كمال أوزتورك – صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس

في مقالنا هذا سنتحدث عن حقائق صعبة إلى حد ما، ونفسر الجيوسياسة المتبدلة والمحيرة لنا جميعًا من جديد. ونتعرف على أنفسنا، وحلفائنا، وأصدقائنا وأعدائنا مجددًا. وفيما بعد سنعتمد على أنفسنا، ونرتب اللعبة من جديد.

الولايات المتحدة الأمريكية

سبق أن علقنا آمالًا كبيرةً على وجود رئيس مسلم من إحدى النواحي، وأننا اقتربنا جدًا من قيامه بإنهاء مأساة الشرق الأوسط. ولكنه لم يكن حاسمًا في قراراته، ولم ينجح، ولم يضع أي سياسة، بل انسحب من المنطقة بالكامل مسببًا الفوضى. وأصبح صديقًا لإيران التي دعاها "بالعدو الأخطر"، في حين اعتبر حزب الاتحاد الديمقراطي العدو اللدود مساويًا لتركيا التي يدعوها "بالحليف الأقوى". وتغاضى عن دخول روسيا إلى البحر الأبيض المتوسط ووصولنا إلى عتبة الحرب. بالإضافة إلى تأييده إقامة دولة خاصة بحزب العمال الكردستاني في سوريا. أي تطابق ذلك مع أكثر حقب التاريخ فشلًا بالنسبة لنا.

الاتحاد الأوروبي/ الناتو

فيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية لم يتمكن من إيجاد تسوية لها، بل ساهم في إفساد الوضع أكثر. وتسبب في احتلال القرم. وإعادتها إلى الدب الروسي الجريح. وغض الطرف عن احتلال روسيا وإيران للشرق الأوسط. وتبين أيضًا أنه لن تتم حماية تركيا العضو الأقوى في حلف شمال الأطلسي. وسحب أنظمة الدفاع الجوي في أشد أوقاتنا صعوبة، مما شجع الأعداء علينا. كما لم يتمكن من إيجاد تسوية لمشكلة اللاجئين. وتغاضى عن موتهم على الحدود. وعودة الزمرة العنصرية التي تتحدث عن موضوع التخلص منهم وطردهم. في حين أظهر اتفاقًا خجولًا فيما يتعلق بجعل تركيا عضوًا في الاتحاد الأوروبي، وجعلها فريسة للدب الجريح.

روسيا

في الوقت لم يكن فيه مجلس وزرائنا قد تشكل، وكانت تجمعنا تجارة مشتركة ضخمة، جاءت روسيا كعدو ودخلت إلى البحر الأبيض المتوسط دون سابق إنذار. كما ساهمت في مقتل 400 ألف إنسان، وتخلت عنا. ولكن خطر تلك العداوة التي لم تقم بها لم يتأخر. مع تذكيرنا دائمًا بالقول إن "الدب لن يصبح صديقًا". وإظهار العداء الروسي الكلاسيكي المستمر منذ قرون مجددًا. كما أظهرت مرة أخرى مقدرتها على قتل الأبرياء والمدنيين بلا رحمة.

إيران

عندما اندفعت إيران بهدف إغراق العالم، أصبحت تركيا الدولة الوحيدة المدافعة عنها. كما شهدنا منها أشد أنواع العداء. حيث دخلت 5 دول إسلامية في الحرب بشكل فعلي. وتسببت بموت آلاف الأشخاص، وتدني أوضاع اللاجئين. كما سحبت روسيا إلى الشرق الأوسط واشتركتا معًا في سفك دماء المسلمين. وفي الوقت الذي أصبحت فيه صديقة للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية التي كانت تدعوها "بالشيطان الأعظم"، تحولت إلى عدوة لدول العالم الإسلامي السني بكامله.

العالم الإسلامي

لم يتمكن من اتخاذ أي مبادرة وإنتاج أي سياسة ولا الصمود بمفرده. كذلك ازدادت بذور الجهالة والعشيرة والعرقية والمذهبية مع أي أزمة صغيرة. وأصبح المسلمون العدو الأكبر. عدا عن تركيا التي جاهدت من أجل الوحدة الإسلامية وعملت على ضم المظلومين جميعًا بلا استثناء تحت جناحها، فإنه عجز عن تحقيق الوحدة أو إيقاف الحروب وإحلال السلام.

القوة التركية

علينا أن نعتز بأن بلدنا هي الأكثر صدقًا ووجدانيةً في هذا العالم. وأننا مرسى الشعوب الإسلامية والمظلومين، والدولة المفضلة. كما أننا الدولة التي حظيت باحترام وثقة الجميع. ولكنهم استغلوا حسن نيتنا وفطرتنا السليمة، وخدعوا وضللوا الآخرين.

ولكن قوتنا لم تكن كافية للتعامل مع جميع الخصوم. فجيشنا ورجال أمننا ومخابراتنا جميعهم أبطال ولكن البطولة لا تكفي وحدها دون تسليم السلاح الكافي، والتكنولوجيا، والسفن، والصواريخ.

والحمد لله أن اقتصادنا بخير، ولكن لا يمكننا الصمود لوحدنا. لأن طاقاتنا وموادنا الخام وتكنولوجيتنا جميعها من الخارج، أي أننا أتباع.

لنرتب اللعبة من جديد

لم نتمكن من تشكيل وحدتنا الوطنية. كما تعرضنا لاعتداءات من الداخل في الوقت الذي تعايش فيه الدولة حربًا مجهولة. إذ توحدت جميع المنظمات وخانت وطنها ودولتها وحكومتها. ودون أي اكتراث من بعض هؤلاء، حتى أن أحدهم لم يقل "لأدافع عن وطني وأمتي".

أما إعلامنا الذي لم يعرف العالم بأحقية مطالبنا، قسم منه يخدم العدو والقسم الآخر لا يعير أي اهتمام للأحداث.

لننظر إلى هذه الحقائق الصعبة، ونقرأ السياسة الحقيقية مجددًا، ونسجل الملاحظات. ولنتناقش حتى وإن تعرضنا للأذى، ولنحاسب أنفسنا، ونتحدث بصعوبة عن الغش والإهانات والخدع والطعنات من الخلف التي تعرضنا لها.

ونجلس فيما بعد ونرتب اللعبة من جديد. ونضع الاستراتيجيات، ونستخدم عقولنا، ونكبح مشاعرنا، ونفكر مجددًا بما أننا الدولة الأكبر، والقوة الأعظم، والبلد الأقدم في المنطقة، وبناءً عليه نخوض المعركة.

عن الكاتب

كمال أوزتورك

إعلامي صحفي تركي - مخرج إخباري وكاتب - مخرج أفلام وثائقية - مدير عام وكالة الأناضول للأنباء سابقًا


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس