إبراهيم تينيكجي - صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس

هناك سؤال يطرح نفسه في هذه الأيام: هل الضحية الأساسية للإرهاب هو العالم الإسلامي، أم العالم الغربي؟

من الواضح أن الإرهاب أصبح الوسيلة والأداة الرئيسية وحجة للتدخل في شؤون الدول الأخرى، هذه الوسيلة لا يمكن أن يعترض عليها أحد وكذلك مقنعة للرأي العام العالمي إلى حد ما.

أكبر دليل على هذه النقطة المهمة الأحداث الجارية في فرنسا في هذه الوقت الحاضر، فمنذ بداية الأزمة السورية وفرنسا تعمل جاهدة لعدم الدخول في مرحلة معقدة لا نهاية لها، لكن فجأة وجدت نفسها في وسط الصراع وبدأت بشن هجمات والانتقام لمجزرة باريس، فالقنابل التي تُقذف على الرقة مكتوب عليها "تحية لكم من باريس"، هل هذه دولة القانون التي تفتخر بأنها رقم واحد عالميًا في القانون والحقوق؟! كذلك ملايين المسلمين المظلومين حول العالم والذين راحوا ضحية الغرب لمن يشكوا حالهم؟

في المقابل تقوم أمريكا بحبس شخص مسلم بلا أي ذنب اقترفه وتُلقي به إلى عتمات السجون لسنوات عديدة، هل ننتظر الرحمة والعدالة من دولة كهذه؟ اعتقال العديد من المدنيين وإخراجهم من بيوتهم بالقوة والقيام بشن هجمات على الأبرياء العُزّل بالطائرات الحربية وتقديم الدعم للمنظمات الإرهابية في وضح النهار، هل علينا أن ننتظر من هذه الدول أي عدالة؟ هذه سياسة الدول الغربية وأمريكا حيث لا تستحي أو تُخفي دعمها للمنظمات الإرهابية!!

أليس عجيبًا أن تنقلب جميع الدول المجاورة والمحيطة بإسرائيل رأسًا على عقب، فلقد انهارت العراق وسوريا ولبنان واليمن ومصر وليبيا لكن لم تتأثر إسرائيل بجميع هذه التغيرات رغم وجودها في وسط تلك الجغرافيا؟!

الأسئلة كثيرة والأجوبة واضحة كالشمس في وضح النهار...

لقد صادفت أثناء قراءتي عن موضوع إسكان العشائر التركمانية في مدينة الرقة السورية بعض الأشياء الملفتة للنظر، فهذه بعض السطور من كتاب طوفان غوندوز بعنوان (العشائر التركمانية في بلاد الأناضول)، حيث يقول الكاتب: "لقد لقت المنافسة الشرسة بين السيد أوزون حسن والدولة العثمانية صدد كبير في قصور أوروبا، فبناءًا على هذا التنافس قامت بتجهيز شحنة من المستلزمات العسكرية مكونة من (16 مدفع و200 قوس و1000 بندقية و20000 رصاصة وذخيرة وفرقة تتكون من ضباط عسكريين لإعطاء دورات تعليمية في مجال القتال واستعمال السلاح) وقامت بإرسالها إلى ميناء سيليفكا، لكن استيلاء الدولة العثمانية آنذاك على أراضي كرامان أغلو حال دون إرسال هذه الشحنة وإلغائها" (ص/28).

هذه هي الحضارة التي تتحدث عنها أوروبا والعالم الغربي، حضارة قائمة على العادات السيئة التي تجري في دمائهم وما زالت مستمرة حتى يومنا هذا، وظهرت جلياً في حرب العراق وإيران وسارت بهذا النهج حتى وصلت إلى شمال سوريا، فكما كانت تفعله سابقاً تقوم بح حالياً من خلال دعم عناصر ومجموعات إرهابية لزعزعة أمن المنطقة والعمل على تقسيمها وتفريق الشعب الواحد في سبيل أطماعهم الاستعمارية.

حسب ما ورد في الإعلام الغربي أن منفذي الهجمات في فرنسا يحملون بطاقات مواطنة أوروبية، السؤال هنا: لماذا قاموا بهذا العمل؟ وكيف نُفسر قيام جهة بالكشف عن الجهة المنظمة للحادث فورًا بعد ساعات معدودة من وقوعه وعدم قدرتها على إلقاء القبض عليهم ومنع الهجوم الذي خُطّط له أسابيع عديدة؟ ما هذا التناقض؟!

في الجهة المقابلة، المؤمن الحقيقي الذي يمتلك بصيرة عالية مُتيقن جدًا أن أي هجوم إرهابي يحصل في الغرب أمريكا ستعود آثاره على الجغرافيا والديار الإسلامية، فالمؤمن لا يمكن أن يفتح المجال لمثل هذه الاعتداءات التي تنال عليه من كل حدب وصوب، فحالة الوهن التي يمر بها المسلمين ليست حديثة بل تمتد جذورها من مائة عام ماضية ومنذ انهيار الإمبراطورية العثمانية.

روسيا اليوم تقوم بارتكاب المجازر بحق المدنيين السوريين، فهذه جرائم منظمة ترتكبها الدولة نفسها. كذلك الأمر بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي الذي لا يلبث يوم إلا ونسمع ونشهد على جريمة من الجرائم التي يرتكبها بحق الفلسطينيين، فحادثة المستشفى التي قامت إسرائيل بقتل شخص واختطاف مصاب إلى مكان مجهول ليست الأولى في تاريخ هذه الدولة الإجرامية.

الدولة تقوم بأعمال إرهابية منظمة، هل هناك من يقف في وجه هذه الدول ويقول كفاكم فاليوم يوم الحساب، هل يستطيع أحد أن يمنع هذه الاعتداءات؟ لماذا؟

يجب علينا طرح هذا السؤال على أنفسنا قبل التوجه إلى منظماتهم التي تدعي القانون وتساند الدول الإرهابية.

يجب علينا ترك التعبير عن غضبنا على صفحات التواصل الاجتماعي، كفانا ذل ومهانة، لا بد من التغيير والتفكير أبعد من استخدام كلمات وجمل للتعبير عن الواقع الذي نعيشه، فالواجب على المسلمين إنشاء دولة مستقلة قوية تحفظ حقوق المسلمين، وتنهي هذه المهزلة المستمرة والتي أصبحت كالوباء على شعوبنا، ومن هنا تأتي أهمية تركيا في القيادة وفي تكوين نظام يحفظ للمسلمين كرامتهم بين شعوب العالم الأخرى.

الدول الغربية أصبح أمرها مكشوف للجميع، فهي تجعل من الإرهاب حجة للتدخل في شؤون المسلمين وتبعث برائحة الإرهاب في كل مكان، حتى المدافعون عن أوطانهم في وجه الاحتلال الخارجي صُنّفوا على أنهم إرهابيين والنتيجة معروفة. فالظلم يبقى ظلمًا مهما كانت الأسباب، والباطل لا يمكن أن يكون حقًا مهما طال عمره وكثر مؤيدوه، فالمثل يقول: "الذي ليس عنده شجاعة على مواجهة أخطائه، ينسى نفسه ويتذكر أخطاء الآخرين فقط".

نعم؛ فالأحداث التي نعيشها اليوم إذا لاحظنا جيدًا تُظهر أن جميع الجهات التي ننتظر العون من الإرهاب تستعمل نفس الكلمات ونفس اللغة، سواء كانت محلية أو أجنبية فلا يوجد فرق بينهم، فمُشعلو الصراعات والحروب في المنطقة يتحججون باسم السلام ونشر السلام.

في الختام؛ بعد هجوم أنقرة قامت جهات معينة بحملة واسعة ترفع شعار "الدولة القاتلة"، والغريب في الأمر أن من يقوم على هذه الحملات وما شابهها لديهم علاقات مع منظمات إرهابية ولهم اتصالات خارجية مع ناشرو الفتنة ومرتكبو المجازر حول العالم، فالدول التي تُعلن الحرب على الإرهاب نفسها الدول التي تقوم بدعم هذا الإرهاب، لا يبقى لنا سوى أن نقول نحن ضد المنظمات الإرهابية وضد الدول التي تستعمل الإرهاب كوسيلة للإرهاب.

عن الكاتب

إبراهيم تينيكجي

كاتب في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس