حسين يايمان - صحيفة وطن - ترجمة وتحرير ترك برس

يحار المرء حين يسمع النقاشات الدائرة حول مفهوم تركيا الجديدة. أول من استخدم مفهوم "تركيا الجديدة" كان أتاتورك وذلك بعد انهيار الدولة العثمانية. عرفها أتاتورك بشكل واضح وصريح في قوله: "تركيا الجديدة لا تمت بصلة إلى تركيا القديمة، لقد انتهى عهد الدولة العثمانية. ولدت الآن تركيا الجديدة". استعملت كلمة تركيا الجديدة في دخول الإمبراطورية العثمانية إلى التاريخ ووصف الجمهورية الجديدة. في الأدب هناك استعمالان للكلمة الأول هو التاريخي/ المرحلي، والثاني هو السياسي.

من "الجمهورية الثانية" إلى تركيا الجديدة

بتأثير من النظام الفرنسي أعطيت الجمهورية أرقاماً في الدستور. فسميت الجمهورية الثانية في دستور عام 1961 بعد انقلاب 27 أيار/ مايو، وسميت الجمهورية الثالثة في دستور عام 1982.

أول من استعمل مفهوم النظام سليم الثالث. فقد استعمل مفهوم "النظام الجديد" لترسيخ تأثير الثورة الفرنسية على الإمبراطورية العثمانية، وبإعلان الجمهورية أصبح هناك تغير جذري في النظام.   

في السيتينات من القرن الماضي أثارت النقاشات حول النظام مفاهيم جديدة في السياسة. وتناول العديد من الكتاب ذلك في كتاباتهم منهم: إدريس كوتشوك عمر في كتابه "تحول النظام إلى أجنبي"، داود آفجى أوغلو في كتابه "نظام تركيا"، إسماعيل بشيكتجي في كتابه "نظام شرق الأناضول". ويشمل ذلك إصلاح الدولة في تركيا الجديدة والذي لم يتحقق منذ سنوات طويلة.

البحث عن نظام جديد أو"يجب أن يتغير هذا النظام"

انعكست هذه النقاشات بشكل طبيعي على السياسة. قال بولانت أجاويد "يجب تغيير هذا النظام" واستخدم نجم الدين أربكان "النظام القومي". ونرى من كل ذلك أنه ولو تغير الاسم فهناك "بحث عن نظام" على مر 200 عام في هذه المنطقة. في هذا الصدد ليست كلمة تركيا الجديدة مفهوم جديداً فلها حكاية قديمة كما رأينا.

كان آخر استخدام لمفهوم تركيا الجديدة في إعادة صياغة الدستورعام 2010 حيث ورد كثيراً. خصوصاً في مؤتمر حزب العدالة والتنمية عام 2010 في "البيان السياسي الجديد"، وفي وثيقة "رؤية رئيس الجمهورية" التي أعلنت قبل الانتخابات الرئاسية، وأخيراً وردت في الكلمة التي ألقاها الرئيس أردوغان في المؤتمر مؤخراً. لم يخرج رئيس الوزراء داود أوغلو عن إطار أردوغان واستعملها في كل كلماته في مؤتمر الحزب.

هل في مفهوم تركيا الجديدة اليوم عودة إلى العثمانية؟

بعد كل هذه التوضيحات لم تشعروا بالارتياح. أليس كذلك؟ لم يكن حزب العدالة والتنمية أول من استعمل مفهوم تركيا الجديد. يعود أصل المفهوم إلى حكاية طويلة. حتى أن هناك أحزاباً أسست تحت هذا الاسم. فقد أسس أكرم علي جان من الحزب الديمقراطي حزباً جديداً في 27 أيار/ مايو عام 1961 سماه تركيا الجديدة.

وإن كان أكرم جان يثير العجب لأنه ينحدر من الحزب الديمقراطي، فقد سبقه إسماعيل جيم الذي عمل لسنوات طويلة كوزير خارجية والمعروف بهويته الاجتماعية الديمقراطية وانفصل عن الحزب الديمقراطي اليساري وأسس حزب تركيا الجديدة عام 2002. هذا بالإضافة إلى حسن جلال غوزيل المعروف بأفكاره القومية والذي يصدر منذ 20 عاماً مجلة تحت عنوان "تركيا الجديدة".

كيف يمكن لدولة ان تكون دولة عثمانية جديدة ودولة قوية مديرة للدول النامية بنفس الوقت؟

لا يعلم هؤلاء الذين يقفون ضد مفهوم تركيا الجديدة أنهم يعيشون تناقضاً تماماً كما لو كانوا ضد تعبير الدولة العثمانية. كيف يمكن لحكومة واحدة أن تكون ذات دور كبير في مشروع الشرق الأوسط الكبير، عثمانية جديدة، موكلة بمساعدة الدول الضعيفة، أنورية (إسماعيل أنور أحد مؤسسي حزب الاتحاد والترقي الذي تحرك ضد الدولة العثمانية)، جزء من الشرق الأوسط، مع الأمم المتحدة وضد الأمم المتحدة. يجب أن يوضح أحد كل هذا. أعتقد أن هذا ليس لب الموضوع، بل هو أن مفهوم المعارضة تحول إلى العدم. لا تملك المعارضة القدرة على العمل السياسي، بل إنها لا تفتأ تطلق انتقادات ضعيفة للحكومة حول مواضيع يومية. لابد من الهدوء قليلاً، لأن تركيا الجديدة تعمل فعلاً على تحويل هدفها "الصعود إلى مستوى الحضارة الحديثة" من قول إلى فعل.

عن الكاتب

حسين يايمان

كاتب في صحيفة وطن


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس