ولاء خضير – خاص ترك برس

في ظل أحداث دامية يعيشهُا المسلمون في شتى أنحاء العالم، ربما يراودك سؤال، لماذا يحقد "المجر" الهنغاريون على المسلمين؟ ولماذا هذه المعاملة السيئة، التي يتلقاها اللاجئون السوريون على الحدود المجرية وغيرها؟ وهل من الممكن أن تاريخ مئات السنين السابقة، يعكس أثره هذه الأيام على المسلمين؟ إلى متى سيستمر هذا الحقد، وما أسبابه؟

المجر "هنغاريا"

هي دولة أوروبية محصورة وسط أوروبا، بين العديد من الدول الأوروبية، ولا تملك أي منفذ على البحر، ويوجد فيها سكان يقدرون بحوالي 10 مليون نسمة، وذات طابع روماني كاثوليكي بالغالب.

استمرت "مملكة المجر" حوالي 946 عاما، وكانت تعتبر واحدة من أهم المراكز الثقافية في العالم الغربي.

ومن هنا تبدأ الحكاية، حكاية المعركة العظيمة "معركة موهاج" بين الجيش العثماني العظيم، بقيادة السلطان سليمان القانوني، والجيش المجري، بقيادة الملك المجري لايوش "لايوس الثاني"، وتعتبر إحدى أهم الأسباب للحقد المجري على المسلمين، إلى يومنا الحاضر. 

قبل المعركة بعدة أشهر، أرسل السلطان سليمان القانوني مبعوثًا لطلب الجزية من مملكة المجر، لكن الملك "لايوش" قام بقتل المبعوث، وأرسل رأسه بصندوق للسلطان سليمان، ونتيجة لهذا الرد القاسي من ملك المجر، قرر السلطان سليمان إعداد العدة، والجيش، لقتال المملكة المجرية.

سار السلطان في تاريخ 11 رجب 932 هجري، الموافق 23 نيسان/ أبريل 1526 ميلادي، من إسطنبول على رأس جيشه، الذي يقدر بحوالي 100 ألف جندي، وثلاثمئة مدفع، وثمانمئة سفينة، وكانت إحدى عقبات الجيش العثماني هي تجاوز نهر "الدانوب"، لسعته وصعوبة تيارته المائية الشديدة، فأمر السلطان الجيش ببناء جسر حجري لعبور النهر، فقاموا ببنائه في أربعة عشر يوما، وبعد عبور الجسر، أمر السلطان بهدمه، لكي يعطي درسا للجيش، أنه لا مجال للعودة إما النصر أو الشهادة.

وبعد أن سار الجيش ما يقارب 1000 كيلو متر، خلال 128 يوما، وصلوا إلى وادي "موهاكس"، والذي يقع جنوب بلاد المجر، على بعد 170 كيلو مترا من "بودابست" عاصمة المجر، وكان هناك بانتظارهم ما يقارب 200 ألف جندي مجري، يرأسهم الملك المجري "لايوش الثاني".

وقبل يوم المعركة، قام الصدر الأعظم، إبراهيم باشا بوضع خطة المعركة، حيث تضمنت انسحاب المقدمة من الجيش العثماني وتراجعها، ليظن الجيش المجري أن المقدمة هُزمت، وهربت خوفا، فيندفعوا ليلاقوا المدفعية العثمانية أمامهم.

يوم المعركة:     

في يوم 21 من ذي القعدة 932 هجري، 29 آب/ أغسطس 1526 ميلادي، وبعد صلاة الفجر، توسط السلطان جنوده، وخطب بهم خطبة حماسية، وكان مما قاله السلطان إن "روح الرسول محمد "صلى الله عليه وسلم"، تنظر إليكم"، مما أثر في الجنود، فانهمرت دموعهم، وزادتهم حماسة على القتال.

وعند حلول العصر من ذلك اليوم، هجم الجيش المجري، على الجيش العثماني، الذي كان موزعًا على ثلاث صفوف، وكان السلطان سليمان القانوني، ومعه الصدر الأعظم إبراهيم باشا، على رأس فرقة المدفعية، والجيش الإنكشاري.

أمر الصدر الأعظم الجنود التي بالصفوف الأولى بالتقهقر، لكي يندفع المجريون للوسط، ويلاقوا المدافع، والقناصة العثمانيين بوجوههم، فقامت المدافع بحصد الجيش المجري حصدا، وبغضون الساعة والنصف، أصبح الجيش المجري تاريخا أسود.

لم يكن هناك مجال لفرارهم، إما أن تلاقيهم المدفعية، وأما أن يغرقوا في مستنقعات وادي "موهاكس"، وكان ممن هلك معهم الملك "لايوش الثاني"،  وسبعةٌ من الأساقفة، وكبار قادة الجيش، ووقع بالأسر ما يقارب 25 ألف جندي مجري، في حين وصلت خسائر الجيش العثماني إلى 1500 شهيد، وآلاف الجرحى.

كانت هذه المعركة من المعارك التي يشهد بها التاريخ، حيث تم القضاء على الطرف الآخر في وقت قصير جدا، لم يتجاوز الساعتين، وقام الجيش العثماني بعد يومين بعمل عرض عسكري، أمام السلطان سليمان القانوني.

ومما لا مجال للشك به، أن هذه المعركة ظلت تاريخا أسود، يلاحق المجرين بعد مرور أكثر من 400 عام حتى يومنا الحاضر، إذ يعتبرونه يوم شؤم على تاريخهم، وهناك مثلٌ شائعٌ عند تعرض المجري لحظ سيء يقول "أسوء من هزيمتنا في موهاكس".

وفي يومنا الحاضر، ومما نشاهده على ردة فعل المجرين، بعدم السماح للاجئين السوريين بعبور الحدود المجرية للذهاب إلى أوروبا، يعكس ذلك التاريخ الأسود والحقد الدفين، على العثمانيين، وإخوانهم العرب المسلمين، وكما شاهدنا على وسائل الإعلام، طريقة معاملة المجر للاجئين بطريقة وحشية وهمجية، فهل كانت هذه الحرب هي السبب الأكبر، لهذه الطريقة الهمجية اللاإنسانية في معاملة اللاجئين؟ أم أن هنالك أسبابًا أخرى؟

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!