جلال سلمي - خاص ترك برس

لم يلتزم فيصل بن تركي وابنه عبد الله بن فيصل، الذي تولى الحكم بعد هزيمة أخيه عبدالرحمن، بالاتفاقيات المُبرمة بينهما وبين الدولة العثمانية، حيث حاولوا فرض سيطرتهم السياسية على بغداد وسواحل البصرة وحاربوا الجيش العثماني المرابط على ثغور تلك المناطق أكثر من مرة، هذه الهجمات المتكررة زادت من قلق السلطان العثماني، في تلك الفترة، عبدالعزيز، فأمر، عام 1871، والي بغداد مدحت باشا بتجهيز جيش لصد الهجمات السعودية غير المُلتزمة بالمعاهدات وتعطيل الخطط الإنجليزية في السيطرة على خليج البصرة.[1]

أرسل السلطان العثماني عبد العزيز جيشًا مُساندًا لجيش مدحت باشا الذي انطلق صوب المناطق الخاضعة لسيطرة آل سعود، حقق مدحت باشا انتصارًا كبيرًا واستطاع السيطرة على أغلب المناطق التي كانت في ظل الحكم السعودي، بعد وصول مدحت باشا إلى نجد، عمل على إعطاء أل سعود ولايتها فقط ومنع عنهم ولايات المناطق الأخرى التي وُهبت لهم من قبل الدولة العثمانية في وقت سابق.[2]

مع التنظيمات الجديدة التي قام بها مدحت باشا عقب وصوله نجد، تسلم عائلة آل ثاني حكم منطقة قطر وبعض الولايات المُحيطة بها، وبذلك دخلت عائلة آل ثاني التاريخ، ومازالت هذه العائلة باقية على رأس السلطة، في قطر، إلى يومنا هذا.

مع بدايات القرن التاسع عشر بدأت الحروب الداخلية لآل سعود تنخر وتضعف سلطتهم، استغلت قبائل آل الرشيد، التي كانت حاكمة لجبل شمر، هذه الحرب وانقضوا على آل سعود في نجد، هزم آل رشيد آل سعود وأخضعوا منطقة نجد لحكمهم السياسي.

بعد هذه الهزيمة، توافد آل رشيد وآل سعود وقبل آل سعود تسليم الحكم في نجد إلى آل رشيد، بعد ذلك قام أبناء سعود بن فيصل، الذين حاربوا آل رشيد وكانوا في حرب داخلية مع عمهم عبد الله بن فيصل، بالاتجاه نحو الرياض، التي كانت خاضعة لسيطرة عمهم عبد الله، للسيطرة عليها وطرد عمهم منها.[3]

تذرع آل الرشيد بهذا الهجوم غير المُتفق عليه، فاتجهوا، عام 1891، صوب الرياض وأملوا على أبناء سعود الخروج من الرياض وإطلاق صراح عمهم عبد الله، قبل أبناء سعود بذلك مضطرين واتجهوا إلى الكويت للدخول تحت حماية آل الصباح، وبذلك تكون الدولة السعودية الثانية قد انهارت وتفككت.[4]

في ظل هذه الأحداث الجارية على الأرض؛ اتبعت الدولة العثمانية سياسية "الكسب الثنائي"، إذ قبلت بحكم أل رشيد على نجد والرياض، وفي ذات الوقت؛ خصصت رواتب شهرية لأمراء آل سعود الموجودين تحت الحماية الصباحية في الكويت.[5]

لا بد وأن آل سعود استفادوا كثيرًا من إقامتهم، في الكويت، حيث بدؤوا بتحركاتهم السياسية وغير السياسية من أجل استعادة أمجاد جدودهم وحكمخهم الذي فقدوه قسرًا، وكان أول تحرك فعلي لهم عام 1902، إذ قام عبد العزيز آل سعود بالاتجاه نحو الرياض مع جيشه، الذي تم تأسيسه وتجهيزه في الكويت، لاسترجاع الرياض ومجد الأجداد، وكان له ذلك في معركة "قصر المصمك" إذ هزم آل رشيد ودخل الرياض، وبنفس اليوم، 2 كانون الثاني/ يناير 1902، الذي دخل فيه عبد العزيز تم إعلان الدولة السعودية الثالثة التي ما زال إرثها باقيًا إلى الآن.[6]

كان أول رد قامت به الدولة العثمانية تجاه هذه التحركات هو الاعتراف بسيطرة عبدالعزيز على الرياض ومن ثم نجد، ازدهرت العلاقات العثمانية السعودية الدبلوماسية واستمرت على هذا النمط إلى عام 1913، حيث بدأت بوادر الضعف على الدولة العثمانية، وفي نفس العام اضطرت الدولة العثمانية إلى توقيع اتفاقية إسطنبول بينها وبين الإمبراطورية البريطانية تقضي بتقسيم منطقة الخليج بين الطرفين.[7]

[1] أحمد حلبي، العلاقات السعودية التركية ـ مابين الماضي والحاضر، خلق للدراسات، تاريخ الوصول 24 نوفمبر 2015.

[2]أيهان فيصل، العلاقات التركية السعودية من الماضي إلى المستقبل، الصفحة الرسمية لموقع مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية، تاريخ النشر 10 نوفمبر 2015، تاريخ الوصول 15 نوفمبر 2015.

[3] المصدر نفسه.

[4]موقع زمزم السعودي، العلاقات السعودية التركية.. بدأت قبل 78 عاما ً والملك فيصل سجل أول زيارة، تاريخ النشر 12 نوفمبر 2015، تاريخ الوصول 22 نوفمبر 2015.

[5]المنصوري حميد، العلاقات التركية مع دول الخليج، موقع الاتحاد الإخباري، تاريخ الوصول 22 نوفمبر 2015.

[6] المصدر نفسه.

[7]دبلومات أطلس، العلاقات التركية السعودية، تاريخ الوصول 24 نوفمبر 2015.

عن الكاتب

جلال سلمي

صحفي وباحث سياسي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس