مولاي علي الأمغاري - ترك برس

من الأخبار الفنية التي تملأ فضائيات المحلية والعالمية هذه الأيام أخبار"جائزة أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة" والتي تعرف إعلاميا بجائزة الأوسكار، وهي من أرفع الجوائز السينمائية السنوية في الولايات المتحدة الأمريكية والعالم.

وكل أهل الفن والسينما والثقافة بالعالم ينتظرون مساء الأحد 28 فبراير/ شباط 2016 لمعرفة الفائزين هذه السنة، وقد تصدر فيلم "العائد، The Revenant" الذي حصل على ثلاث جوائز في مسابقة "غولدن غلوب" للممثل الأمريكي "ليوناردو دي كابريو" الترشيحات لنيل جوائز الأوسكار لعام 2015.

وقد اتُهمت لجنة توزيع جوائز الأوسكار وهوليوود عموما،بعدم الاهتمام بالأقليات والنساء والسود بشكل مناسب، وأنها تركز في جوائزها وإنتاجاها السينمائي على البيض، وعضويتها تضم نسبة كبيرة من البيض والذكور وكبار السن كما جاء في دراسة لصحيفة" لوس أنجلوس تايمز": "أن أعضاء الأكاديمية 94 بالمائة منهم بيض، و77 بالمائة ذكور، وأن الأعضاء الذين تم اختيارهم على أساس أعمالهم وبتوصية من الأعضاء الحاليين تبلغ متوسط أعمارهم 62 عاما".

وبالتالي فلم نرى هذه السنة كذلك ترشح الفيلم الواقعي "الهولوكوست السورية" لنيل أحد الجوائز الأوسكار، للأسباب المعروفة،ولأن لوبي "الأفلام الغير الواقعية" والمرشحة للجوائز، لا شك يخشى خروجه خاوي الوفاض، أمام هذا الفيلم المأساوي الدموي والذي برهن مرة أخرى على سقوط الإنسانية.

كما أن لجنة توزيع الجوائز ستحس بالحرج إذا لم تقدم جميع الجوائز لهذا "الفيلم الدموي"، والذي جُمع فيه أنواع الأفلام المعروفة ومختلف طرق التصوير والإخراج والتمثيل والإبداع اللا أخلاقي...

فيلم أنتجه وطن "هوليوود" رائد السينما العالمية، وشرطي العالم والقطب المسيطر على السياسة والاقتصاد والسلم والحرب، الويلات المتحدة الأمريكية.

قال الكاتب التركي "محمد زاهد جول" ملخصا هذا الإنتاج الأوباموي - الأمريكي: "لم يتوقف خطر تناقض السياسة الأمريكية في سوريا على الشعب السوري والشعب العربي فقط، فقد امتد لتهديد تركيا أيضًا، فقد بقيت أمريكا تخادع السوريين منذ انطلاق الثورة قبل أربع سنوات وأحد عشر شهرًا، وسمحت لبشار الأسد والحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني بقتل أكثر من نصف مليون سوري، وتشريد الملايين إلى الدول المجاورة، وهي- أي أمريكا- تدعي أن بشار الأسد فقد شرعيته، ولا بد أن يرحل، ولكن يبدو أن نصف مليون سوري ليس العدد الكافي في نظر السياسة الأمريكية لإنهاء حكم بشار الأسد، وإنهاء مأساة الشعب السوري". من مقاله "مخاطر السياسة الأمريكية المتناقضة في سوريا على العرب والأتراك" عن موقع الخليج أونلاين.

وفي عرض مختصر للفيلم السوري: "الهولوكوست السورية" والمستمر منذ خمس سنوات، قال الكاتب التركي "مصطفى كارت أوغلوا" في مقاله "سياستنا لن تتغير رغم أنف أمريكا" ملخصا أهم الأحداث الثورة السورية بعد قيام ثورات الربيع العربي وتجاوب أطفال درعا الأبطال- النجوم والأبطال الحقيقيون- معها ومقتل الشهيد البطل أيقونة الثورة السورية الطفل "حمزة الخطيب" -رحمه الله تعالى وشهداء الثورة السورية اليتيمة- قال الكاتب:

1- كوّنت أمريكا تحالفا دوليا وكان الهدف هو "سوريا بدون الأسد"، لكن الموقف الروسي عارض ذلك بحق الفيتو الخاص به وطالب بالحلول الدبلوماسية.

2- ثم انقلبت الصورة ليتحول الروس إلى القوة العسكرية ويتدخلوا بشكل مباشر ومن ثم إنشاء غرفة عسكرية موحدة مع حزب الاتحاد الديمقراطي في عفرين.

3- تدخلت إيران لدعم الأسد عبر توجيه حزب الله اللبناني في البداية ثم تلاها تدخلها المباشر وإرسال المليشيات الشيعية من العراق.

4- أنشأ حزب الاتحاد الديمقراطي منطقته وحدوده بعدما دعمته أمريكا وغطته جويًا بطائراتها في أثناء طرد داعش.

5- بعد الخط التركي الأحمر الذي تم فرضه على الأكراد بمنعهم من تجاوز غرب الفرات، شكلت وحدات حماية الشعب الكردي تحالفًا مع الروس للتحرك من عفرين نحو الشرق.

6- توجد في المناطق الشرقية التي يهاجمها حزب الاتحاد الديمقراطي المعارضة المعتدلة التي دعمته وساندته في طرد داعش من كوباني!

7- هرب اللاجئون في البادية من بطش الأسد ثم من داعش ثم من وحدات حماية الشعب الكردي والآن يهربون من تفجيرات الروس.

8- وبهذه الطريقة كان الأسد ووحدات حماية الشعب الكردي يمارسون جرائم الإبادة العرقية مع معارضيهم.

9- قابل الكرملين الحصار الذي فرضه عليه الغرب وإسقاط تركيا لطائرته بعمليات طرد السكان الممنهجة عبر أساليبه الإجرامية المختلفة لزيادة التوتر الناتج عن مشكلة اللاجئين.

10- باتت تركيا تواجه الجبهة الرباعية المُشكلة من تحالف روسيا وإيران والأسد وحزب الاتحاد الديمقراطي بسبب دعمها للمعارضة. عن صحيفة ستار، ترجمة وتحرير موقع "ترك برس".

الحصيلة المأساوية حتى الآن:

- مقتل ما يقارب نصف مليون سوري أغلبيتهم أطفال ونساء وشيوخ، بجميع أنوع القتل المعروفة والمخترعة بمناسبة الثورة.

- تحول الشعب السوري من أكثر الشعوب احتضانا للاجئين إلى أكبر شعب لاجئ في العالم، حيث وصلت أعداد اللاجئين إلى أكثر من 12 مليون سوري لاجئ، أغلبيتهم بتركيا- 3 ملايين حسب إحصائيات الحكومة التركية- والباقي في الأردن ولبنان وبعض الدول الأوربية والغربية والعربية.

- تدمير أكثر من 80 بالمائة من البنية التحتية السورية.

- ضياع جيل كامل من الشعب السوري، وحرمانه من التعليم وجعله فريسة سهلة للأمية والجهل، بالإضافة إلى المشاكل النفسية والمعاناة الاقتصادية والاجتماعية.

قال الأكاديمي السوري :  الدكتور "يحيى العريضي" متحدثا عن "الهولوكوست السورية":

"المفارقة أنه في ظل حكم أوباما، وأمام مرأى من العالم أجمع صار في سوريا هولوكوست آخ؛ نظام يقتل شعبه ويستخدم أسلحة لم يستخدمها النازيون ضد اليهود،و هاهو أوباما يقف بكل جمود،لم يكن صامتا فحسب بل إن موقفه شجع مبيدي البشر،وأطال معاناة السوريين الذين تمنوا لو أنه بقي صامتا، لقد عرقل أوباما جهود بعض الأطراف الذين أرادوا أن يخلصوا السوريين مما هم فيه،لا ندري كيف يستقيم تعاطف أوباما مع اليهود واستنفاره تجاه ما جرى لهم في عصر سابق،وجموده تجاه كل الأهوال التي تحدث أمام ناظريه ولخمس سنوات متواصلة!

فإن كانت بضعة مئات أو آلاف من اليهود قد غادروا أوربا لشعور يسمى “اللاسامية” مارسه عليهم البعض؛ فإن السوريين يفرون من بلادهم بسبب نظام لا يتوقف عن قصفه الجوي اليومي لهم، وليس لشعور بالكراهية،إن كان عدم المبالاة كما يقول أوباما خيانة للمحبة، فلماذا يبدي كل عدم المبالاة هذا لمأساة الشعب السوري لخمس سنين". من مقاله ما المطلوب من السوري كي يكون ضحية هولوكوست؟ عن موقع" كلنا شركاء".

جاءني خاطر يقول أن فيلم "الهولوكوست السورية"  لم يٌرشح طيلة خمس السنوات الماضية  للأوسكار لأنه لم تكتمل أحداثه ولم يكتب لسيناريو الفيلم نهاية بعد.

فقلت حتى ولو اكتمل الفيلم تصويرا وإخراجا، فلن يقبل ترشحه ل"جائزة الأوسكار"، ولو تم قبول ترشحه، فلن يفوز بأي جائزة لعدة أسباب منها:

- أن بطله "الشعب السوري" العربي المسلم أغلبيته.

-  قبول ترشحه أو فوزه، اعتراف بأن مأساة الشعب السوري كانت فيها تسلية لرعاة "الهولوكوست السورية"، وفرصة لفرض أجندتهم و تحقيق مخططاتهم، وتحصيل أكبر قدر من مصالحهم الوحشية.

- إدانة مباشرة لأمريكا لنفسا بنفسها، وللمؤسسات الدولية والهيئات والمنظمات العالمية التي تقول ما تفعل، وتفعل خلاف ما تقول.

- خوف ظهور بسبب ذلك ظاهرة " معادة سوريا" والتي يطالب فيها الشعب السوري مستقبلا بعقاب كل من أسهم في مأساتهم من قريب أو من بعيد أو سكت عنها، أو تخاذل عن نصرتهم وأداء واجب الأخوة في الدين والعرق والإنسانية.

بل في اعتقادي لو أنتج فيلم هوليودي، هيئت له كل أسباب الناجح والتميز والإبداع السينمائي  يحكي "الهولوكوست السورية"، فإنه لن يفوز مرة أخرى للأسباب نفسها.

يكفي الشعب السوري أن يفوز بحريته وكرامته، كما كان طيلة مئات القرون، وعبر كل الحضارات التي عرفتها "الشام الغالية"، وسيحول المأساة إلى إبداع وإنتاج، وحضارة وحياة جديدة مرة أخرى كما كان يفعل دائما.

عن الكاتب

مولاي علي الأمغاري

باحث في قضايا العالم العربي والإسلامي ومتخصص في الحركات الإسلامية وقضايا الإرهاب، ومهتم بالشأن التركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس