جلال سلمي - ترك برس

"بعد منة الله أصبحت تركيا تعتمد على إنتاجها المحلي في 40% من الأسلحة والمهمات الحربية"

منذ تأسيس تركيا كجمهورية عام 1923 وحتى عام 1975 وكان هناك اعتماد كامل على التسلح المستورد من الخارج وخاصة الولايات المُتحدة الأمريكية ولكن بعد التدخل التركي العسكري في قبرص عام 1974 قامت الولايات المُتحدة الأمريكية باستصدار قرار داخلي وقرار أممي يقضي بفرض حصار عسكري وسياسي واقتصادي على تركيا لاستخدامها الأسلحة الأمريكية في حربها على قبرص دون الرجوع إلى الولايات المُتحدة الأمريكية.

بعد هذا التاريخ تيقن الساسة الأتراك من أنه لا يمكن الاستمرار في إدارة تركيا وهي في حالة تبعية كاملة للعديد من الدول وعلى رأسهم الولايات المُتحدة الأمريكية، لذا قرروا عام 1975 تأسيس شركة الصناعات العسكرية الإلكترونية المُتطورة "أسيل سان" بشكل مستقل ومُعتمد على القدرات المحلية للانتاج وكما قاموا بتأسيس شركة الصناعات الجوية والفضائية التركية "توساش" عام 1984  للابتعاد عن التبعية العسكرية للغير.

واستطاعت هاتان الشركات التابعتان بشكل كبير إلى وزارة الدفاع التركية إلى صناعة وتطوير العديد من الأسلحة بالاعتماد على القدرات المحلية بشكل بحت ومن الأسلحة التي استطاعات هاتان الشركات تطويرها أجهزة مراقبة الحدود الإلكترونية والدبابات وطائرات الهيليكوبتر وأقمار صناعية وطائرات استكشافية بدون طيار والتي تُعد طائرة "أنكا" من أهم الأنواع التي تم تطويرها في هذا المجال.

وحسب الخبراء العسكريين المُصنعين لأنكا؛ فإن دورها لا يتوقف على تجميع المعلومات وكشف الأهداف المطلوبة بل يمكن استخدامها كأداة ضرب حربية سريعة تستطيع كشف الهدف وضربه بشكل دقيق وسريع دون الحاجة إلى إحدثيات هندسية دقيقة كما هو الحال في طائرات أف 16 وذلك لأن أنكا تحتوي على احداثياتها الداخلية.

وكما تتميز هذه الطائرات بأنها تستطيع كشف وتصوير العديد من الأهداف بدقة عالية ومن خلال ارتفاع عالي ملحوظ يصل إلى 10 آلاف متر يجعل من كشف المزيد من الأهداف وتوسيع دائرة تصوير الطائرة بدون طيار أمر ممكن، كما يوجد بحوزتها جهاز "رادار" يستطيع التقاط الطائرات بدون طيار أو الطائرات الحربية غير الصديقة بشكل سريع وتستطيع تحديد مكانها بشكل دقيق ومن ثم نقل هذه المعلومات المُلتقطة إلى غرفة العلميات بسرعة فائقة ودقة متناهية.

وما يميز الطائرات بدون طيار بشكل عام هو عدم احتوائها على كائن بشري بداخلها وهذا يعني بأنه في حين تعرضت لعملية هجوم أو في حين تعرضت لعطل تقني فذلك لن  يؤدي إلى مخاسر بشرية وهذا ما يُشجع الكثير من الدول حول العالم وخاصة الولايات المُتحدة الأمريكية و "إسرائيل" وتركيا تُفضل استخدام هذا النوع من الأدوات الحربية لجمع المعلومات الاستخباراتية الثمينة وذات التكاليف الطفيفة.

وترى الباحثة السياسية مروة ساران، في مقال تقييمي لها بعنوان "إسطول الطائرات بدون طيار والحرب الحالية" نُشر في جريدة ييني شفق بتاريخ 13 تشرين الأول/ أكتوبر 2015، بأن "تركيا في حربها الأخيرة ضد الإرهابيين، حزب العمال الكردستاني وداعش، اعتمدت بشكل كبير على المعلومات الاستخباراتية التي حصلت عليها عن طريق الطائرات بدون طيار، فكانت الطائرات بدون طيار تكشف وترصد وكانت الطائرات الحربية تتلقى احداثيات هذه الأهداف من غرفة العمليات وعلى الفور كانت تقوم بضرب الأهداف المرصودة، هذه العملية الاستخباراتية العملية والسريعة سهلت عمل القوات التركية المُسلحة وجعلته أكثر نجاعة وإصابة للأهداف المطلوبة".

وتؤكد ساران في مقالها التقييمي بأنه "على الرغم من انحصار استخدام هذا النوع من الطائرات لبعض الدول مثل الولايات المُتحدة الأمريكية و"إسرائيل" وتركيا وغيرهما إلا أن هذا النوع من الحداثة الاستخباراتية التكنولوجية سيجعل العديد من الدول إلى استخدامه وهو ماسيخلق تنافس عسكري استخاراتي ضخم بين الدول التي سيسعى بعضها إلى تطوير هذه الطائرات وتزويدها العديد من التقنيات التكنولوجية التي ستجعلها أكثر تطورًا مقارنة بأي نوع أخر من الطائرات المماثلة لها".

يفيد الخبير العسكري التركي أحمد إقبال، في أحد اللقاءات التلفازية، بأن "الطائرات بدون طيار أصبحت رمز الحرب الأمريكية ضد الإرهاب، فبعد انسحاب الولايات المُتحدة الأمريكية من أفغانستان وباكستان والصومال أصبحت تستخدم هذه الطائرات لضرب أهدافها "الإرهابية" في الصومال وباكستان وأفغانستان واليمن واليوم تركيا تحاول أن تحذو حذو الولايات المُتحدة الأمريكية من خلال استخدام الطائرات بدون طيار لقصف الأهداف الإرهابية خاصة بعد التنافس العسكري الضخم الذي أصبح متفاقم بعد تدخل روسيا العسكري، تحاول تركيا تجنب الاصطدام مع هذه الدول من خلال تكثيف استخدام الطائرات بدون طيار ولكن هذا لا يعني الاستغناء بشكل كامل عن الطيران الحربي الذي ستُبقي تركيا على استخدامه في استهداف حزب العمال الكردستاني الأكثر خطرًا".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!