جلال سلمي - خاص ترك برس

شهدت تركيا الكثير من الأحزاب السياسية منذ تأسيسها وحتى اليوم؛ بعض هذه الأحزاب مر مرور الكرام دون أن يكون له أي تأثير على الحياة السياسية وبعضها كان له أضرار كبيرة وجسيمة على مسيرة التقدم السياسي والاقتصادي الخاص بتركيا وبعضها كان له بصمة إيجابية في دعم مسيرة التقدم والحرية والديمقراطية في تركيا.

ويرى الخبراء والباحثين الأتراك بأن الحزب الديمقراطي هو أول حزب سياسي تركي قاد عملية التقدم والحرية والديمقراطية الفردية والجماعية في تركيا؛ وبالرجوع إلى المصادر التاريخية الخاصة بتاريخ السياسة الداخلية التركية؛ تأسس الحزب الديمقراطي بتاريخ 7 كانون الثاني/ يناير 1946 من قبل كل من الاقتصادي المؤسس لخطط الاقتصاد التقدمي الخاص بتركيا جلال بيار والسياسي عدنان مندرس والخبير في الشؤون الخارجية فاتن رشدي زورلو.

جلال بيار

عدنان مندرس

وحسب الوثيقة التأسيسية للحزب الديمقراطي فإن المبادئ الأساسية للحزب هي كالتالي:

ـ تبني الأيدولوجية المحافظة الإسلامية والديمقراطية لاحتضان جميع أطياف وفئات الشعب التركي.

ـ انتهاج منهج الاقتصادي الليبرالي الحر، على العكس من المنهج الاقتصادي المغلق والمدول التي كان يتبع الحزب الديكتاتوري حزب الشعب الجمهوري.

ـ السير على النهج الديمقراطي والمحافظة على القوانين الداعمة له واستصدار الجديد منها لتطويره.

بعد مُضي 4 سنوات على تاريخ تأسيس الحزب الديمقراطي عُقدت أول انتخابات برلمانية بتاريخ 14 أيار/ مايو 1950  وحصل على نسبة  55,2% في أول انتخابات برلمانية يخوضها، وهذا يدل على مدى تعطش الشعب التركي إلى بديل عن حزب الشعب الجمهوري الذي حكم لمدة 27 عام وأذاقهم خلالها ويلات الظلم والقهر.

وتوالى فوز الحزب الديمقراطي في الانتخابات البرلمانية لثلاث دورات مُتكاملة إذ دخل انتخابات 2 مايو 1954، وحصل على نسبة 57,2%، وتُعد هذه النسبة نسبة قياسية لم يستطع أي حزب إلى الأن الوصول لها وأيضًا دخل انتخابات 27 نوفمبر 1957 وحصل على نسبة 47,8% ويُعزي بعض الخبراء هذا السقوط في نسبة الأصوات إلى بعض التراجعات الاقتصادية الطفيفة التي طفت على السطح بعد انقطاع العلاقات السورية، العراقية، المصرية التركية بشكل شبه كامل الأمر الذي أثر على معدل النمو الاقتصادي التركي، واستمر الحزب الديمقراطي في الحكم إلى تاريخ 27 مايو 1960 إذ انقلب عليه الجيش وأبعده عن الحكم وقام بإعدام مؤسسيه عدنان مندريس وفاتن رشدي زورلو، ولم يتم إعدام جلال بايار بسبب عمره القانوني الذي أنقذه من هذا الإعدام الغادر بالديمقراطية.

الإنجازات والنجاحات التي حققها الحزب الديمقراطي خلال فترة حكمه:

بعد فوز الحزب الديمقراطي بانتخابات 1950 قرر المجلس المركزي للحزب جعل عدنان مندريس رئيس الوزراء وجلال بايار رئيس الجمهورية واستمر هذا التوزيع إلى عام 1960 حيث الانقلاب العسكري واستبعاد الحزب الديمقراطي عن الساحة السياسية، ويمكن تصنيف الإنجازات والنجاحات التي توصل إليه الحزب الديمقراطي بالشكل التالي:

ـ ضم تركيا إلى حلف الشمال الأطلسي "الناتو" عام 1952 بعد إرساله قوات تركيا للحرب الكورية عام 1950، وكان الهدف الأساسي من ضم تركيا إلى الناتو هو تأمين حدودها وأمنها من هجمات أو اعتداءات الاتحاد السوفييتي الذي هدد وتوعد تركيا أكثر من مرة سرًا وعلنًا.

ـ إصلاح النظام التعليمي وتوفير فرصة التعليم لجميع المواطنين الأتراك من خلال إنشاء مدارس في القرى والمناطق النائية وحسب مؤسسة الإحصاءات التركية؛ كان عدد الطلاب قبل تولي الحزب الديمقراطي لمقاليد الحكم مليون و460 ألفًا ولكن بعد تولي الحزب الديمقراطي للحكم أصبح عدد الطلاب مليونين و280 ألف طالب.

ـ وضع قانون التأمين الصحي وقانون حقوق العاملين، بعد أن كانا غير موجودين قبل ذلك.

ـ أرجع الأذان إلى اللغة العربية عام 1952 بعد أن تم تحويله للغة التركية من قبل مصطفى كمال أتاتورك عام 1934، وسمح بتعلم اللغة العربية وسمح للحجاج الأتراك الذهاب إلى الديار المُقدسة بعد أن تم منعهم لمدة 27 عام متتالية خلال فترة حكم حزب الشعب الجمهوري.

ـ تبنى نظام السوق الحر والسماح للتجار الأتراك بالقيام بعمليات الاستيراد والتصدير الأمر الذي جعل السوق التركي غني بالكثير من البضائع والسلع بعد أن كان يعاني من شح ونقص حاد.

ـ شهدت فترة حكم الحزب الديمقراطي تقدم اقتصادي ملحوظ في الناتج القومي ومتوسط دخل الفرد وحجم النمو الاقتصادي.

بعد هذه الإنجازات والنجاحات التي حققها الحزب الديمقراطي؛ رأى الجيش التركي بأن هناك تقدم للمحافظين والإسلاميين في الدولة وهذا مايهدد المبادئ العلمانية الكمالية للجمهورية التركية فقاموا بتاريخ 27 مايو 1960 بالانقلاب على الحزب الديمقراطي وأعدموا مؤسيسه، ويُعتبر الحزب الديمقراطي هو البذرة الأولى للتقدم والحرية والديمقراطية في تركيا ويعتبر حزبا الوطن الأم، الذي تأسس عام 1983 بواسطة توجوت أوزال، والعدالة والتنمية، الذي تأسس عام 2001 بواسطة عبدالله غول ورجب طيب أردوغان وبولنت أرنتش، الحزبين الوريثين للحزب الديمقراطي في تركيا.

المراجع:

https://www.pegem.net/dosyalar/dokuman/139219-20140207181959-2.pdf

http://www.sadikcan.com/12-konu-demokrat-parti-donemi-1950-1960.html

http://www.aksitarih.com/demokrat-parti-2.html

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!