فهمي كورو - صحيفة خبر تركيا - ترجمة وتحرير ترك برس

في لقاء لرئيس الوزراء أحمد داود اغلو على البرامج التلفزيونية علق على مسألة داعش قائلًا: "إن داعش تمثل النقيض التام للإسلام الحنيف"، وكان يقصد هنا أن داعش تخالف الإسلام بـ180 درجة كاملة، فلهذا نرى الناس في تركيا قد علموا أن داعش لا تمثل الدين الإسلامي، وكيف ستمثله وهي تعارض ما جاءت به الآيات والأحاديث بفهمهم المغلوط البعيد عن أسباب النزول ومقاصد النصوص الشرعية، فبسبب جهلهم أصبح مفهوم "الجهاد" عندهم هو "الحرب" التي أعلنوها على كل العالم.

يرى المسلمون الذين يعيشون في تركيا أن الإسلام هو دين الحياة والتعايش مع الآخر لا دين دعوات محاربة وقتل الآخر، فالإسلام لا يدعو إلى تفجير المخالفين فكريا، ولا يدعو أيضا إلى قطع رقابهم، بل نرى الإسلام يقف موقف الرفض لكل هذه الأشكال الوحشية.

قبل عامين قامت وزارة الشؤون الدينية بمشاركة تقرير تبيّن ماهية داعش ومثيلاتها، وقبل شهرين من الآن قامت من جديد بنشر تقرير من 33 صفحة يُبين الأصول الفلسفية والشرعية التي يقوم عليها داعش، وكانت باختصار على النحو التالي: "الدين الإسلامي كما جاء في القران والسنة يحفظ أرواح ودماء وأعراض وأموال الناس كما يعدها محرمة ومن الضرورات التي يجب أن تُصان".

في عملية لجس نبض الشارع التركي أجرت شركة متروبول للدراسات والأبحاث استفتاء لمعرفة راي الناس بداعش، وكانت النتيجة مثلما وصفت لكم، فكان معدل المُجيبين على سؤال "هل تشعر بالتعاطف مع داعش؟" هو أقلية لا تزيد عن 1.6%، بينما كانت نسبة المُجيبين بلا كاسحة؛ فمثلا كانت النسبة 95% بين صفوف حزب العدالة والتنمية، وكانت نسبة المُستحقرين لخطر التنظيم تقارب 4%، أما نسبة القائلين بعظم خطره فقد تجاوزوا 51%، وكانت نسبة من قال بأن التنظيم خطر دون مبالغة في توصيف الخطر تقارب 30%. وتأتي هذه الأرقام لتدعم حقائق الواقع التركي، فالمناخ والجو العام أوصد كل الأبواب والنوافذ التي قد تُبقي أدنى بصيص أمل بتعاطف مع تنظيم داعش، كما كانت ردود أفعال الآباء والأمهات ذات أثر كبير في محاصرة التنظيم اجتماعيا؛ فعندما يعلم أيّ من الآباء بنية أولادهم في الانضمام إلى داعش كانوا يبلغون الشرطة.

إذا كان المزاج العام للأوضاع في تركيا يمنع وجود حاضنة شعبية لتنظيم داعش؛ فما سبب وجود أطفال وشباب يتقدمون ليكونوا قنابل بشرية من أجل خدمة أجندات التنظيم؟ السبب هو أن هؤلاء المُغرّر بهم لم تصلهم أصوات نصح وهداية الحملات الدعوية والتوعوية، فهم يحتاجون إلى أن يروا نماذج حية لمن تابوا عن ضلالات ذلك التنظيم، كما ويحتاجون إلى تشخيص سليم لانحرافاتهم الفكرية أو العقائدية من أجل نصحهم بالشكل الصحيح.

فالشباب يحتاج إلى توضيحات دينية وكشف خفايا المؤامرات والأعمال الاستفزازية، ففي تركيا يوجد الكثير ممن هو مُهيأ ليصبح وقودًا لنزاعات إقليمية وعالمية، فمن شارك في نزاعات السابق هم نفسهم من يشارك اليوم مع تنظيم داعش وحزب العمال الكرستاني ليكونوا حطبا يُسعّر نار الحروب في المنطقة.

الا يُعتبر هذا خسارة ومضيعة لطاقات الشباب في وطننا الحبيب؟

عن الكاتب

فهمي كورو

كاتب في موقع خبر ترك


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس