ترك برس

رأى خبراء ومحللون سياسيون، أن إيران وروسيا تقفان وراء موقف بغداد، وتهديد رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، لتركيا حيال قيامها باستبدال وحداتها العسكرية في معسكر لتدريب قوات البيشمركة بمدينة الموصل التابعة لمحافظة نينوى شمال العراق، مشيرين أن العبادي والحكومة العراقية كانوا على علم بوجود القوة التركية لتدريب المقاتلين في تلك المنطقة.

وأشار المحللون إلى أن تواجد قوات تركية لتدريب البيشمركة في الموصل كان بتفاهم قديم مع بغداد إلا أن حاجة روسيا لرد عسكري يجعل ضرب هذه القوات عبر حلفائها فرصة ذهبية، مشيرين أن تهديد العبادي لتركيا أعقبه تنديد إيران وسوريا والجامعة العربية، وهي قوى لا يستطيع جمعها إلا روسيا "التي تمهد لأمر ما".

صحيفة صباح التركية، قالت في تقريرها "مقر بعشيقة"، إن المخيم العسكري التركي في بعشيقة تم افتتاحه قبل عامين من الآن، بالتنسيق مع وزارة الدفاع العراقية ومحافظ الموصل السابق وقيادة شمال العراق، وكان الهدف الرئيس من افتتاح هذا المخيم هو تدريب قوات البشمركة العراقية وتقديم الدعم اللوجستي والميداني، إن استدعى الأمر، للقوات المُحاربة لداعش.

الكاتب والخبير التركي، رسول طوصون، قال في مقال له بعنوان "أصل الحكاية ليست الموصل وإنما طهران"، نُشر عبر صحيفة ستار التركية، إن "القصة الحقيقية ليست الموصل وإنما رغبة طهران الكامنة في الانتقام من تركيا وبكل السبل المتاحة، فحكومة بغداد مرهونة بقرارات إيران، وطهران تعيش في حالة منافسة سرية مع أنقرة، وهي تعمل منذ فترة على الإساءة لشخص أردوغان".

وأوضح طوصون قائلًا: "بعد الأزمة الأخيرة (بين روسيا وتركيا) نرى طهران تتحرك بالتوازي مع موسكو وتخطو نفس خطوات الروس، وبالنتيجة موقف بغداد الأخير هو بالحقيقة موقف طهران والذي يعتبر كذلك موقف موسكو، فعندما تكون خيوط اللعبة بأيدي الآخرين هذا ما يحصل، يجعلونك تسكت أو تتكلم حسب رغباتهم".

وأشار الكاتب التركي، إلى أن "بغداد لو كانت بالفعل قادرة على التصدي للقوات الأجنبية لكانت تصدت للقوات الأمريكية التي دمرت العسكرية العراقية وأتلفت البلاد والعباد، لكان بإمكانها أن تتصدى للقوات الإيرانية التي تسرح في العراق، وتثير النزاعات الطائفية وتغذي الفرقة بين السنة والشيعة، ولكان بإمكانها أن تتصدى لمخيمات  تنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي".

من جانبه قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، ياسر الزعاترة، في معرض تعليقه على المسألة، عبر تغريدات نشرها على حسابه الشخصي في موقع تويتر، إن "هجمة إيرانية مركزة على ما يوصف بتدخل تركي في العراق، يحتلون البلد، ويتحدثون عن بضع مئات من الجنود الأتراك دخلوا بموافقة العبادي، وقاحة"، مضيفًا أن "أدوات سليماني في العراق، وعلى وقع التهديد الروسي يستعرضون عضلاتهم على تركيا، يهددون وأكثرهم جبناء ركب أكثرهم دبابة المحتل الأمريكي".

ولفت الزعاترة إلى أن "الهستيريا ضد أردوغان تجمع الولي الفقيه (وكل أدواته طبعا) مع بوتين مع السيسي وبعض العرب الآخرين، إعلام هؤلاء جميعا يفضح تلك الهستيريا"، مبينًا أن "دعوات الإصلاح ومكافحة الفساد ضاعت في العراق، وتوحّد الجميع في حرب بوتين والولي الفقيه ضد تركيا، يتقدمهم رأس الفساد، نوري المالكي"، وأن "شبيحة إيران في العراق أصابتهم نوبة رجولة لم يعرفوها من قبل ضد تركيا، نوع من التضامن مع الهجمة الروسية التي يندمج فيها أسيادهم في طهران".

أماّا الكاتب التركي، أورهان مير أوغلو، أوضح في مقال له بعنوان "ما الذي يمنع تشكيل جيش نظامي من قوات البيشمركة؟"، أنه "لا تزال قوات البيشمركة تقود الحراك العسكري البري ضد داعش، فكيف للجيش العراقي الذي يغض الطرف عن تحكم إيران الكامل في العراق، أنْ يتحدث وينتقد إرسال تركيا لتعزيزات إضافية لتعليم وتدريب قوات البيشمركة؟ فتشكيلات قوات البيشمركة ليست خارجة لا عن القانون العراقي ولا عن قانون كردستان، لكن هل هناك مكان في الدستور لوجود القوات العسكرية من شيعة التركمان الإيرانيين داخل الأراضي العراقية؟".

واعتبر مير أوغلو أنه "من المستهجن أنْ ينزعج نظام بغداد من وجود الجيش التركي في شمال العراق، في الوقت الذي لا يحرك ساكنا تجاه حراك حزب العمال الكردستاني بدعم من إيران، والذي لا ينكف عن إعلان كانتونات جديدة، فلماذا لا يتحدثون عن هذه المنظمة غير العراقية التي تعلن تشكيل كانتونات مستقلة داخل الأراضي العراقية؟"، لافتًا إلى أنه "في الوقت الذي ينزعج فيه نظام بغداد من التقارب بين أربيل وأنقرة، لا يجد أي غرابة في تحالف بغداد مع إيران وسوريا ودعمهم لحزبي الاتحاد الديمقراطي والعمال الكردستاني. ولا بد من التأكيد على أنّ كردستان تملك كامل الحق في الدفاع عن نفسها ضد التهديدات الداخلية والخارجية".

وفي سياق متصل، كشف "أثيل النجيفي" محافظ نينوى السابق، أن قدوم القوات التركية إلى محافظة نينوى شمال العرق "تم بموافقة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وبعلم رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، الذي تحدث عن موضوع المعسكر مع دَاوُدَ اوغلو، مضيفًا "إذا كانوا لا يستطيعون مواجهة النفوذ الإيراني وكأنهم لا يعلمون شيئا فهذا شان آخر".

وقال "النجيفي" في منشور له على صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي "فيسبوك" مؤخرًا، إن "القوات التركية التي جاءت، كانت بطلب من رئيس الوزراء العراقي خلال لقائه مع رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو"، مبينًا أن "العبادي طلب أي مساعدة عسكرية تقدمها تركيا للعراق وعلى إثرها أرسلت أنقرة شحنات عسكرية إلى مطار بغداد كما أرسلت قوات تركية لتدريب قواتنا في معسكر ‫‏زليكان منذ أكثر من ثمانية أشهر".

وأضاف النجيفي "أما نحن كمواطني محافظة نينوى ولا نحمل صفة رسمية فإننا نرحب بأي قوة تقدم لنا المساعدة الحقيقية لمحاربة داعش وطردها من الموصل، ووجود الدعم والإسناد التركي مهم وحيوي لأنه يقطع عدة طرق على داعش ويعجل في تحرير الموصل، وتركيا قادرة على تحديد دورها من خلال التحالف الدولي".

وكان نائب رئيس الوزراء التركي والمتحدث باسم الحكومة "نعمان كورتولموش"، قال إن القوات التركية الموجودة في مدينة الموصل التابعة لمحافظة نينوى شمال العرق، تهدف لدعم الحكومة المركزية في بغداد والتضامن معها في حربها ضد تنظيم الدولة "داعش"، لافتًا إلى أن تركيا دولة تحترم وحدة الأراضي العراقية، وأن وجود قوات تركية في شمال العراق ليس عملا ضد الحكومة المركزية.

من جانبه أوضح وزير الخارجية التركي "مولود جاويش أوغلو"، أن عملية تبديل الوحدة العسكرية في الموصل، جاءت بناء على طلب المسؤولين العراقيين، بهدف تعزيز أمن الجنود الأتراك الموجودين في المنطقة وقدراتهم، مشيرًا إلى أن ردود الأفعال الصادرة من حكومة بغداد جاءت "بتأثير بعض دول الجوار"

وكان رئيس الوزراء التركي "أحمد داود أوغلو"، أطلع نظيره العراقي "حيدر العبادي"، على معلومات متعلقة بالتطورات الراهنة بشأن برنامج تركيا التدريبي الذي يطبق منذ مارس/ آذار الماضي في ناحية بعشيقة قرب الموصل (شمال العراق)، ومهام وأنشطة القوات الموجودة هناك.

وأفادت مصادر في رئاسة الوزراء التركية، أن داود أوغلو بعث رسالة إلى العبادي، أكد خلالها أن تركيا لن تقدم على أي خطوة من شأنها أن تنتهك سيادة العراق ووحدة أراضيه، باعتبارها أكثر بلد يولي حساسية لسيادة العراق ووحدة أراضيه ويؤمن بضرورة احترام جميع البلدان له.

وذكر داود أوغلو أنه لن يتم نقل أي قوات جديدة إلى "بعشيقة" حتى تنتهي مخاوف الحكومة العراقية، مؤكداً أن تركيا ستواصل بكل عزم كافة أشكال دعمها للعراق في مكافحته لتنظيم "داعش"، معربًا عن رغبة بلاده في تعميق التعاون مع الحكومة العراقية بهذا الصدد من خلال التنسيق والاستشارة، مؤكدًا ضرورة عدم السماح لجهات منزعجة من التعاون بين تركيا والعراق، وتريد انتهاءه، من الوصول إلى مبتغاها.

وكانت مصادر مطلعة في ناحية "بعشيقة" بمدينة الموصل شمالي العراق، قالت إنّ تركيا أرسلت قرابة 150 جنديا إلى المنطقة المذكورة، عن طريق البر، لاستبدال وحدتها العسكرية في معسكر بالناحية.

واعتبر رئيس الوزراء العراقي "حيدر العبادي" وجود بعض وحدات الجيش التركي في منطقة بعشيقة، بالاعتداء السافر على "السيادة العراقية"، وطالب العبادي، في تصريحاته الصحفية الخاصة بالموضوع، الجيش التركي بالانسحاب الفوري خلال مدة أقصاها 48 ساعة وإلا "سيضطر العراق إلى ضرب تركيا لاعتدائها على سيادته في الموصل".

كما دعا الرئيس العراقي فؤاد معصوم، تركيا إلى سحب قواتها من الأراضي العراقية، معتبرًا وجودها "انتهاكا للأعراف والقوانين الدولية".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!