ترك برس

تدعي الدولة الأرمنية بأن "القوات العثمانية" قامت عام 1915 بارتكاب إبادة جماعية ضد الطائفة الأرمنية، وتحاول الدولة الأرمنية بجميع مؤساستها ولوبياتها المنتشرة حول العالم دعم القضية وجعل العالم يتقبل القضية وأنها فعلًا إبادة جماعية قامت بها الدول العثمانية. وعلى الصعيد الآخر تدعي الجمهورية التركية "أن جميع هذه الإدعاءات لا أصل لها من الصحة ولا تستند لأي معلومات أو وثائق تاريخية أرشيفية أكيدة".

تناول العديد من الباحثين والمختصين الأتراك النقطة الدبلوماسية والسياسية الأخيرة التي وصلت إليها ادعاءات الإبادة الجماعية الأرمنية في الفترة الأخيرة، وبعد قبول ادعاءات الإبادة الجماعية الأرمنية في عدة برلمانات للدول الكبرى تأتي على رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية التي قبلت الإبادة الجماعية الأرمنية بنسبة جزئية   بتاريخ 10 نيسان/ أبريل 2014، تحاول الدولة واللوبية الأرمنية إلى جعل الأمم المتحدة إلى قبول ذلك الملف.

وفي دراسة متعلقة بنفس الشأل للباحث التركي كمار قاسم تحت عنوان "تقييم التطر الأخيرة للإدعاءات الأرمنية" قدّم الباحث تقييمًا موضوعيًا للنشاطات الأرمنية الدبلوماسية التي كانت تخطط لجعل ادعاءاتها حول الإبادة الأرمنية تُقبل في ستين دولة، في حين قُبلت فقط في 15 دولة، وهذا يعني عدم كفايتها الدبلوماسية في جعل الأمم المتحدة تقبل هذه الادعاءات الركيكة وغير المعتمدة على أي أساس تاريخي أو أرشيفي.

وعلى صعيد متصل يوضح قاسم أنه "في الحقيقة هناك نشاطات مكثفة للدولة والجماعات الأرمينية في الدول التي قُبلت بها وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية التي تهدف الدول الأرمنية إلى جعل علاقتها تتدهور بشكل سيء مع تركيا التي تسعى أرمينيا إلى جعلها دولة وحيدة في العالم".

ويشير قاسم إلى أن "القرار الأمريكي على الرغم من أنه قُبل من قبل الكونغرس الأمريكي بنسبة جزئية إلا أن الرئيس أوباما استعمل مصطلح "النكبة الكبرى" بدلًا من "الإبادة الجماعية" لتجنب تدهور العلاقات الأمريكية التركية في ظل حاجة تركيا المُلحة والمستمرة للولايات المتحدة الأمريكي لتركيا الشريك الأكبر والأساسي لها في الشرق الأوسط، وهذا الأمر يؤكد بأنه لا يمكن للقرار البرلماني الأمريكي أن يتحول إلى نسبة مطلقة في ظل الحاجة إلى التعاون المستمر بين الطرفين، كما أن الضغوط الدبلوماسية التركية المستمرة على الإدارة الأمريكية جعلت الإدارة الأمريكية تأخذ الحذر في قضية قبول أمر الإبادة الجماعية الأرمنية".

ويفيد المختص بشأن الاتحاد الأوروبي باريش أوزدال، في دراسة له بعنوان "مدى تأثير القضية الأرمنية على العلاقات التركية الأوروبية" بأن "الأرمن ولوباتهم في أوروبا استطاعوا بالفعل جعل البرلمان الأوروبي يقبل بموضوع "الإبادة الجماعية" عام 1987 لكن قرارات الاتحاد الأوروبي تُعد قرارات توصية وغير مُلزمة للدول الأعضاء، وإلى يومنا هذا لم يتمكن اللوبي الأرمني من جعل الاتحاد الأوروبي يقبل موضوع "الإبادة الجماعية" بشكل مُلزم".

ولكن يوضح أوزدال أنه "على شكل فردي قامت بعض الدول الأوروبية وعلى رأسها فرنسا بقبول "الإبادة الجماعية" بشكل رسمي ونهائي بتاريخ 15 كانون الثاني/ يناير 2001، وكما قام البرلمان الفرنسي المُتعرض لضغط كبير من قبل اللوبي الأرمني بقبول القانون الذي يحث على سجن ومعاقبة كل من ينكر "الإبادة الجماعية" الأرمنية، هذا القرار شجع اللوبي الأرمني في دول أوروبية أخرى مثل "هولاندا وسلوفاكيا وبولندا وليتوانيا" العمل على جعل برلمانات هذه الدول قبول "الإبادة الجماعية" على فترات متفاوتة مابين عامي 2001 وعام 2015".

ويبين الباحث المختص بالعلاقات الأرمنية الأمريكية حاتم جبرائيل أن "القرارات التي تقبل "الإبادة الجماعية" الأرمنية عادةً ما يتم قبولها بعد تدهور العلاقات بين تركيا وأحد الدول الغربية وتُستخدم هذه القضية في الغالب كوسيلة ضغط على تركيا وليس كقضية مبدئية، وأما بالنسبة للاتحاد الأوروبي فإن قضية "الإبادة الجماعية الأرمنية" ماهي إلا سلاح في يد الدول الأوروبية التي تقف ضد الانضمام الكامل لتركيا للاتحاد الأوروبي، وفي حين تراجعت تركيا عن الانضمام الكامل للاتحاد الأوروبي ولو قامت بإنشاء علاقات جيدة مساندة للسياسات الأوروبية في المنطقة فإنه من الممكن جدًا أن تسعى الدول الأوروبية، الغير مقتنعة أصلًا بالإبادة، إلى التخلي عن قوانين الإبادة".

ويردف جبرائيل بالقول "قيام تركيا بطرح رأيها حول إنشاء لجنة أبحاث تاريخية أرشفية علمية مستقلة تبحث موضع الإبادة ويتم تمويلها وتخصيص كادرها دوليًا حتى تتمتع بموضوعية وشفافية ترضي الطرفين وعدم تلقي تركيا أي رد رسمي من أرمينيا أو الولايات المتحدة الأمريكية أو الاتحاد الأوروبي أثبت مدى ركاكة الادعاءات الأرمنية وألجمت نشاطها بشكل كبير خلال عام 2015، حيث خلال هذا العام تجمدت أنشطة الأرمن وتوقفت بسبب قيام الكثير من المجالس البرلمانية، التي طلب الأرمن منها قبول الإبادة، بمطالبة الأرمن بقبول الطرح التركي ليتم قبول القرار اعتمادًا على الأسلوب البحثي والعلمي مما جعل الأرمن تتجه لاصطناع الوثائق التاريخية وعرضها كدليل ولكن لم تفلح الأرمن في إقناع المجالس البرلماني بصحة ادعاءاتها مما جعل نشاطاتها بخصوص هذا الأمر تتجمد".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!