
جلال سلمي - خاص ترك برس
يؤكد مهندس السياسة التركية أحمد داود أوغلو في كتابه "العمق الاستراتيجي" بأن تركيا لا يمكن لها التطور إلا من خلال الحصول على الاستقلال الذاتي في كافة الجوانب والنواحي وخاصة الجانب العسكري الذي تملكه وتتحكم به ثلة قليلة من دول العالم.
حسب المصادر التاريخية الخاصة بالسياسة الخارجية التركية وخاصة كتاب "السياسة الخارجية التركية" المُسطر من قبل المؤرخ والباحث السياسي التركي باصكين أوران؛ كانت تركيا في السابق تعتمد بشكل تام على استيراد وشراء الأسلحة بكافة أنواعها من الدول الأجنبية الأخرى وخاصة الولايات المُتحدة الأمريكية التي كانت تزود تركيا بالأسلحة ولكن تُبقي "شيفرة" التحكم بهذه الأسلحة وإطلاقها خاص بها الأمر الذي كان يجعل تركيا شبه دمية تابعة لها.
بعد تخلي الولايات المُتحدة الأمريكية عن تركيا بعد تدخلها في القضية القبرصية بشكل مباشر عام 1974 وتماديها في هذا التخلي من خلال فرض حصار دولي كامل على تركيا، استمر هذا الحصار من عام 1974 إلى عام 1980، أيقنت تركيا أنه لا بد من إحداث تطور عسكري استراتيجي ذاتي لا يعتمد على أيٍ من الدول ومن أجل تحقيق هذا الخطة عملت تركيا عام 1975 على تأسيس شركة الصناعات العسكرية "أسيل صان" وعام 1984 أسست شركة الصناعات الجوية والفضائية العسكرية "توساش".
ولكن بقيت هذه المؤسسات أو الشركات عاجزة عن عملية التطور وإيجاد الأفضل نظرًا للظرف الاقتصادي الضيق جدًا الذي كان يُعتبر الشبح الخانق لتركيا حتى عام 2002، وبقيت تركيا إلى ذلك الحين مُحتاجة للدول الأخرى لتأمين جانبها العسكري واضطرت إلى التعامل مع العديد من الدول لتطوير نفسها عسكريًا فكانت تستورد أسلحتها ومهماتها من الولايات المُتحدة الأمريكية وفرنسا والصين وإسرائيل، ولكن بعد عام 2002 عملت تركيا على تحديث الكيان الإداري والإسهامي لشركتي توساش وأسيل صان من خلال فتح عدد كبير من أسهمها للقطاع الخاص للعمل بشكل جدي أكبر وعملت تركيا على توفير الدعم الوفير لهاتين الشركتين.
ومن خلال هذه الخطة التطويرية لهاتين الشركتين استطاعت تركيا، حسب التقارير الصحفية الأخيرة التي صدرت بعد حفل إنزال السفينة البرمائية "بيرقدار" محلية الصنع في البحر الذي تم بتاريخ 3 تشرين الأول/ أكتوبر 2015، الوصول إلى نسبة 40% من نسبة الاكتفاء الذاتي في المجال العسكري ويمكن سرد بعض المواد العسكرية التي استطاعت تركيا تطويرها باستقلالية ذاتية وبصنع محلي بالشكل التالي: الرادارات وأجهزة المراقبة بكافة أنواعها، قواعد التواصل اللاسلكي بين القاعدة وميدان العمليات، صناعات الطائرات الاستكشافية "الهيلكوبتر" المدنية والعسكرية بكافة أنواعها وبمواصفات عالية، صناعات دفاعات الحدود الأتوماتيكية وغيرها الكثير من الصناعات التي استطاعت تركيا أن تُثبت مدى عزمها في تحقيق تقدم عسكري ذاتي تام.
وتعقيبًا على موضوع التطور العسكري الخاص بتركيا يبين الباحث السياسي حسن يالجين، في مقالة تحليلية له بعنوان "حاجة تركيا لتطور عسكري استراتيجي"، نُشرت بتاريخ 19 أيلول/ سبتمبر 2015 في جريدة ستار التركية، بأن "تركيا أصبحت ذات عزم شديد على التطور العسكري في كافة المجالات العسكرية بعد تكالب العديد من المؤامرات عليها من الدول الصديقة والعدوة بعد تحقيقها لمستوى تقدم ملحوظ في كافة المجالات الخاصة بتطوير الدولة وتركيا الأن بحاجة إلى تطور عسكري استراتيجي مُلح وهي في الطريق إلى ذلك وتحقيقها نسبة 40% منذ عام 2002 إلى يومنا هذا يُبين واقعية رؤية 2023 الخاصة بحزب العدالة والتنمية والتي تنص على أن تركيا بحلول 2021 ستصبح حاصلة على نسبة استقلال عسكري ذاتي بنسبة 85 %".
وكما يشير يالجين إلى أن "تولي أحمد داود أوغلو مهندس جميع النظريات التقدمية في الفترة الحالية سيزيد من عجلة التقدم والتطور في كافة المجالات وعلى رأسهم المجال العسكري الذي يُعد المجال الأقوى لحماية الدولة وحماية تقدمها وتطورها في المجالات والأخرى، وخاصة بعد تأكيد دواد أوغلو في كتابه "العمق الاستراتيجي" بأن تركيا لا يمكن لها التطور إلا من خلال الحصول على الاستقلال الذاتي في كافة الجوانب والنواحي وخاصة الجانب العسكري الذي تملكه وتتحكم به ثلة قليلة من دول العالم، وهذا يثبت مدى عزم تركيا وروادها على إحداث تقدم ملحوظ في التقدم الاستراتيجي للمجال العسكري".
ويؤكد يالجين بأن "هناك نقص ملحوظ في مجال التقدم العسكري في الفترة الحالية ولكن هذا لا يعني بأن تركيا لن تستطيع تغطية هذا النقص حتى عام 2021 لأن إنجازها ونجاحها الباهر الذي تم تحقيقه منذ عام 2002 إلى يومنا هذا يؤكد مدى قوتها وقدرتها على تغطية هذا النقص".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!