ترك برس

أعلن وزيرا الخارجية الأمريكي "جون كيري" والروسي "سيرغي لافروف"، في الثاني والعشرين من شباط/ فبراير 2016، عن توصلهما إلى اتفاق تهدئة في سورية، يستثني "داعش" وجبهة النصرة، مشيرين إلى أن التهدئة ستدخل حيز التنفيذ بتاريخ 27 فبراير 2016.

وعلى الرغم من الخروقات المتبادلة للتهدئة المعلنة، إلا أنها ما زالت مستمرة محدثةً نوعًا من الراحة للشعب السوري الذي عانى الكثير من الآلام جراء الحرب المندلعة منذ 5 سنوات، والتي أودت بحياة ما يقارب على 270 ألف شخص وهجرت ملايين السوريين إلى دول الجوار والدول الأوروبية الآمنة.

وعقب مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا "ستيفان دي مستورا" على الهدنة بالقول "نحن أمام هدنة حساسة جدًا يمكن أن تنهار في أي وقت ممكن، ولكن على الرغم من بعض الخروقات التي مُنيت بها، إلا أنها ما زالت صامدة".

وأشار دي مستورا إلى أن هذه الهدنة تحمل أهمية بالغة للشعب السوري الذي ذاق الأمرين، نتيجة للحرب المستمرة هناك، موضحًا أن هذه الهدنة ساهمت بشكل كبير في فك الحصار عن الكثير من المناطق المحاصرة من قبل القوات المتحاربة، وهذا ما ممكن الأمم المتحدة من إيصال خدماتها ومساعداتها إلى تلك المناطق المحاصرة.

وعلى صعيد متصل، أفاد الباحث السياسي "يوسف كوهين"، الكاتب السياسي في صحيفة "ميلييت" التركية"، أن سكوت أزيز الرصاص وأصوات المدافع في حلب وغيرها من المناطق، أظهر حجم الدمار الحقيقي الذي أوقعته آلة الحرب الروسية التي دكت بصواريخها العديد من المناطق المدنية، مبيّنًا أن روسيا انتهجت وبكل وضوح سياسة الأرض المحروقة لإرغام الأهالي وقوات المعارضة المعتدلة على الرضوخ لسياستها "التوسعية غير الإنسانية" في المنطقة.

وتابع كوهين حديثه، في مقاله بصحيفة ملييت "لمحة عامة على الهدنة السورية"، مبينًا أن السعادة الغامرة التي أصابت مواطني حلب المحاصرين بين سندان القصف الروسي الشديد ومطرقة التحرك البري "الغادر" لوحدات الحماية الكردية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، تمثل صورة إيجابية جزئية بين أحضان الصورة المأساوية في سورية منذ خمس سنوات.

ومن جانبه، بيّن الخبير في العلاقات الدولية "أفق أولوطاش" أن الهدنة السورية هشة جدًا، وعلى شفا الانهيار، إن لم تتبع بتحركات فعلية تشمل إرساء بعض السياسات التي تخفف آلام المدنيين وتحقق نتائج إيجابية لقوات المعارضة المعتدلة، مؤكدًا أن عدم إتباع هذه الهدنة بطاولة سلام دائمة يجلس عليها الأطراف المتنازعون، فإن انهيارها مؤكد لا محالة.

ونوه أولوطاش إلى أن مرحلة الجلوس على الطاولة، يجب أن يسبقها صمت كامل للسلاح، ويلتزم بهذا الصمت الطرفان، ليظهرا نيتة حقيقية في إحداث تغييرات إيجابية، ومن خلال صمت السلاح بشكل فعلي يتحدد هل سيتم عقد مؤتمر جنيف في التاسع من آذار/ مارس كما هو مخطط له، وهل سيكلل بالنجاح، أم سيكون الفشل الذي آلت إليه كل المؤتمرات المعقودة سابقًا حليفه؟

وألمح أولوطاش، في مقاله بصحيفة أقشام "الهدنة في سورية"، إلى أن كثافة العناصر المتحاربة في سورية واستثناء جماعة النصرة و"داعش" من الهدنة، مؤشران أساسيان إلى أن الهدنة المزعومة ستبوء بالفشل.

وفي إطار تقييم الرابح والخاسر من الهدنة، أوضح الخبير في مجال تحليل النزاعات الدولية "فيسل كورت" أن الرابح الأساسي من وراء الهدنة هو نظام الأسد وروسيا ولفيفهم، حيث تسعى هذه القوى إلى استثناء النصرة و"داعش"، لتكون لها حجة لإجراء العديد من الخروقات واستهداف المدنيين وقوات المعارضة المعتدلة كيفما تشاء، وتبرر ذلك بمحاولة استهدافها لعناصر النصرة و"داعش".

وشدد كورت الذي يتناول الموضوع في مقاله بصحيفة صباح "هل يمكن للهدنة السورية أن تستمر؟"، على ضرورة عدم ركون تركيا إلى هذه الهدنة، لكونها غطاء دبلوماسي يهدف إلى إبعاد الأنظار عن جرائم القوات الروسية وقوات الأسد وقوات حزب الاتحاد الديمقراطي، وتخدير قوات المعارضة واستغلال ركونها للهدنة "الماكرة"، مؤكدًا على أنه وفي ظل التوقع المؤكد لانهيار الهدنة في أي وقت، من الضروري أن تستغل تركيا الهدنة في دعم المعارضة بالمساعدات اللوجستية والمادية لكي تتمكن من إحراز تقدم يحول دون تقدم حزب الاتحاد الديمقراطي وتطبيق روسيا لسياستها التقسيمية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!