هشام سراي - خاص ترك برس

في  30 تشرين الأول/ أكتوبر 1922 قدم مصطفى كمال أتاتورك مشروع قرار إلى البرلمان التركي بإلغاء السلطنة واعتبار السلطان العثماني خائنا وقد وافق البرلمان على ذلك، كما استطاع أيضا التحايل على الأكراد وتأجيل مطالبهم القومية، وأرسل أتاتورك وفدًا إلى لوزان برئاسة صديقه الكردي الأصول عصمت إينونو، وفي أثناء تواجد الوفد هناك طلب أتاتورك من النواب الأكراد الرد على الاستفسار الذي يشير إلى رغبة الأكراد في البقاء مع الجمهورية التركية الجديدة، فرد النائب الكردي حسين عوني بيك قائلا: "إن هذه البلاد للأكراد والأتراك، و إن حق التكلم في هذا المنبر هو للأمتين التركية والكردية" ووافقه الأكراد في هذا الموقف، واستنادا إلى هذا التوافق أعلن عصمت إينونو أن "تركيا للشعبين التركي والكردي، متساوين أمام الدول، ويتمتعون بحقوق قومية متساوية"، طبعا حدث الذي حدث بعد ذلك ونسف كمال أتاتورك الاتفاقية ولم يوفِ بتعهداته للأكراد ولا بد أنها كانت مرحلة مظلمة ومريرة تلك التي عاشها أكراد تركيا في عهد الأتاتوركية والراديكالية القومية، وهو الأمر االذي أشعل مجموعة من الانتفاضات أهمها انتفاض سعيد بيران 1925، وساندها الأرمن والتركمان والعرب والشركس، وانتفاضة جبل آغري التي تزعمها الجنرال العثماني إحسان نوري باشا في 1926.

إن المطالبة بالحقوق والحريات والعدالة تسوتجب دون شك النضال والكفاح لاستردادها بالطرق السلمية، و هو أمر تضمنه جميع المواثيق الدولية، وهو الأمر الذي سعى إليه الإكراد كجزء أصيل من تركيا وتاريخها وشعبها، فالصراع كما يصوره البعض ليس صراعا مع تركيا وشعبها، بل هو صراع من أجل حياة أفضل واسترداد حقوق استبيحت في عصر أتاتورك أو في عهد الانقلابات العسكرية الثلاثة، الأكراد ساهموا تاريخيا في نجاح الأتراك على البيزنطيين خاصة في معركة ملاذكرد وانتصار العثمانيين على الصفويين في معركة  تشالديران عام 1514، وبالتالي فإن علاقة الأكراد بتركيا هي علاقة انتماء وطني وأممي فهم جزء لا يتجزأ من الأمة التركية، المواطن التركي من الأصول الكردية استطاع الصمود أمام فوضى التكتلات السياسية وضغوطات الدعاية العالية التي تسعى إلى الزج به في أتون صراعات تجعل منهم سهاما في خاصرة وطنهم الأم "تركيا"، حاولت الكثير من الأحزاب الكردية أن تعزل الكرد الأتراك عن انتمائهم الحقيقي ونشر وهم الدولة الكردية المستقلة لكنها لم تستطع فعل ذلك، الإنتصار الساحق الذي حققه حزب العدالة والتنمية أواخر العام المنصرم كشف على حقيقة تعلق الغالبية الكردية بمشروع الوطن الواحد وتجذر الانتماء بتركيا وجنوحهم إلى السلم والأخوة والديمقراطية ضد الإرهاب والإجرام والعنف، والطريف في الأمر أن الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني "المنظمة الإرهابية" صلاح الدين دميرطاش إثر خيبته الكبيرة في نفس الانتخابات اتهم مجموعة من كوادر الحزب بمناصرة حزب العدالة والتنمية والوقوف في وجه حزبه ووصفهم بـ"محبي أردوغان"، الرسالة العاجلة التي أوجهها إلى المواطنين الأتراك من ذوي الأصول الكردية هي ضرورة الانحياز إلى وحدة تركيا وإلى أصحاب المشروع والبرنامج الذي يضمن لكم الحقوق الكاملة والعدالة التامة وحرية التعبير والنشاط السياسي الحر، وهو الأمر الذي تحقق في عهد العدالة والتنمية مقارنة بغيرها من المراحل الأخرى، يجب أن يدرك الأكراد أننا في مرحلة  تستخدم فيها الأقلية لضرب استقرار وتفتيت الأكثرية والنماذج متوفرة هنا وهناك، لا تصدقوا من يحملون السلاح ويتشدقون بعبارات وشعارات كاذبه في حين أنهم بيادق ومرتزقة لجميع قوى الظلام بدءً بإيران وروسيا وغيرها لذا ليس أمامكم غير الولاء لــــــــ الله ثم الوطن.

في جانب آخر يبدوا أن الشيعة العرب في وضع حرج و خطير ، كيف لا وكثير منهم أصبح مخلصا لإيران وجنديا مطيعا في جيش الولي الفقيه الذي سعى دائما إلى بث الفرقة والفوضى والدمار في البلدان التي استهدفها، لست أعرف لماذا ينخدع الشيعة العرب بما تقدمه لهم إيران من بيع للحلم ومجد زائف، بالله عليكم يا أتباع إيران كم فقدتم من الرجال منذ الثورة الخمينية وكم قدمتم من تضحيات في سبيل ما تؤمنون به وقارنوه بما تحقق، إيران لا تهتم لأمركم كثيرا أنتم بالنسبة لها أرقام، ومرتزقة ، لا تعنون لها شيئا، و لم تقدم لكم شيئا غير هدم العراق وثقافة التفجيرات والعصبية ضد أبناء الوطن الواحد، انظروا إلى العراق في عهد الشمولية والديكتاتورية وإلى حاله اليوم في عهد الديمقراطية الأمريكية التي باركتها مرجعياتكم بالإجماع ونهت عن قتالها بل ودعت إلى اعتبارها أعظم هدية أرسلت إليكم، لقد تحولتم في ظرف قياسي إلى أعداء لمليار مسلم سني يصبون جام غضبهم في وسائل الإعلام وشبكات التواصل وكل حدب وصوب، مالكم كيف تعقلون، ألا تمارسون النقد الذاتي أبدا، إيران تقودكم إلى الفناء في سبيل أطماعها، أعيدوا الاستماع إلى ما قاله عزت الشاهبندر حكم الشيعة للعراق كان دمارا ونكوسا وخرابا، منذ 2003 ما الذي قدمته إيران وحزب الدعوة وغيرها من الأذرع للعراق غير المراتب الأولى في الفساد والجريمة المنظمة والدعارة، صدقًا إيران تقودكم إلى الفناء ولا تبالي وستترككم إذا حمي الوطيس والتهبت الساحة كما فعلت مع الحوثي ومع نمر النمر و قريبا مع حسن نصر الله و قبل هذا مع محمد صادق الصدر، ما هي خسائر حزب الله في سوريا؟ ماهي خسائر جيش الأسد؟ وماهي خسائر المليشيات العراقية؟ مئات الآلاف من القتلى الذين لو سقطوا في حرب مع إسرائيل لربما حظي الولي الفقيه بسجدة في الأقصى، ولكنه آثر الحرب على أهلنا في حمص وحلب وداريا ومضايا وعموم الشام وفي ديالى ونينوى وتكريت والأنبار ولكنها حرب خاسرة لم يحقق منها هؤلاء شيئا بل ارتدوا خاسرين مدحورين، إيران وروسيا ومرتزقة من كل مكان ولم يتغير في الخارطة شيء، فلهذا لا بد أن يعي شيعة الخليج بالذات أنهم آمنون مطمئنون مكرمون في أوطانهم يحظون بكل التقدير والاحترام من إخوانهم وقياداتهم لا يمسهم نصب ولا لغوب، فليغلبوا روح الوطن وخيار الأمن والاستقرار وينحازوا لأوطانهم دون غيرها فلا ريب أن الولاء لـــــــ الله ثم الوطن.

عن الكاتب

هشام سراي

كاتب جزائري


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس