ترك برس

قال الكاتب الصحفي، رئيس تحرير صحيفة العرب القطرية، عبدالله بن حمد العذبة، إن نتائج زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأخيرة إلى قطر، وما تم توقيعه خلالها من اتفاقيات تعاون ومذكرات تفاهم في عدة مجالات، تؤكد أن "العلاقات بين الدوحة وأنقرة مرشحة لمزيد من الرسوخ والعمق".

وأضاف العذبة في مقال له بعنوان، "الأمير وأردوغان.. وصنع الاستقرار"، أن تعزيز العلاقات بين قطر وتركيا يأتي مع تسجيل البلدين "إنجازاً دبلوماسياً وشعبياً" آخر في مسار علاقاتهما التاريخية، يجسده تدشين المركز الثقافي التركي في قطر، تتويجاً لسنة كاملة من فعالية "2015.. سنة قطر- تركيا الثقافية".

وأشار العذبة إلى أن "التنسيق والتشاور بين الدوحة وأنقرة، على العديد من القضايا الإقليمية والدولية، في ظل تطابق الرؤى وتناغم المواقف في قضايا المنطقة"، لافتًا إلى تصريحات الرئيس التركي أردوغان، بعد توليه سدة الرئاسة والذي قال فيها إن "رؤية تركيا وقطر للمسائل الإقليمية تتقاطع بشكل كبير للغاية، وشهدت علاقاتنا الثنائية تطوراً كبيراً للغاية خلال السنوات الأخيرة، كما أنها آخذة في الازدياد"، وأن "تركيا تنظر إلى علاقاتها مع قطر ومع باقي دول الخليج العربية من منظور استراتيجي، ولدينا مواقفنا في هذه القضايا، وأمن واستقرار الخليج لا يقل أهمية عن أمن واستقرار بلدنا".

وأوضح أنه "سنشهد خلال الفترة المقبلة مزيداً من التنسيق في المحافل الدولية، في ظل تنامي أدوار البلدين اللذين برزا كلاعبين مؤثرين وقوتين صاعدتين في الساحتين الإقليمية والدولية، بعد أن شهد لهما العالم بمناصرتهما قضايا الأمة، بداية من الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة في مواجهة العدوان الإسرائيلي الغاشم، وانتهاء بدعمهما المستمر للشعب السوري من أجل نيل حريته".

وذهب العذبة إلى أنه "لا شك أن التنسيق الدائم بين الدوحة والرياض وأنقرة، الذي يحلو لبعض المراقبين تسميته (تحالفاً)، وهو أعمق وأكبر من ذلك بكثير، أثمر نتائج إيجابية لقضايا العالم العربي والإسلامي، ليكون هناك تناغم في الرؤى واتساق في المواقف حيال قضايا أساسية، لا سيما في فلسطين وسوريا واليمن، أثمر عن (فعل)، بعد أن كانت مواقف الأمة سابقاً مجرد (ردة فعل)، وقبل هذا وبعده سعي العواصم الثلاث المستمر إلى إحلال الاستقرار في ربوع المنطقة، والانحياز الدائم إلى الشعوب".

وقال إن زيارة الرئيس أردوغان إلى الدوحة، "ليست فقط زيارة مهمة لضيف كبير وأصيل صاحب (كاريزما) في الأوساط السياسية والشعبية العربية والإسلامية، وليست فقط زيارة تاريخية لحضور الاجتماع الأول للجنة الاستراتيجية العليا القطرية – التركية، والذي بحث خلاله الجانبان سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين، بالإضافة إلى استعراض تطورات الأوضاع في المنطقة، والتوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين حكومتي البلدين، منها ما يتعلق بالمجال الاقتصادي والتجاري والتعليمي".

وأضاف: "لكنها زيارة تأتي في توقيت دقيق، في وقت تعاني فيه المنطقة من زلزال جيوسياسي، خاصة في ضوء مكانة البلدين والرؤى والمواقف المشتركة للزعيمين تجاه العديد من التحديات الحالية، خاصة ما يتعلق بشأن دعم الشعب السوري وسعيه لاستعادة حريته".

التعاون المتنامي في العلاقات بين البلدين، بلغ ذروته نهاية عام 2015، بانعقاد الاجتماع الأول للجنة الاستراتيجية العليا بين البلدين، التي أُسست بعد توقيع الرئيس التركي وأمير قطر، مذكرة تفاهم مشتركة بهذا الخصوص، في العاصمة أنقرة، يوم 19 ديسمبر/ كانون أول 2014.

وعقدت اللجنة اجتماعها الأول، خلال الزيارة قام بها أردوغان، لقطر يوم 1 ديسمبر/كانون أول الماضي، وعقد خلالها مباحثات مع أمير قطر، فيما تعد القمة الرابعة التي تجمعهم خلال هذا العام فقط.

وفي العام نفسه، قام أمير قطر بثلاث زيارات إلى تركيا، عُقدت خلالها 3 قمم، إحداها بتاريخ 12 مارس/ أذار (بالقصر الرئاسي في أنقرة) ، والثانية بتاريخ 13 يوليو/ تموز (في قصر هوبر باسطنبول) ، والثالثة في 25 سبتمبر/ أيلول (في قصر هوبر)، جرى خلالها بحث تطوير العلاقات الثنائية، ومناقشة آخر مستجدات الوضع في سوريا، والعراق، واليمن، وفلسطين.

وترجمة للتعاون المتنامي، تم خلال الزيارة الأخيرة فقط، توقيع 15 اتفاقية بين البلدين في مجالات شتى.

وعلى هامش الزيارة نفسها، وقعت كل من شركة خطوط أنابيب نقل البترول التركية (بوتاش)، وشركة النفط الوطنية القطرية، مذكرة تفاهم أولية لاستيراد تركيا الغاز الطبيعي المسال من قطر على المدى الطويل وبشكل منتظم.

وبدأ الجانبان بالإعداد من أجل تشكيل أرضية للاتفاق الأساسي، حيث من المنتظر أن يتم التوقيع على الاتفاق الذي يحتوي على تفاصيل مدة الاتفاق، وكمية الغاز الطبيعي المسال المزمع استيراده من قطر، خلال وقت قريب.

وتمتلك قطر احتياطيا من الغاز الطبيعي يبلغ 885 تريليون متر مكعب، حيث تحتل المرتبة الأولى عالمياً من حيث تصدير الغاز الطبيعي المسال.

على الصعيد الثقافي، تم تدشين العام الثقافي القطري التركي 2015، كما تم اختيار تركيا ضيف شرف معرض الدوحة الدولي للكتاب، كما تُوج هذا التعاون بافتتاح المركز الثقافي التركي "يونس إمره" في العاصمة القطرية خلال زيارة أردوغان، تعزيزاً لعلاقات البلدين الثقافية .

عسكرياً، تم توقيع اتفاقية تعاونٍ تتيح تبادل نشر قوات مشتركة بين البلدين، وقد صادقت لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان التركي، يوم 5  مارس / آذار الماضي، على عدد من مشاريع القوانين، بينها "اتفاق تعاونٍ عسكري" بين الدولتين.

وتتيح هذه الاتفاقية، تبادل خبرات التدريب العملياتي، وتطوير الصناعات العسكرية، مع إمكانية تبادل نشر قوات مشتركة بين البلدين إذا اقتضت الحاجة، وإجراء مناورات عسكرية مشتركة.

وفي ترجمة فعلية لهذا الاتفاق، نفذت القوات المسلحة القطرية بالتعاون مع نظيرتها التركية، في قطر، تمرين "نصر 2015"  في شهر أكتوبر/تشرين أول الماضي.

وفي الشهر نفسه، نظمت جمعية رجال الأعمال والصناعيين المستقلين الأتراك "الموصياد"، المؤتمر التاسع عشر لمنتدى الأعمال الدولي ومعرض التكنولوجيا فائقة التطور، بمركز قطر الوطني للمؤتمرات، والذي افتتحه عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية.

أما على الصعيد الاقتصادي، يتوقع أن يبلغ حجم التبادل التجاري 1.5 مليار دولار في عام 2015، بعد أن كان 800 مليون في 2014، بينما في عام 2000، كان الرقم لا يتجاوز 38 مليون دولار.

وتعمل في قطر أكثر من 60 شركة تركية كبرى، ونحو 150 شركة صغيرة تعمل في مجال المقاولات والإلكترونيات والتجارة والبنية التحتية، باستثمارات يتوقع أن تصل الى 30 مليار دولار.

بينما تصل الاستثمارات القطرية المباشرة في تركيا إلى 930 مليون دولار، في مجالات الطاقة والمشاريع العقارية والزراعية والسياحة، وهناك حديث عن دراسات لمشاريع بالمليارات، تعتزم قطر تنفيذها في تركيا خلال المرحلة المقبلة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!