جلال سلمي - خاص ترك برس

بدأت ثورات الربيع العربي في تونس عام 2010 وانتقل لهيبها لعدة دول إلى أن وصلت في مايو 2011 إلى سوريا. بدأت الثورة في سوريا بشكل سلمي من خلال الخروج في مظاهرات واحتجاجات سلمية مطالبة بالإصلاح ورحيل "الأسد" ولكن مع استهداف النظام المفرط للمتظاهرين السلميين تحولت الثورة من احتجاجات سلمية إلى حرب داخلية بين ثوار مطالبين بالإصلاح والتغيير ونظام يصر على البقاء والاستمرار حتى لو كلف ذلك محو الشعب السوري عن بكرة أبيه.

واليوم وبعد مرور خمس سنوات على انطلاق الثورة السلمية، ما زالت سوريا إلى اليوم مشتعلة بحربها الداخلية، ولم تقتصر نيران تلك الحرب عليها فقط بل تمددت وطالت تركيا والاتحاد الأوروبي وبعضًا من الدول العربية مثل ليبيا ومصر، إذ أضحت قاعدة انطلاق حيوية لتنظيم ما يُعرف باسم داعش الذي أصبح أفراده ينطلقون منها نحو الدول الأخرى لتنفيذ هجمات انتحارية تستهدف المدنيين الأبرياء.

وحسب ما تشير إليه الباحثة السياسية "ماليسا تاكيلي"، الباحثة في "مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية"، في دراستها الأكاديمية المعنونة بعنوان "سوريا والدعم الروسي الأمريكي"، نُشرت 2 نوفمبر 2015، فإن الثورة السورية تم استغلالها من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي "بي يي دي" أيضًا، إذ عمل هذا الحزب على استغلال مسار الثورة لصالحه من خلال فرض سيطرته العسكرية على عدة مناطق في الشمال السوري وأعلن دعمه التام للنظام السوري مستفيدا ً من ذلك من دعم النظام وأعوانه "روسيا وإيران".

وتضيف تاكيلي أنه بعد تمكن حزب الاتحاد الديمقراطي من طرد داعش من كوباني بمساندة البيشميركة أصبح بمثابة البطل الخارق الذي يُركن عليه في صد داعش بالنسبة للولايات وأصبحت زخات الدعم الدبلوماسي والإعلامي والعسكري الأمريكي تنهال عليه بغزراة، وبذلك أصبح الطفل المدلل ما بين روسيا وأمريكا.

وفي حين انهال الدعم الغزير على قوات الحماية الكردية الجناح العسكري التابع لحزب الاتحاد الديمقراطي انقطع بشكل شبه كامل عن قوات المعارضة السورية المُعتدلة، الأمر الذي أدى إلى تعزيز خطط حزب الاتحاد الديمقراطي الانقسامية وإضعاف تحرك قوات المعارضة السورية العازمة على سحق النظام والحفاظ على وحدة سوريا، على حد وصف مركز راقب للأبحاث الاستراتيجية.

وفي دراسة لمركز "الصوت الأمريكي" التركي بعنوان "هل يؤثر دعم بعض الدول لحزب الاتحاد الديمقراطي على المصالح الاستراتيجية لتركيا"، نُشرت بتاريخ 6 يوليو 2015، يذكر المركز أن التعاون الحيوي الجاري بين حزب الاتحاد الديمقراطي والولايات المتحدة الأمريكية ورسيا يؤثر ليس فقط على المصالح العامة لسورية  وثورتها بل على المصالح والخطط الاستراتيجية التركية تجاه المنطقة، إذ أن استمرار الدعم الروسي يزيد من حجم التصعيد بين روسيا وتركيا اللتان تشهدان توترًا ملحوظًا فيما يخص الثورة السورية بشكل عام، إذ أن تركيا تعلم جيدًا حجم الدعم الروسي لحزب الاتحاد الديمقراطي وخططه في سوريا، وهذا ما سيجعل إمكانية انتهاج روسيا وتركيا خطط توافقية لحل الأزمة السورية مُحالًا بعض الشيء.

وتأتي هذه التحليلات الخاصة بالمركز قبل إسقاط الطائرة الروسية من قبل تركيا، ولكن اليوم بعد حدوث هذه الحادثة التي أدت إلى حدوث تدهور كبير في العلاقات بين الطرفين، أصبح التوتر المتصاعد بينهما يُنذر بزيادة الدعم الروسي لحزب الاتحاد الديمقراطي وبالتالي زيادة حجم الفجوة الكبيرة أصلًا بين تركيا وروسيا وطفو حالة تعقيد كبير لإمكانية توافق الطرفين، وبالتالي استمرار الطرفين في دعم الجهات المتعارضة في سوريا حتى تسطيع أحدها التفوق على الأخرى.

أما فيما يخص الدعم الأمريكي للاتحاد الديمقراطي، فيرى المركز أن هذه نقطة أخرى تزيد من خيبة أمل تركيا في إيجاد شريك جاد لإرساء النجاح والتقدم لخط سير الثورة السورية للأخذ بيده إلى بر الأمان، وهذا ما يجعل تركيا في ديمومة إيجاد شريك جاد وقوي في إحداث تغيرات إيجابية في سوريا ويُصعب من مهمتها في دعم الثورة السورية.

وإلى جانب ذلك، تشير صحيفة أقشام، في تقريرها "هدف حزب الاتحاد الديمقراطي إيجاد سبيل للنزول إلى البحر الأبيض المتوسط"، إلى أن حزب الاتحاد الديمقراطي "الكردي" بحجم الدعم الهائل الذي يتلاقه من الأطراف الدولية المتنوعة يجعل منه مُحفز أساسي للأحزاب الكردية المسلحة الأخرى وخاصة حزب العمال الكردستاني في تركيا للانتفاض وبدء النزاعات المسلحة مع الحكومات النظامية للدول الموجودة بها، وفي حين عدم ظهور ذلك في إيران إلا أن ذلك ظهر جليا ً في تركيا إذ انقلب حزب العمال الكردستاني على عملية السلام التي كانت تربط به بالحكومة التركية، الأمر الذي أظهر حجم الخط الذي يشكل دعم الأطراف الدولية لحزب الاتحاد الديمقراطي على تركيا".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!