حسناء كلينج أرسلان - خاص ترك برس

" يجب على الإنسان أن يهتم بما يجرى حوله وفي بلده، وهو مسؤول عن إصلاح الأمور السيئة. لذلك بينما تخدع معظم شعوبنا بالصحف ووسائل الإعلام الصحفية المستغلة المحتكرة الحاقدة على الإسلام بالكذب، لا يمكنني  الجلوس براحة وهدوء في مقعدي ولا أنشغل بعملي براحة تامة"، هكذا خط البروفسور والسياسي التركي نجم الدين أربكان طريقه.

تقوم جمعية شباب الأناضول التابعة لحركة "ملي غوروش" التي أسسها أربكان، في كل سنة خلال الفترة ما بين 24 شباط/ فبراير و2 آذار/ مارس بفعاليات لإحياء الذكرى السنوية لوفاة أربكان، رائد الحركة الإسلامية في تركيا. توفي رئيس الوزراء الأسبق وزعيم ومؤسس حركة ملي غوروش نجم الدين أربكان في عام 2011 قبل يوم واحد من الذكرى السنوية للانقلاب العسكري الذي قامت به القوات المسلحة التركية في 28 شباط من عام 1997 ضد حكومته.

لم يتوقف أربكان طوال حياته رغم السجون وإبعاده عن الساحة السياسية ولو لحظة واحدة عن الجهاد والعمل لمصلحة وطنه والعالم الإسلامي حتى وفاته. وهو في أشد ساعات مرضه خرج أمام أنصاره وخطب بهم. وكان آخر كلامه قبل أيام قليلة للأمة الإسلامية والشعب التركي بأن السعادة غير ممكنة إلا في ظل الإسلام، وأن كل ما جرى في العالم الإسلامي الآن هو دليل على حاجة اتحاد الناس حول الإسلام. وقبل ساعات قليلة من وفاته، التقى أربكان في غرفة المستشفى مسؤولين من حزبه وعلى رأسهم الرئيس الحالي لحزب السعادة مصطفى كمالاك وأخذ منهم معلومات حول الحملة الانتخابية وأوصاهم أن يقوموا بعمل جيدا لكي يدخل حزبه البرلمان التركي.

وكانت آخر وصيته ألا يدفن بمراسم من الدولة، وطلب من عائلته أن تكون جنازته عادية، حيث أنه دفن في مقبرة "مركز أفندي" بمنطقة توب كابي بإسطنبول. وشارك في جنازته آلاف الأشخاص من تركيا وحتى من خارجها، وقد أحضر من القدس المحتلة ومكة المكرمة ومن كل الولايات التركية التراب لدفنه.

علّم أربكان الأتراك أن تركيا يمكنها أن تصنع كل شي لوحدها وأنها لا تحتاج أي أحد من الخارج، وقدم لوطنه الذي يحبه كثيرا إنجازات هامة مثل؛ أنه أول من أنتج المحرك التركي وهو أول محرك تركي استخدم في السيارات، وصنع أول سيارة تركية تحت اسم "دفريم" (Devrim)، وأسس أول مصنع لإنتاج الأنابيب الفولاذية في مدينة "قرق قلعة" وسط تركيا، وكذلك أسس 18 مصنعا للأسمنت، و16 مصنع لإنتاج الأسمدة، و14 مصنع لإنتاج السكر، و6 مصانع للورق. وقدم الكثير من الإنجازات في الزراعة والثروة الحيوانية.

وعقب وصوله إلى رئاسة الحكومة التركية في عام 1997، أسس أربكان "اتحاد الدول الثماني (D8)"، ولكن أحدًا لم يعرف قيمة هذا المشروع ولم يهتم به أحد. وقد شاركت في هذا الاتحاد تركيا ومصر ونيجيريا وإيران وماليزيا وباكستان وبنغلاديش وإندونسيا. وكانت المبادئ الرئيسية للاتحاد:

- لا للحرب بل السلام.

- لا للقتال بل الحوار.

- لا للثنائية وسياسة الوجهين ونعم للعدالة.

- لا للتكبر و الطغيان ونعم للمساواة.

- لا للاستعمار ونعم للتعاون.

- لا للتضييق والهيمنة ونعم لحقوق الإنسان والديمقراطية.

عارض نجم الدين أربكان طول حياته الوجود الأمريكي في الأراضي التركية، كما عارض استخدام أمريكا الأراضي التركية ضد بلدان الشرق الأوسط.

وفي عام 2003 حذر أربكان الشعب التركي من الخطط الصهيونية، وقال: "إن القوى الخارجية تخطط لاحتلال العراق وسوريا وإيران وتركيا لتحقيق هدفها في إنشاء الدولة الإسرائيلية في الشرق الأوسط، وتركيا هي الهدف الرئيسي لهم".

بدأ اربكان بالظهور في الساحة السياسية في عام 1969. وأسس أول حزب له "حزب النظام الوطني" تحت شعار "جاء الحق وزهق الباطل" عام 1970، لكن الحزب أغلق بعد سنة ونصف، استمر أربكان بالعمل في أحزاب مختلفة مثل "حزب السلامة الوطني" الذي أغلق من قبل المحكمة الدستورية في عام 1981، و"حزب الرفاه" الذي أغلق بعد الانقلاب العسكري الذي قامت به القوات المسلحة التركية في 28 شباط/ فبراير من عام 1997، ويعد هذا الانقلاب وصمة عار في تاريخ تركيا. واليوم يعد حزب السعادة بقيادة مصطفى كمالاك ممثلا لحركة ملي غوروش.

عن الكاتب

حسناء جوخدار

صحفية تركية


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس