سليم الحكيمي  - خاص ترك برس

تنتشر في الإعلام العربي والتونسي خاصة، محاولات اتهام تركيا بدعم الإرهاب بعد الإخفاق في اتهامها بالفشل في المنجز الاقتصادي إثر  تربعها، اقتصادا، المرتبة 6 أوروبيا و15 عالميا. دون تردد: تركيا ضحية الإرهاب وتفجيرات أنقرة 17 شباط/ فبراير 2016 هو هجوم إرهابي جماعي، خُطط له بشكل مشترك من قبل تنظيم "داعش"، وتنظيم "بي كي كي، ومخابرات نظام الأسد، وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في شمال سوريا"، اتهم اثره المفكر عبد الله النفيسي أبو ظبي بما يجري في تركيا، بخاصة بعد التفجيرات الأخيرة في أنقرة، وديار بكر. و اتهم النفيسي، الإمارات، ودولا أخرى بالمساهمة في تفجيرات تركيا، قائلا: "أطراف خارجية (منها خليجية) تمول الأكراد داخل تركيا لإسقاط حكومة الرئيس أردوغان عبر إثارة القلاقل".

ومن المعروف أن حزب الاتحاد الديمقراطي "PYD"، وحزب العمال الكردستاني "PKK"، هما المتهمان في جل الهجمات التي تقع في تركيا. للحقيقة والتاريخ، تركيا هي التي ألحقت بـ"داعش" خسائر فادحة، وقامت قوات التحالف بالهجوم على المناطق الواقعة تحت سيطرتها انطلاقا منها، إضافة إلى العمليات البرية التي شنتها قوات الجيش السوري الحر. وكل ذلك نتيجة التعاون التركي. بينما اعتقلت تركيا بين 1500 إلى 1600 من المشتبه بهم في الانتماء إلى تنظيم الدولة ورحّلتهم إلى بلدانهم. ومنعت دخول 26 ألف إلى بلدها للاشتباه بتورّطهم بعلاقات مع تّنظيمات إرهابية. فهل قامت البلدان الأخرى بشيء في هذا الخصوص وهي البلدان التي تعد مصدرا للأشخاص المنتمين إلى هذا التنظيم؟  

في 20 أيلول/ سبتمبر 2014، نجحت الدبلوماسية التركية في إطلاق  سراح 46 رهينة تركية بعد أكثر من مئة يوم في قبضة نظيم داعش الذي خطفهم من القنصلية التركية عندما استولى على الموصل في العراق، ووافق  التنظيم على الإفراج عن الرهائن وإعادة مبنى القنصلية، بفضل تيار العشائر والبعثيين داخل "داعش"، الذين أبقت أنقرة على علاقة جيدة معهم منذ انتفاضتهم في العراق في 2007.  بينما زايدت المعارضة على أردوغان قبل الانتخابات البرلمانية الأخيرة في القضية فرد مخاطبا المعارضة وحزب الشعب الجمهوري: "أين حسّكم السياسي والوطني، تريدونني أن أقاتل داعش ولدي 49 رهينة تركية لديهم؟؟!".

وفي سنة 2014 ضبطت تركيا 97 مليون لتر من النفط المهرب فقررت "وزارة التجارة و الجمارك" إتلافها ضمن الإجراءات الرسمية، كل التقارير الاقتصادية  يتبين أن تركيا تحصل على نفطها من روسيا وإيران وأذربيجان ونيجيريا ولم تستورد شيئا من داعش " كما روجت روسيا تهمتها المهترئة. مما جعل وزير خارجيتها سيرغي لافروف يتراجع في تصريح رسمي معتذرا عن اتهامه تركيا بالتزوّد من داعش في النفط. في تصريح لاردوغان حول الموضوع صرح الرئيس بوضوح : "من يشتري النفط الداعشي، هو "جورج حسْواني" وهو يحمل الجنسية الروسية والسورية ويقوم ببيعه إلى النظام السوري، ويؤمّن مصادر مالية لداعش كما يبيعه النفط في أماكن اخرى من العالم. أما الشخصية الثانية التي تشتري النفط من داعش، فهو رئيس "الاتحاد العالمي  للعبة الشطرنج"، ولما افتضح أمره استقال من رئاسة الاتحاد".

وتحدى أردوغان بقوله لبوتين: "سأستقيل من منصبي إذا ثبت أن تركيا تشتري لترا واحدا من داعش، لدينا وثائق صادرة من الخزانة الأمريكية ونعلم كل شخص في ما يتاجر".  تركيا نشتري 29 مليار متر مكعب غاز من روسيا و10 مليار متر مكعّب من إيران، وكل ذلك معلن ورسمي. وهي  الدولة الوحيدة التي رفضت أن تفرض عقوبات غذائية على روسيا وقالت لشركائها الأوروبيين أن روسيا شريكها  الاستراتيجي، ولا تستطيع فرض عقوبات على شريك الاستراتيجي. وواصلت تقديم المواد الغذائية رغم أنه يمكنها أن تجد أسواقا وحصلت عليها فعليا.

داعش ذريعة التدخّل الرّوسي!

الوقائع على الارض تثبت أن روسيا هي التي اتخذت من "داعش" ذريعة للدخول للمنطقة، ادعت مقاومة الإرهاب في سوريا ولكنها لم تقم بعملية واحدة ضد داعش، بل قصفت مناطق يعيش فيها التركمان وأظهرت تركيا للعالم بأن روسيا لا تقصف مناطق تسيطر عليها داعش كما تدعي. والخرائط الموضحة لذلك لدى الجيش التركي تتطابق مع تلك الموجودة لدى حلف شمال الأطلسي "الناتو". قتلت روسيا "زهران علوش" قائد جيش الإسلام الذي تدعمه تركيا لقتال تنظيم "داعش". شكّل علوش بعد الثورة "لواء الاسلام" ثم اجتمعت 43 فصيل في أيلول 2013 لتشكل "جيش الاسلام" الموجود في غوطة دمشق ومنطقة القلمون وريف إدلب الشمالي، وساهم في إخراج داعش من الغوطة والقلمون بعد معارك عنيفة خسر فيها تنظيم الدولة الكثير من مقاتليه.ليخلف "علوش" "أبو همام البويضاني" على رأس جيش الاسلام .

روسيا قتلت زهران علوش رغم أن "جيش الاسلام" كان حاضرا في مفاوضات الرياض كأحد ممثلي المعارضة المعتدلة. بعد مقتله أكد الائتلاف السوري أن الحادثة بينت وظيفة التدخل الروسي في سوريا وهو تصفية المعارضة المعتدلة وخدمة الاستبداد وتنظيم الدولة. كان مقتله بعد مقتل قائد لواء التوحيد عبد القادر صالح والصف الأول من قادة "أحرار الشام الإسلامية".  الانفتاح الدولي حاليا هو على حزب "الاتحاد الديمقراطي" وذراعه العسكرية قوات "حماية الشعب الكردية"،لضرب حلفاء تركيا في سوريا العرب التركمان والمعارضة المعتدلة. الدستور التركي وليس أردوغان يحظر  تقسيم البلاد على أساس إثني.

صلاح الدين دميرطاش رئيس حزب الشعوب الديمقراطي يثمّن عمل ا لأكراد البالغ عددهم 12 مليون نسمة من أصل 78 مليون تركي ليطالبوا بحكم ذاتي في حملة هي الأشرس يقودها الجيش التركي ضد حزب العمال الكردستاني جنوب شرق البلاد. أراضي المنطقة الآمنة التي دعت تركيا إلى إقامتها منذ أربع سنوات هي سورية وعربية وتركمانية وسنية، ولا يحق للأحزاب الإرهابية ذات الأصول الكردية ولا غيرها احتلالها بالقوة العسكرية، فهي لأهلها السوريين العرب والتركمان، ومسؤولية تركيا أن تمنع إقامة كيان للأحزاب الإرهابية على حدودها الجنوبية، منظمة العفو الدولية ترى أن ما يقوم به الطيران الروسي  جرائم حرب حقيقية. ما يؤلم أن ما يقع لا يوسع أفق الثورة بعد أن أنشب النظام الدولي أنيابه في جسدها المضرج النزيف.

والكيان الصهيوني والغرب مواصلين على تواصل النزف الدم السوري إلى ما لا نهاية يبق أهمس به في آذان من بهم صمم: إذا  كانت أمريكا تأتي من غرب العالم لمقاتلة تنظيم إرهابي ترى أنه خطر عليها، وهو على بعد آلاف الاميال، وإذا كانت روسيا تأتي من أقصى الشرق بحجة مقاتلة تنظيم إرهابي تدعي أنه خطر على بلادها،  فكيف لا تقاتل تركيا تنظيما إرهابيا وعدوانيا عليها وهو على حدودها الجنوبية مباشرة، وهو التنظيم الذي يدبر  أعمالا إرهابية ضد تركيا وداخل عاصمتها أنقرة، كان آخرها التفجير الرهيب الذي استهدف باصات تنقل عسكريين، وقتل 28 تركيا وجرح العشرات في 17 شباط/ فبراير 2016، وأثبتت التحقيقات أن الإرهابي الانتحاري "صالح نجار" الذي نفذ عملية ينتمي لقوات حماية الشعب التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي؟.

عن الكاتب

سليم الحكيمي

صحفي تونسي متخصص في الشأن التركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس