كمال أوزتورك – صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس

كان وزير الدفاع الأمريكي السابق تشاك هيغل متحمسًا ومتوترًا عندما شرح للرئيس الأمريكي باراك أوباما في المكتب البيضاوي الوضع في سوريا والشرق الأوسط. لقد استخدم الأسد الأسلحة الكيماوية، وهذا كان خطًا أحمر بالنسبة إلى الولايات المتحدة. حتى الادعاء "بأن الأسلحة الكيماوية قد استخدمت في العراق" كان سببًا كافيًا لها لاجتياحه. ولكن عدم التحرك ضد الأسد الآن الذي قتل 1500 شخصًا في الغوطة يمكن أن يحدث صدمة كبيرة. وبينما كان هيغل يحاول من خلال كلامه هذا إقناع أوباما بالتدخل في حال استخدم الأسد الأسلحة الكيميائية كان الأخير يلعب بجهاز البلاك بيري الخاص به.

وزير الدفاع الأمريكي: ليس لدى أوباما استراتيجية تجاه سوريا

أدى التناقض وفشل السياسة الخارجية إلى استقالة هيغل من منصبه بعد فترة وجيزة. وفي كل تصريح له كان ينتقد أوباما وإدارته بقوله: "ليست لدى أوباما استراتيجية تجاه سوريا. كما وجد حوله عدة أشخاص لا فائدة منهم ساهموا في إرباكه وإضعافه".

وقد حاول هؤلاء الذين لم يؤمنوا بعجز السياسة الخارجية إيجاد حكمة ما في سياسة أوباما ولكن دون جدوى. كانت الخطبة السياسية الأكبر لأوباما دائمًا أن "روسيا ستتورط في حال تدخلت في سوريا كما فعلت في أفغانستان". لقد كان جبانًا، ومترددًا، وفاشلًا بشكل واضح. وهذا ما قاله وزير دفاعه السابق بكل صراحة.

وقد سنحت لي الفرصة قبل سنة للقاء أوباما خلال زيارة له إلى تركيا. حيث رأيته في حفل استقبال أقيم لأجله. وخلال تلك الليلة توصلت إلى القرار التالي: إن أوباما يمارس أدوار التواصل التقليدي للسياسة الأنجلو ساكسونية. ولا يمكن الحصول على شيء مفيد من هذا. حتى أن فريق التواصل السياسي الخاص به  قام بنشر صورة له يدعي فيها النوم على الأريكة مرتدياً حذاءًا ممزقًا. ألهذه الدرجة أصبح ألعوبة بيد رجاله.

الأعضاء الذين يتلقون أموالًا من اللوبي الإسرائيلي

علاوة على فشل أوباما الشخصي، فقد ساهمت اللوبيات الأمريكية التقليدية ومراكز القوة والبيرقراطية في إعاقته أيضاً. ومن هؤلاء على سبيل المثال رام إسرائيل عمانويل (رئيس طاقم موظفي البيت الأبيض) الذي يشغل أهم منصب في البيت الأبيض لسنوات عدة. إذ لا يشعر بالحاجة أبدًا إلى إخفاء انحيازه إلى إسرائيل.

كما تحول مجلس الشيوخ والكونغرس الأمريكي إلى كابوس بالنسبة إلى أوباما. حيث خضعت الأقلية الديمقراطية في المجلس بشكل كامل لقبضة اللوبيات.

وبناءً على بحث أعده بلال كناساري مراسل وكالة الأناضول الناجح في واشنطن، ذكر فيه أن 261 عضوًا من ممثلي مجلس النواب الأمريكي البالغ عددهم 435 عضوًا يأخذون أموالًا من اللوبي الإسرائيلي. كما أن 46 عضوًا من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي البالغ عددهم 100 عضوًا لديهم نوع من العلاقات المالية مع اللوبي الإسرائيلي. (ولا تعد هذه المعلومات سرًا إذ يتم نشرها بانتظام على موقع www.opensecrets.com).

بالإضافة إلى أن 19 عضوًا في الكونغرس، و10 أعضاء من مجلس الشيوخ ذو أصول يهودية. كما يعد بول راين رئيس لجنة الموازنة من المعجبين بالرئيس الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وقد وصل به الأمر إلى درجة يرغب فيها بوضعه على كرسي الرئاسة الأمريكية.

وبناءً على ذلك، أليس باستطاعة اللوبي الذي رشى نصف أعضاء الكونغرس ومجلس الشيوخ أن يعيق أي قضية يريدها؟ بكل سهولة يمكنه القيام بذلك. كما يمكننا القول وبكل طمأنينة أنهم لم يحولوا أوباما إلى "بطة عرجاء" فقط، بل جعلوه "طائرًا منكسر الجناح" أيضًا. وتذكروا أنه عندما لم يوافق الكونغرس على الميزانية فإن المؤسسات الحكومية أوقفت التجارة وفضحت الولايات المتحدة أمام العالم.

اللوبيات تضغط على تركيا

لقد شهد الجميع مدى التأثير الكبير للوبي اليهودي على العلاقات الإسرائيلية التركية المتوترة. من خلال عدم تمكن تركيا من الحصول حتى الآن على الأسلحة والمعدات العسكرية التي أبرمت اتفاقًا بشأنها. لأن كلًا من لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ ولجنة العلاقات الخارجية يتصرفون وكأنهم لجنة حكومية إسرائيلية في الولايات المتحدة الأمريكية.

وقد بلغ العجز لدى الرئيس أوباما إلى درجة قال فيها خلال مكالمة هاتفية أجراها مع الرئيس أردوغان تتعلق بسوريا وإسرائيل وقضايا الشرق الأوسط "أنا أتفهم وضعك، أنت محق، ولكن افهمني أيضاً. أنا عالق هنا لا يمكنني القيام بأي شيء".

نمت شركات الأسلحة بنسبة 230%

لا بد من الإشارة إلى أن تأثير لوبي السلاح لا يقل أبدًا عن تأثير اللوبي الإسرائيلي. ذلك أن 22 عضوًا في الكونغرس و35 عضوًا في مجلس الشيوخ لديهم نوع من العلاقات المالية مع تجار السلاح. حيث ازدادت قيمة شركات الأسلحة في البورصة بمقدار 230 بالمئة منذ اندلاع الحرب في سوريا. كما أن نصف أسلحة دول الشرق الأوسط تأخذ من شركات الأسلحة الأمريكية. أي أن إحلال السلام في سوريا والشرق الأوسط يعني النهاية بالنسبة إلى الحصول على هذه الأموال السهلة. لذلك من يرغب في إيقاف الحرب؟

حتى يتم إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الجاري، فإن هذه المدة الرئاسية بالنسبة إلى حالة "البطة العرجاء" تعني تقييد الولايات المتحدة لمدة سنة.

وبناءً على ذلك من سيوقف روسيا؟ الاتحاد الأوروبي العاجز أم الولايات المتحدة الأمريكية المقيدة؟

عن الكاتب

كمال أوزتورك

إعلامي صحفي تركي - مخرج إخباري وكاتب - مخرج أفلام وثائقية - مدير عام وكالة الأناضول للأنباء سابقًا


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس