علي نور كوتلو - صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس

نحن بحاجة لشرق أوسط جديد. نكون فيه نحن تركيا الجديدة قوة فاعلة فيه لتشكيل توازن قوى جديد في المنطقة. علينا إدارة الشرق الأوسط وحدوده بما يشمل وحدة حكم إسلامي ترتكز على إرادة الشعوب الإسلامية.

فكما طُبقت مبادئ ويلسون الأربعة عشر بعد الحرب العالمية الأولى في ذلك الوقت، علينا تطبيق أمر مشابه لها تماما. وحتى تقرر الشعوب مصيرها على الدول الغربية سحب أياديها ونفوذها من الشرق الأوسط. وكما احترمت الدولة العثمانية إرادة شعوب المنطقة في تحقيق مصيرها في ذلك الزمن، على أمريكا وانجلترا وفرنسا وألمانيا وإسرائيل الآن احترام إرادة الشعوب لتقرير مصيرها بنفسها.

على الدول الغربية سحب أياديها، لأن كل منطقة دخلوها وزرعوا نفوذهم فيها لم تهدئ فيها الاضطرابات والفوضى منذ قرن. أعمال الإبادة الجماعية والتمييز العنصري والتفرقة التي قاموا بها تحولت إلى دراما تنتقل من جيل إلى جيل. خلقوا مجتمعات نسيت لغتهم، ومجتمعات نسيت قوميتهم، وأخرى نسيت إنسانيتهم.

الغرب الذي حاول إدارة شؤون جغرافيا لا يعرفها، ومجتمعات لم يفهم عقيدتها، بتلك الإدارة نتجت هذه الفوضى وهذه الاضطرابات. إجراء محاكم تفتيش بدون وعي، والقضاء على الآخر من أجل الهيمنة على المجتمعات تحت قالب التحضر والحداثة، لن ينتج عنه سوى فوضى واضطرابات وهذا ما حصل.

 

الغرب هُزم في الشرق الأوسط وعليه الانسحاب من المنطقة.

ظنوا أن مجتمعات الشرق الأوسط كالمجتمعات الآسيوية، أناسها لينون وينقادون وينحنون للقوة بسهولة لكنهم كانوا مخطئين. فمنذ سقوط دولة الخلافة العثمانية وحتى اليوم، المجتمعات في الشرق الأوسط تقاوم وترفض كل أشكال الاملاءات ومحاولات بسط النفوذ. أتحدث هنا عن أمة معروفة بـ"أمة الإسلام"، والتي تأبى إلا أن تكون كجسد واحد ووحدة هيكلية واحدة. وكان الوضع كذلك في كل أراضي دولتنا العثمانية، كنا "أمة اسلامية". لكنهم قسّموا تلك الدولة الكبيرة والموحدة إلى أجزاء متناثرة لتتشكل منها 60 دولة مختلفة.

ربما يقولون لنا "لا تتدخلوا أنتم أيضا". كلا، نحن أناس هذه المنطقة، هذه أراضينا، تاريخنا كُتب هنا، حاربنا وقاتلنا هنا، وشهدائنا مدفونون في كل شبر من هذه الأرض. أقربائنا موزعون ومشتتون على خمسين دولة، فحتى لو كانت ذريتنا، وأولادنا، وأحفادنا يتحدثون بلغات مختلفة، إلا أنهم تربوا ونشئوا وتغذوا من نفس الدين، ومن نفس الحضارة والتاريخ.

نحن قريبون من الشرق الأوسط بطريقة نستطيع فيها التأثير على أسراب الطيور أينما كانت، وعلى الذئاب أينما تواجدت. أمننا القومي وأزمات حدودنا والأزمات التي تتوالى على رؤوسنا تجعلنا تحت الخطر، لكن هذا لا يهم بالنسبة لنا، لأن من يفتح أذرعه لاستقبال وإيواء اثنين مليون لاجئ له الحق في أن يكون صاحب الكلمة العليا في المنطقة.

سند ملكية(طابو) المنطقة معنا، بالتأكيد سنتدخل بشؤون الشرق الأوسط.

اهتمامنا واندماجنا وتدخلنا بالشرق الأوسط لا يشبه أبدا تدخل الغرب الذي دمّر وخرّب وحرق المنطقة. نحن نتصرف كأفراد عائلة وجدوا ابنهم المفقود، نحن نأتي للشرق الأوسط لإحياء الشعوب، لإصلاح أوضاعها، لاحتضانها، لنشر المحبة بينها.

نريد أن نعود كما كنا تماما على مدار 400 عاما، نعيش سويا في أجواء طمأنينة، أجواء موحدة، وأجواء سلمية حبية.

ولهذا تركيا الجديدة بحاجة إلى طاقم يتفهم هذه الأمور ويسعى لتحقيق هذه الطموحات.

عن الكاتب

علي نور كوتلو

كاتب في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس