محمد أوجاكتان - صحيفة أكشام - ترجمة وتحرير ترك برس

ربما علينا القول أن داعش هو خنجر قد زُرع في قلب العالم الإسلامي من قبل الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة والأمريكية ومعظم الدول الأوروبية، لكن علينا القول أيضا أن لحزب الشعب الجمهوري يد في تكوين هذا السرطان.

متأكد تماما أن العديد من المتابعين سيقولون أن هذا من باب المبالغة، لكن إذا تابعنا الموضوع عن قُرب سندرك أن هذا التنظيم المكوّن من أشخاص متعددي الجنسيات، قد تم مساعدته بلا شك من داخل تركيا، وبالتالي هذا الاستنتاج سيكون أقرب للصواب.

ولنذكّر سريعا، أنه لولا احتلال الولايات المتحدة الأمريكية للعراق من قبل، لما تشكّلت آفة داعش. بمعنى أن ميلاد داعش جاء من عناصر إرهابية سبب وجودها في العراق هو أمريكا. ولن نستطيع أن نفصل بين الفوضى الحالية وبين كارثة الاحتلال الأمريكي للعراق.

وعند الحديث عن أحداث اليوم، فإن الظلم الشديد الذي مارسه النظام الشيعي في العراق والذي تفوّق على ظلم صدام حسين، وسياسة المالكي الحزبية الطائفية، كانت بمثابة دعوة حقيقية لتشكيل داعش. ومن كان يقف خلف المالكي ويدعمه هما أمريكا وإيران. فرغم كل تحذيرات تركيا من مغبة هذا الظلم الذي يمارسه المالكي، إلا أن الدول الأوروبية دعمته وبالتالي ساهمت في تكوين داعش بصورة غير مباشرة.

والأمر الأخطر من ذلك، هو مشاركة سياسيين من حزب الشعب الجمهوري في مؤتمر مذهبي طائفي عقده المالكي في بغداد، ذهبوا والتقطوا الصور معهم  في ذلك المؤتمر، وبالتالي فإنهم ساهموا في تحضير أرضية خصبة لتنظيم داعش. ولا ننسى أيضا أن نواب برلمان عن حزب الشعب الجمهوري قد ذهبوا إلى قاتل الشعب السوري، الى الديكتاتور بشار الأسد، وجلسوا معه وتبادلوا الضحكات وكانوا مساندين لكل أعماله وأفعاله.

وعند الحديث عن ما قدموه لتركيا، فإننا نجدهم لم يقفوا بجانب الدولة التركية، وإنما شاركوا وغازلوا بعض الصحف الغربية وعلى رأسها "وول ستريت جورنال" التي دعت إلى اتخاذ إجراءات ضد تركيا بسبب موقفها من الحرب على داعش، هذا هو تفكير حزب الشعب الجمهوري. هذا الحزب يعيش الآن حالة هذيان، فمن المستغرب أن يخرج علينا أحدهم ويقول: "تركيا لم تقف ضد الفوضى التي أوجدها داعش، بل الأمور تشير إلى أنها وقفت بجانبه"، أليس هذا دليل على هذيانهم؟".

إذا كان هذا المبدأ لم ينجم عن جهالة، فإنه مؤشر لسوء النية. لأن من أراد لتركيا أن توقع على البيان المشترك للمشاركة في حرب داعش، كانوا يريدون ذلك من أجل إسقاط الحكومة من خلال استغلالهم لحدث قتل 49 مواطن تركي الرهائن بيد داعش، وهذا لا ينم إلا على سوء النية وقذارتها.

وعلينا أن ندرك أن الدول التي بدأت حملة محاربة داعش من خلال حلف الناتو، هي نفسها جهزت أرضية خصبة لهذا التنظيم الإرهابي لكي ينمو ويكبر. فالغرب الذي رفض الحركة الديمقراطية في فلسطين، وسوريا، ومصر، أوجد أرضية خصبة لتكوّن جماعات أصولية متشددة في المنطقة.

محاولة الناتو الخجولة لتكوين جبهة لمحاربة داعش لا تعتمد على خطة معينة، فحتى الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا لا يوجد لديهم إستراتيجية شاملة للحرب على الإرهاب. فهؤلاء يعلمون أن بشار الأسد يقتل شعبه كل يوم، وأن نتنياهو قد ارتكب المجازر تلو المجازر، فبالتالي فإن الحرب مع داعش لن تكون سوى حلا مؤقتا إن حصل أصلا.

لنتفرض أنهم قضوا على داعش تماما، لكن، هل سيكون هناك ضمان لعدم خروج جماعات قاطعة للرؤوس من تحت بطش الديكتاتور بشار الأسد أو نظيره نتنياهو؟

داعش هي لعنة الغرب، فما دامت الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا تقوم بكيّ العالم خارج حدودهما، وباستمرارهما بسياسة السماح بارتكاب المجازر والكوارث الإنسانية أمام أعينهم، فإن خروج منظمات متشددة مثل هذه سيستمر.

رئيس الجمهورية التركية الجديد، رجب طيب اردوغان، حذّر الغرب منذ يومه الأول لاستلام رئاسة الجمهورية، من مغبة الاستمرار في رفض الديمقراطية في البلاد العربية وانتهاك حقوق الإنسان فيها. ولهذا فإن اردوغان منذ اليوم الأول للمجازر التي حصلت في سوريا، مستمرٌ ومصرّ على موقفه الرافض للتعامل مع النظام السوري والداعم للجيش السوري الحر، وقال منذ الأيام الأولى أن استمرار هذه المجازر سيخرج لنا منظمات متشددة أصولية، لكن العالم لم يستمع له.

التقينا برئيس الجمهورية يوم السبت الماضي، اردوغان أوضح لنا أنه مع الحملة الدولية لمحاربة الإرهاب بشرط أن يكون لها إستراتيجية شاملة تشمل الجميع، لكن ما يحصل الآن لا يستند إلى إستراتيجية شاملة فالإرهاب يُمارس على الشعب الفلسطيني وبشار يمارس الإرهاب على الشعب السوري لكنهم لم يحركوا ساكنا ، وبالتالي بدون إستراتيجية شاملة لن يصلوا إلى أي نتيجة وهذا ما يحصل حاليا.

لهذا ننصح الذين يسيئون الظن تجاه تصرف تركيا بالنسبة لقضية داعش، ننصحهم أن ينظروا إلى الجُرم الذي ارتكبوه بمساعدتهم لهذا التنظيم من قبل.

عن الكاتب

محمد أوجاكتان

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس