محمود أوفور - صحيفة أقشام - ترجمة وتحرير ترك برس

كيف سيكون الوضع خلال انتخابات 1 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبلة؟ كيف سيقرر الناخب لمن يمنح صوته؟ وكيف سيكون حجم تأثير وعود حزب العدالة والتنمية الاقتصادية والسياسية على قرار الناخب؟

لم تؤثر الوعود الاقتصادية على قرار الناخب أثناء الإدلاء بصوته في الانتخابات الأخيرة التي جرت بتاريخ 7 حزيران/ يونيو، وإنما كانت النقطة الحاسمة التي بناء عليها صوّت الناخبون هي "القومية والأكراد"، ولذلك كانت أصوات الناخبين مبنية على الآراء السياسية بصورة أساسية.

وقد نجحوا في جعْل الناخب يصوّت بناء على هذا المبدأ، لأنه كان مشروعا يسعى البعض إلى تحقيقه، وقد نجحوا فعلا في ذلك، حيث أدار هذا المشروع الإعلام الغربي، وإعلام مجموعة دوغان وإعلام التنظيم الموازي، بالإضافة إلى تلقيهم الدعم الكبير في هذا الجانب من قبل حزب المعارضة الرئيس حزب الشعب الجمهوري.

عندما بنى حزب الشعوب الديمقراطي استراتيجيته الانتخابية بناء على هدف إزاحة حزب العدالة والتنمية عن سدة الحُكم، أصبحت نتائج الانتخابات مختلفة، ولهذا لم تكن المواضيع الرئيسية لانتخابات 7 حزيران الوعود الانتخابية، وإنما كان أساسها الوقوف في وجه العدالة والتنمية، ونحن الآن نتوجه إلى الانتخابات مجددا لكن في أجواء مختلفة تماما.

لم تمض فترة طويلة على انتخابات 7 حزيران، لكننا عشنا تجربة مختلفة، ولهذا فإنّ الناخب سيصوت للأحزاب السياسية بناء على نظرته لأدائها خلال الخمسة أشهر الماضية، وبناء على المكاسب التي حققتها الدولة التركية على مدار 13 عاما مضت، وسيكون العامل الأبرز المؤثر على أصوات الناخبين هو استخدام لغة تخفف من حدة "الاستقطاب المجتمعي" الذي نعيشه.

وقد أدرك المجتمع، وخصوصا أصحاب المستوى المتوسط الذين يشكلون العمود الفقري لمجتمعنا التركي، أدركوا حقيقة أنّ التوجه نحو الحزبيين القوميين الصغيرين قد أدى إلى تعطيل تقدم تركيا، وإلى تعطيل الحياة السياسية، وشكل خطرا على المستوى الاقتصادي الذي ينمو منذ 13 عاما نحو الأفضل.

الشعب بمختلف أقسامه، وعلى رأسهم الأكراد، شاهدوا كيف تم إنهاء عملية السلام بواسطة القتل، وشاهدوا من ضرب بعرض الحائط كل ما تم التوصل إليه في طريق عملية السلام والمصالحة الوطنية.

يتجه الناخبون نحو صناديق انتخابات 1 تشرين الثاني/ نوفمبر، وهم يدركون التجربة التي عاشوها خلال الأشهر القليلة الماضية، ولهذا لا ينظر المجتمع إلى الوعود الانتخابية بقدر ما ينظر إلى "ضمانات" تنفيذ هذه الوعود وتاريخ الأحزاب في تنفيذها وتحقيقها.

كشفت 4 أحزاب سياسية خلال الأيام الماضية عن حملتها ووعودها الانتخابية، وقد تابعت عن كثب وعود حزب العدالة والتنمية الانتخابية التي كشف عنها أحمد داود أوغلو يوم الأحد الماضي، وقد قطع حزب العدالة والتنمية الطريق على حدوث نقاشات غير مجدية داخل المجتمع، وفي نفس الوقت قدّم وعودا لجميع فئات الشعب، المتقاعدين والشباب، الرجال والنساء، وكانت السمة البارزة لهذه الوعود بأنها حقيقية وواقعية بعيدا عن المبالغة، خصوصا وأنها تخرج من حزب يدرك جيدا إمكانيات الدولة التركية.

وقد أكّد حزب العدالة والتنمية على وعوده الانتخابية هذه من خلال القيام بحملات سياسية أيضا، حيث ينوي إعطاء "بيوت الجمع" الإذن القانوني والحقوقي، وتقليل نسبة الحسم في الانتخابات، وتقوية الحُكم المحلي، والتأكيد على تمسكه بعملية السلام برغم النزاع الحاصل حاليا.

كل هذه الوعود الانتخابية تجعل حزب العدالة والتنمية مجددا هو الحزب المفضل لدى مجمل الناخبين، لأنه إلى الآن لا يوجد بديل حقيقي له، واحتمال قدرته على تشكيل الحكومة لوحده مرتفع جدا، وسيأتي بعد العدالة والتنمية حزب الشعب الجمهوري لكن بفارق واسع، والناخب لا يكترث للوعود التي يصدرها حزب الحركة القومية وحزب الشعوب الديمقراطي، والتصويت لهذين الحزبين ليس بسبب وعودهم الانتخابية.

ولذلك ستكون انتخابات 1 تشرين الثاني/نوفمبر المقبلة مبنية على أساس "الثقة"، وباختصار، مهما قدم حزب الحركة القومية وحزب الشعوب الديمقراطي من وعود، فلن يفلحوا في الحصول على ما حصلوا عليه خلال انتخابات 7 حزيران.

عن الكاتب

محمود أوفور

كاتب في جريدة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس