جلال سلمي - خاص ترك برس

طُرحت نظرية "تركيا الجديدة" عقب تولي البروفسور الأكاديمي أحمد داود أوغلو لزعامة حزب العدالة والتنمية خلفًا لأردوغان بتاريخ 10 آب/ أغسطس 2014، إذ قام داود أوغلو شخصيًا بطرح هذه النظرية وتبنيها في مشواره القيادي.

ويذكر الكثير من المحلليين والباحثيين السياسيين بأن نظرية "تركيا الجديدة" هي بمثابة قصة نجاح مثالية استطاع حزب العدالة والتنمية تحقيقها على مدى ثلاثة عشر عامًا ولخصها داود أوغلو بمصطلح "تركيا الجديدة" أو هي بمثابة تحدي واختبار صعب ومعقد بالنسبة لحزب العدالة والتنمية ليتمكن من اتمام خططه التنموية والتطويرية.

وحسب الباحث السياسي الاجتماعي إسماعيل تشاغلار، في دراسة أكاديمية بعنوان "حزب العدالة والتنمية ونظرية "تركيا الجديدة"" نُشرت في جريدة ستار التركية بتاريخ 19 أيلول/ سبتمبر 2015؛ فإن اختبار حزب العدالة والتنمية مع نظرية تركيا الجديدة أصبح بمثابة التحدي والاختبار المُعقد بعد خسارة حزب العدالة والتنمية لنسبته الاعتيادية في الانتخابات البرلمانية التي أجريت بتاريخ 7 حزيران/ يونيو 2015 تلك النسبة التي كان تؤهله لأن يصبح حزب الأغلبية القادر على تأسيس حكومة بمفرده ولكن بعد خسارته لها تبين بأن هناك خلل في قضية طرح نظرية تركيا الجديدة.

ويضيف تشاغلار بأن "مؤاشرات إمكانية نجاح حزب العدالة والتنمية في اختباره ونظريته يتحدد من خلال عدة عوامل ليس اقتصادية فقط بل سياسية واجتماعية أيضًا؛ ومن أهم العوامل السياسية الاجتماعية الشارع الكردي: لا يهتم المواطنون الأكراد بالجانب الاقتصادي بقدر اهتمامهم بالجوانب السياسية والاجتماعية والحقوقية والدستورية الخاصة بهم، ويبدو أن هجوم حزب العدالة والتنمية اللاذع على حزب الشعوب الديمقراطي، الذي اجتمعت تحت مظلته أغلب الأطياف الكردية تقريبًا، كان له دور في جعل الأكراد يتصورون بأن حزب الشعوب الديمقراطي الكردي الوحيد على الساحة السياسية هو الحزب الأجدر بتمثيلهم لأنه استطاع تحقيق نجاحات سياسية من خلال برنامجه السياسي التفاوضي المُتبع في عملية السلام الداخلي".

ويبين تشاغلار أن "على حزب العدالة والتنمية التحلي بالموضوعية وتجنب مهاجمة أي طرف آخر، بل عليه المُضي قُدمًا بأسلوبه المُحتضن الكلاسيكي ويجب أن يتجنّب التعرض لحزب الشعوب الديمقراطي بل عليه سرد الحقوق الخاصة بالمواطنين الأكراد من خلال الخطاب المباشر وتذكيرهم بإيجابيات عملية السلام الداخلي التي خطط لها وسطرها وطبقها حزب العدالة والتنمية وبأنهم من دون هذه العملية سيعودون إلى الأيام الصعبة التي لا تُذكر بالخير".

وحسب بعض الباحثين السياسيين؛ غفل حزب العدالة والتنمية عن توعية قاعدته الشعبية المُحافظة والقومية بنظرية تركيا الجديدة وكما أحدث حزب العدالة والانقلاب انقطاع شديد وخطير بين القيادة والقاعدة الشعبية التي تعودت على أن تكون دومًا مشاركة بالقرار ولكن في الفترة الأخيرة وبعد حدوث بعض الخلافات الطفيفة في المجلس القيادي الخاص بحزب العدالة والتنمية حدث انقطاع بين القيادة والقاعدة الشعبية المُحافظة والقومية والتي شعرت بانخداع بسيط من حزب العدالة والتنمية إذ اعتقدت بأنه تخلى عن أسلوبه التشاوري القريب للقواعد الدينية الإسلامية.

وتقترح الكاتبة السياسية فاطمة بربر أوغلو، في مقال سياسي له بعنوان "سبب خسارة حزب العدالة والتنمية" نُشر على الموقع الإلكتروني لجريدة ييني شفق، على حزب العدالة والتنمية وقيادته "بأن ترجع إلى أسلوبها التشاوري السابق الذي على أساسه انطلق حزب العدالة والتنمية عام 2002 ومن خلاله تقرب العديد من المحافظين، الذين يشكلون نسبة 45 % من المجتمع التركي، إليه وحافظوا على التصويت له أكثر من مرة وأكثر  من دورة، حزب العدالة والتنمية قدم العديد من الحقوق للمحافظين ولكن يجب أن يحافظ على قربه لهم لا سيما بعد طرحه نظرية "تركيا الجديدة" الذي أثارت بعض الغموض لدى القاعدة الشعبية التي لم تستوعبها بشكل تام".

وكما تقترح بربر أوغلو بأن "تكون نظرية "تركيا الجديدة" حائزة على حملة إعلامية ضخمة كاملة وشاملة لأبسط التفاصيل ليتم من خلالها مخاطبة جميع الفئات العمرية والأطياف المُختلفة المُشكلة للمجتمع التركي، ويجب رفع حالة الغموض عن هذه النظرية التي طُرحت ولم يتم شرحها بالشكل التي تحتاج إليه، حزب العدالة والتنمية يعتمد على قضية أنه الحزب الذي سطر أسطورة التقدم والتنمية في تركيا؛ هذا صحيح ولكن هذه الأسطورة تحتاج إلى عملية تذكير وترويج بشكل دائم وضخم ومُخاطب لجميع الفئات والأطياف حتى يتم الحصول على نجاح في اختبار تركيا الجديدة".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!