إمره اكوز – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

لقد كتبت مقال بعنوان "سوريا هي روسيا" في 28 حزيران/ يونيو 2012 عن طبيعة العلاقات السورية الروسية، ولكن وإلى الآن ما زلت أسمع وأرى تعليقات وكتابات غريبة لا تفهم هذه العلاقة. فالبارحة كنت أقرأ في إحدى الصحف وإذا بالكاتب يشرح ويقول إن هوس وطمع بوتين هو ما دفع بالدب الروسي إلى سوريا، وكأنه وإن كان هنالك شخص آخر مكان بوتين فإن المواقف الروسية قد تتغير! بالطبع سيكون لوجود بوتين بصمة خاصة في الأسلوب بسبب هوسه وطمعه، لكن الموقف الروسي المهتم بالأزمة السورية لن يتغير بتغيره، فروسيا ستبذل كل ما تستطيع من أجل الحفاظ على الموقف السوري.

ويأتي ذلك للأسباب التالية: 1- لأن سوريا تُعد الأذن الروسية التي تسمع من خلالها مناطق شرق البحر الأبيض المتوسط، وإسرائيل داخل هذه الدائرة 2- سيكون للقاعدة العسكرية في طرطوس وقعها وتأثيرها المهم 3- تريد روسيا أن تعيد تأثيرها القديم على العالم العربي عبر سوريا. قد نعتقد أن الهجمات العسكرية الهمجية التي كانت في العهد السوفيتي ما زالت مستمرة بسبب طبيعة الروس فقط، لكن الحقيقة هي أن لأمريكا دور في هذا عندما احتلت العراق في 2003، فلولا ذلك الحدث لرأينا روسيا اليوم مختلفة عما هي عليه الآن.

ما أريد قوله هنا هو أن سوريا كانت مهمة لروسيا قبل الأزمة، فروسيا كانت قد تكفلت بالحفاظ على إرث عائلة الأسد في سوريا بسبب مصالحها ومكاسبها الكبيرة والتي تزيد عن ملايين الدولارات سنويا عبر شراء الأسلحة الروسية وخصوصا أنظمة الدفاع الجوي. في أثناء كل هذه التطورات بتنا نسمع "الحرب الباردة الجديدة" بشكل كبير في الأيام الأخيرة، والسبب في ذلك أن أحداث الحرب الباردة من 1947 وإلى 1991 مشابهة جدا لما نعيشه اليوم من توتر بين موسكو وواشنطن.

كان مصطلح "جديد" الذي أُلصق على الحرب الباردة مناسبا مع ما يحدث، فالحرب الباردة في هذه الأيام مختلفة عما كانت عليه في السابق، إذ أن سياسات واشنطن لا تتحرك كما كانت من قبل في أفغانستان عندما أسقطوا التحالف السوفيتي، وإنما اقتصرت إرادة أوباما على محاولة تحجيم الروس والسعي في استقطابهم نحو الحلف الأمريكي ضد المارد الصيني الصاعد كما يقول بعض الخبراء، وإن صح هذا الكلام فإن انقسام سوريا مسالة وقت فقط، وسيكون على النحو التالي، القسم الأول: هي دولة للأسد مدعومة من قبل الروس في الشام وحلب. القسم الثاني: وهو ما يهم تركيا وتأتي أما بخيار الدولة السنية في شرق سوريا أو دولة كردية تضايق انقرة.

ملاحظة: لم يتم الطرق لداعش صاحبة الأيدلوجية الجهادية الإرهابية التي تعادي العالم، ذلك أن الخطط المرسومة تهدف إلى تنظيف المنطقة منهم والقضاء عليهم.

عن الكاتب

إمره أكوز

كاتب في جريدة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس