احتمال تحالف العدالة والتنمية مع الحركة القومية.