وداد بيلغين - صحيفة أكشام - ترجمة وتحرير ترك برس

تعيش الطبقة التي كانت تسيطر على النظام السياسي والاقتصادي في تركيا لأكثر من مئة عام انهيارا نفسيا كبيرا، فهم الذين يقفون أمام أي تغير ديمقراطي كلما فقدو شيئا من مواقعهم ومكتسباتهم. ولهذا السبب هم يطرهون كل الأحزاب السياسية والأشخاص الذين يأتون بطرق ديمقراطية ليأخذوا مكانهم، حتى أصبحت هذه العداوة طريقة حياة بالنسبة لهم ناتجة عن فقدان مكتسباتهم وسيطرتهم على البلاد.

وهم في كل المراحل يخرجون علينا عادة بصفة متنورين مثقفين أكاديميين يحاولون دائما البحث عن إرضاء الحالة النفسية لتلك الطبقة، حتى أن كثير منهم لا نعرف ما مدى ثقافته أو قيمته العلمية غير أنهم يختبؤون خلف بعض الأسماء اللامعة ليوقعوا على عريضة مخزية كالتي ظهرت مؤخرا.

من هم هؤلاء؟

في الحقيقة لا ينبغي أن يعطى هؤلاء أهمية، وقد لا يكون من المهم الوقوف عندهم، ولكن حتى نستطيع أن نفهم القاعدة النفسية الاجتماعية لتلك الزمرة التي تناهض التحول الديمقراطي في تركيا، سيكون من الفائدة أن نقف عندهم وننظر كيف أن الكراهية التي يعيشون فيها نتيجة فقدانهم لمكتساباتهم أدت بهم إلى تأييد منظمات إرهابية تهاجم كل المبادئ الإنسانية، وكيف أنهم يدافعون عن تلك التنظيمات المجرمة بحجة أنهم يدافعون عن حرية الفكر.

هنا عند السؤال عن من هم المثقفون والأكاديميون الذين وقعوا على تلك العريضة ستجدهم جميعا من تلك الطبقة التي كانت تتحكم في كثير من القطاعات المهمة في البلد، مثل قطاع الأعمال والإعلام والتعليم. حيث أنهم يعملون على التمسك بمكتسباتهم التي وصلوا لها بطرق غير ديمقراطية.

من سوء حظ تركيا أن هذه الطبقة ومن شابهها ما زالت موجودة بشكل كبير في كثير من القطاعات المهمة، كالمؤسسات الفنية، والمؤسسات الأكاديمية وكذلك يوجدون في مناصب بيروقراطية، كما أنهم منتشرين في كثير من المحافل الثقافية في تركيا.

في الواقع إن تاريخ الصلاحية لهذه الطبقة قد انتهى مفعلوه، لكن هم ما زالوا يقاومون للبقاء على الساحة وهذا ما ينعكس على الحالة النفسية التي يعيشونها اليوم، فهم يؤيدون كل القوى الداخلية والخارجية التي تقف ضد اللاعبين الذين يحولون تركيا نحو الديمقراطية، وهذا ما يفسر دعمهم لروسيا وإيران. وكذلك يفسر وقوفهم إلى جانب تنظيم "بي كي كي" الإرهابي.

في الواقع إن عدم تحمل تلك النخبة التي كانت تسيطر على زمام الحكم في تركيا للتحول الديمقراطي أمر غير جديد. فهذه الذهنية التي يمثلها بعض المثقفيين والأكاديميين كانوا في الأمس يسيطرون على الساحة عبر لافتات يسارية اشتراكية لكنهم اليوم يقفون أمام أي تحول ديمقراطي يفقدهم مكاسبهم التي حصلوا عليها في الفترة السابقة.

هم بتصرفاتهم المتكررة كثيرا والتي تغلب عليها العداوة للزمرة التي اختارها الشعب لتمثله في الحكومة وترعى شؤون البلاد، حتى وصل بهم الأمر إلى تأييد المنظمات الإرهابية، هم بذلك شركاء في كل الجرائم التي ترتكب بحق هذا الوطن وبحق أبناء الوطن.

عن الكاتب

وداد بيلغين

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس