ترك برس

قال متحدث الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، إن الهجوم الإرهابي الذي شهدته العاصمة أنقرة، الأربعاء الماضي، وخلّف 28 قتيلاً، "سيغير هذا من قواعد اللعبة في معركة تركيا ضد الإرهاب في تركيا وسوريا"، مشيرًا "السلطات التركية تعهّدت بالفعل بالرد الحازم وملاحقة الإرهابيين في تركيا وسوريا أو حتى جبال قنديل شمال العراق".

وأضاف قالن في مقال له نشرته صحيفة "ديلي صباح" التركية، تحت عنوان "هجوم أنقرة كشف عن خطوط التصدع الجديدة"، أن التفجير الإرهابي، سيؤثر في موقف تركيا من الحرب الدائرة في سوريا".

وأشار المسؤول التركي إلى أن بلاده "واجهت منذ ثمانينات القرن الماضي، أعمالاً إرهابية قامت بها منظمة، بي كا كا، ومنظمات أخرى، غير أن الهجوم الأخير يعد الأول من نوعه من نواح كثيرة"، مبينًا أن هذا الهجوم سيسفرعن إجرءات واسعة النطاق، في إطار مكافحة تركيا لمنظمة "حزب العمال الكردستاني (بي كا كا)" وذراعها السوري "حزب الاتحاد الديمقراطي"، وجناح الأخيرة العسكري "وحدات حماية الشعب".

ولفت إلى أن "تركيا تعرف الآن أن هذا الهجوم قد دبرته وحدات حماية الشعب الكردية، ونفذه الانتحاري صالح نجار، الذي دخل تركيا عام 2014 قادماً من منطقة القامشلي بالحسكة الواقعة تحت سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي"، وأن "الهجوم تلا شهوراً من الجدل المحتدم بين قادة اتحاد المجتمعات الكردستاني، الذي يضم تحت مظلته اتحاد العمال الكردستاني، عن جدوى القيام بعمليات انتحارية في الداخل التركي كردٍّ على العمليات الأمنية التركية ضد حزب العمال الكردستاني في سيلوبي، وجيزرة، وسور ونصيبين".

وأضاف قائلًا: "فبينما دعم أحد الجانبين هذه العمليات بسبب سقوط حوالي 1000 مقاتل كردي على مدار الشهرين الأخيرين، فقد رفض الجانب الآخر هذه العمليات لما ستشكله من دعاية سيئة لهم وجعلهم أكثر شبهاً بداعش، ويبدو أن الجانب الأول هو من فاز بالجدال داخل حزب العمال الكردستاني" موضحًا أن "البيانات العامة التي أصدرها حزب العمال الكردستاني وعناصر وحدات حماية الشعب في عامودا السورية، مسقط رأس منفذ هجوم أنقرة، تتبنى جميعها إعلان الحرب على تركيا".

وبيّن أنه "في هذه الأثناء، تواصل وحدات حماية الشعب التلاعب بالحرب في سوريا لمصالحها. وباسم مواجهة "داعش"، تعمل مع أميركا وروسيا ونظام الأسد، إذ تستخدم الدعم الجوي الروسي وإمدادات واشنطن للتحرك نحو المواقع التي تسيطر عليها جماعات المعارضة السورية المعتدلة، وهي ذات الجماعات التي تدعمها الولايات المتحدة، كما أعلن نظام الأسد مؤخراً أنه يمد وحدات حماية الشعب شمالي سوريا بالأسلحة والذخيرة، لتتمكن من السيطرة على شمال حلب باسم النظام السوري".

وتابع قائلًا: "وبالنظر إلى كل ذلك، يبدو أن ردود الفعل التركية الغاضبة تجاه دعم أميركا لوحدات حماية الشعب كانت في محلها. فبينما قد يتفهم المرء الدوافع الروسية لذلك، ورغبتهم في استخدام أي شيء ضد تركيا، خاصة بعد إسقاط تركيا للطائرة الحربية الروسية في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، فإن دوافع الآخرين تثير التساؤلات لدى الشعب التركي.

لذا تواجه استراتيجية مكافحة "داعش" معضلة حالية، فبينما تهاجم وحدات حماية الشعب جماعات المعارضة التي تقاتل "داعش"، يبقى التنظيم قوياً كما هو، ويزداد نظام الأسد هو الآخر قوةً يوماً بعد آخر.

وبينما تبدو روسيا بمظهر من يسلك الطرق الدبلوماسية، تستمر الطائرات الروسية في قصف المدن السورية، فقد انتهك الروس كل اتفاقيات وقف إطلاق النار منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، وتستمر حملاتهم الجوية العشوائية حتى بعد إعلان ميونيخ، ليُقتل أكثر من 2000 مدني جراء الغارات الروسية حتى اليوم.

هنا يبرز التساؤل الرئيسي عن الوضع المحتمل لسوريا بعد "داعش"، فحتى بافتراض هزيمة التنظيم، الذي لا يبدو مرجحاً باستخدام الاستراتيجية الحالية لمهاجمة قواعده، وترك نظام الأسد ليفلت بجرائم الحرب التي ارتكبها، فلن تنتهي الحرب في سوريا، إذ إن نظام الأسد المدعوم من سوريا وإيران سيستمر في قتل الشعب السوري، ما يعني مزيداً من المجازر، ومزيداً من جرائم الحرب، ومزيداً من اللاجئين".

وخلص إلى أن "المجتمع الدولي فشل في حماية السوريين خلال الأعوام الأربعة الأخيرة قد قاد إلى إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية وأكثر الحروب دموية في القرن 21، وأولئك الذين يدعمون الجماعات الإرهابية في سبيل التخلص من "داعش"، إنما يزيدون الوضع المتأزم تدهوراً".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!