سامي كوهين - صحيفة ملييت - ترجمة وتحرير ترك برس

مع بداية الأزمة السورية كان السؤال الأكثر انتشارا "من الذي سيوقف الأسد؟"، لكن لا الغرب ولا الشرق حرك ساكنا أو تفوه بكلمة. هذا الصمت الدولي والميدان الفارغ من المحاربين استغله دكتاتور دمشق  ليشن حربا مريرة على الشعب الثار بوجه النظام الطاغي فكانت النتيجة ضياع شعب بأكمله.

في الصيف الماضي وتحت حجة قتال داعش دخل الحامي الأساسي لنظام الأسد إلى سوريا وأصبح الوجود العسكري الروسي في الأراضي السورية حقيقة وواقعا، لكن هذه القوات وعلى عكس أهدافها المعلنة اتخذت من  المعارضة المعتدلة التي تقف في وجه الأسد هدفا لهجماتها أكثر من اهتمامها بقتال داعش أو وقف إرهابه. الطائرات الروسية لم تكتفي هذه المرة بقصف المحاربين من المعارضة وإنما امتدت يد ظلمهم لتخطف أرواح المدنيين أو تلقي بهم في طريق اللجوء بعد أن حولت قراهم وبلداتهم إلى خراب.

إلى متى ؟

وبالتالي فإن الروس مستمرون في ممارسة ما اعتادوا وفي إلقاء النشيد الذي حفظوه وفي إظهار خبراتهم التي استقوها من حروبهم السابقة لكن على أرض دمشق هذه المرة. حسنا إذا من الذي سيقول لبوتين "قف" هذه المرة.

الحقيقة، لا يبدو أن أحدا سيفعل، فالولايات المتحدة الأمريكية صاحبة الكلمة الأكثر تاثيرا على موسكو اكتفت هذه المرة بكلمة أو اثنتين ولم تستخدم أيا من أدواتها للضغط على الروس ولم تحاول ردع بوتين عن هذه الطريق. والواضح من هذه الممارسة إن واشنطن وفي أثناء استعدادها للانتخابات الرئاسية لا ترغب بعلاقات متوترة مع الكرملين.

إذا نظرنا إلى القوى الأخرى: فإن انتظار أي طاقة إيجابية من الأمم المتحدة أو من مجلس الأمن ما هو إلا مضيعة للوقت. أما الاتحاد الأوروبي فاهتمامه منصب على قضية اللاجئين ووسائل الحد منها وتخلو جعبته من أي مؤثر رادع لبوتين... العالم العربي بدوره لا يملك القوة اللازمة لوقف بوتين... وأخيرا تركيا، لا تملك الكثير لتفعله خصوصا بعد التوتر الذي ساد العلاقات التركية الروسية بعد أزمة إسقاط الطائرة الحربية الروسية وانتهاك الحدود التركية. في ظل هذا الوضع يطفوا على السطح السؤال التالي: إلى متى سيستمر بوتين على موقفه وإلى متى ستستمر روسيا بتدخلها في سوريا؟

الحقيقة أنه لا يوجد أي جواب يبعث على التفاؤل  

لوحدها؟

كثر النقاش في الأيام الأخيرة حول إمكانية إرسال تركيا - ذات مجال المناورة الضيق - قوات عسكرية إلى سوريا في سبيل تحقيق وإقرار أمنها الداخلي. لكن انطواء هذه الخطوة على مخاطر كبيرة واضح جدا خصوصا مع عدم إقدام الطرف المقابل على هجمات ضد تركيا. فلشرعنة مثل هذه الخطوة وهذه التحركات لا بد من توفر عنصرين غير متوفرين حاليا وهما إما قرار من مجلس الأمن والأمم المتحدة أو طلب رسمي من دمشق... فإرسال تركيا قوات عسكرية إلى سوريا سيؤدي لا محالة إلى صراع  مع روسيا التي ستعترض على هذا القرار وهذه التحركات... إضافة إلى أن مثل هذه الخطوة الأحادية الجانب سيؤدي إلى تنصل  الولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي عن تأييد تركيا... علاوة على ذلك أنه لو تحققت لتركيا القدرة للسيطرة على ساحة المعارك هناك ستظل بحاجة إلى تحويل تلك البقعة الجغرافية إلى "منطقة آمنة" وهو ما سيتكلف تركيا الكثير من الجهد والأموال. وعلى ما يبدو أن الخبراء العسكريين والسياسيين المشاركين في هذه النقاشات يتبنون وجهة النظر هذه.

الأحداث الحرجة التي تمر بها المنطقة تفرض علينا التصرف بروية وواقعية وبدم بارد...

عن الكاتب

سامي كوهين

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس