ترك برس

تعمل أنقرة على إعادة رسم خارطة الطاقة في سوريا من خلال تعزيز شراكات استراتيجية واستثمارات واسعة في قطاع الغاز والكهرباء والنفط والمعادن، مما يعزز دورها كمزود طاقة رئيسي للمنطقة. هذا التحرك التركي لا يقتصر على الجانب الاقتصادي فحسب، بل يؤثر بشكل مباشر على الاستقرار الجيوسياسي الإقليمي من خلال تعزيز التكامل بين الدول وتخفيف الأزمات الطاقية التي تهدد أمن المنطقة.

ويبرز دور تركيا اليوم كفاعل استراتيجي رئيسي في تخفيف أزمة الطاقة في سوريا، ليس فقط عبر المساعدات الإنسانية، بل من خلال بناء شراكات جيوسياسية واقتصادية واسعة.

وفي هذا الإطار، يقول الأستاذ الدكتور إسماعيل صاري، المحاضر في جامعة أنقرة حاجي بيرم ولي، في مقال تحليلي نشرته وكالة الأناضول للأنباء، إن سوريا تشهد تحولاً كبيراً في ملف الطاقة مع بدء شراكة استراتيجية تقودها تركيا، ضمن اتفاقيات موقعة مع الحكومة السورية وشركاء إقليميين بارزين مثل قطر وأذربيجان.

ووفقًا لصاري، فقد تراجعت إنتاجية الطاقة في سوريا أكثر من 70% خلال سنوات الحرب، لكن اتفاقية التعاون الشاملة التي وقعتها تركيا مع دمشق في مايو 2025 في مجالات الغاز والكهرباء والنفط والمعادن تعكس بداية مرحلة جديدة لإعادة تأهيل البنية التحتية.

تم إنشاء خط أنابيب بين مدينة كيليس التركية وحلب لتزويد سوريا بـ 2 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا، مما يتيح إنتاج 1300 ميغاواط من الكهرباء، إضافة إلى ربط الشبكات الكهربائية عبر خطوط نقل عالية التوتر.

وتواصل تركيا توفير الطاقة لمناطق شمال سوريا من خلال 7 مراكز توزيع، مع خطط لرفع القدرة الكهربائية من 210 إلى 800 ميغاواط، إلى جانب مشاريع لسفن توليد كهرباء عائمة بدعم تركي وقطري للمناطق الساحلية.

كما حصلت شركات تركية على حقوق استثمار في قطاعات النفط والتعدين في سوريا، بما يشمل استخراج معادن استراتيجية مثل الفوسفات والليثيوم، وتشغيل خطوط التكرير والنقل.

ويأتي هذا ضمن مبادرات إقليمية واسعة، منها توريد الغاز الأذربيجاني، ومشروع ثلاثي بين تركيا وقطر والولايات المتحدة بقيمة 7 مليارات دولار لبناء محطات طاقة غازية وشمسية، متوقع أن تلبي أكثر من نصف حاجة سوريا الكهربائية مستقبلاً.

ويختم صاري بالتأكيد على أن هذه التطورات تضع تركيا في موقع استراتيجي جديد، ليس كمصدر طاقة فقط، بل كجسر حيوي لربط سوريا بشبكات الطاقة الإقليمية، بما يعزز الاستقرار والتكامل في المنطقة.