ترك برس

أعلنت الرئاسة التركية، بالأمس، 22 آذار/ مارس 2016، عن إلقائها القبض على 4 أشخاص من عناصر داعش، كانوا بصدد الدخول إلى تركيا عبر حدودها مع سوريا.

وتأتي هذه العملية في إطار رفع القوات الأمنية التركية رفع مستوى الإجراءات الأمنية على جميع الأصعدة، عقب تعرض تركيا لبعض الهجمات الإرهابية من قبل عناصر تابعة لداعش وأخرى تابعة لحزبي العمال الكردستاني والاتحاد الديمقراطي الكرديين الإرهابيين.

طفا الطيف الداعشي الإرهابي إلى السطح في حزيران/ يونيو عام 2014، بعد تمكن بعض العناصر المنفصلة عن القاعدة من السيطرة على الموصل بالكامل، معلنين قيام الدولة الإسلامية في الشام والعراق، ولم يمضِ وقت طويل حتى تمكنت هذه العناصر من السيطرة على دير الزور ومن ثم الرقة وبعض المناطق في تدمر وحلب.

وفي سياق متصل، أشار الخبير في قضايا الإرهاب "علي نهاد أوزجان" إلى أن داعش عملت لمدة عام تقريبًا، بعيدًا عن تركيا، ولكن بعد عام، وبالتحديد في تموز/ يوليو العام الماضي، صوبت سلاحها نحو تركيا، مستهدفةً أحد المظاهرات السلمية في ناحية سوروج التابعة لولاية شانلي أورفا، مبينًا أن داعش رأت أن استعجالها في استهداف تركيا في مراحل تأسيسها يُعد أمرًا خطيرًا على تمددها ومستقبلها، لذا حادت عن تركيا، حتى تمكنت من تثبيت أوتادها بشكل قوي داخل سوريا والعراق، ومن ثم انطلقت نحو استهداف تركيا والدول الأوروبية.

ووفقًا لما يورده أوزجان في مقاله بصحيفة ملييت "الخطة الاستراتيجية لداعش تجاه تركيا"، فإن خطة استهداف داعش لتركيا مرت بأربع مراحل:

ـ مرحلة التأسيس والتوسع الجغرافي: في هذه الفترة سعت داعش لتركيز قوتها على تأسيس دعائم قوية لدولتها في أكبر مساحة جغرافية ممكنة في سوريا والعراق، ولذلك فضلت التزام الصمت وعدم تصويب سلاحها نحو أي قوة إقليمية، لإبعاد نيران هذه الدول عنها. كما أن انشغالها في تصفية المجموعت العسكرية الفاعلة الواقعة داخل الرقعة الجغرافية التي ترمي إلى السيطرة عليها، أدى إلى ابتعاد لهيبها الإرهابي عن الدول المجاورة لفترة وجيزة.

ـ مرحلة النزاع الإرهابي الداخلي: في هذه المرحلة بزغت نجوم النزاع الداخلي بين إرهابيي داعش وإرهابيي حزبي الاتحاد الديمقراطي والعمال الكردستاني، وشرعت داعش في تصفية حسابها مع هذين الحزبين من خلال استهداف بعض العناصر المتضامنة معها في شانلي اورفا، وبذلك اشتعل فتيل الحرب بين تركيا وداعش وانطلقت الطائرات التركية نحو العراق وسوريا ضاربةً بعض المقار التابعة لداعش.

ـ مرحلة توسيع نطاق العمليات الإرهابية: نقل داعش نيران النزاع إلى تركيا نم عن استعدادها لبدء الاشتباك مع تركيا وزعزعة الاستقرار بها، إذ أرادت إعطاء إشارة ذلك من خلال استهداف من تصفهم "أعداءها" الفكريين المتضامنين مع حزبي العمال الكردستاني والاتحاد الديمقراطي، وأعقب ذلك تنفيذ عمليات إرهابية أخرى في أنقرة وإسطنبول، لتعلن أنها بدأت التحرك الفعلي في تركيا، وستحقق السيطرة التي حققتها في سوريا والعراق، في تركيا، ولكن ليس بأسلوب الحرب المباشرة، بل من خلال العمليات الإرهابية الانتحارية، ولكن هل ترى داعش الجيش التركي ضعيفًا بقدر ضعف الجيش العراق؟ الإجراءات الأمنية التي تمثلت بالقبض على عدد من المنتمين لداعش تُظهر مدى قدرة الجيش التركي على صد العمليات الداعشية والحيلولة دون تمددها في تركيا.

ـ مرحلة نشر الفوضى الأمنية والإعلامية والاجتماعية: وتمت هذه المرحلة عقب مرحلة توسيع نطاق العمليات الإرهابية، وتهدف داعش من خلال هذه المرحلة، كما هو هدف جميع المنظمات الإرهابية الأخرى، إلى نشر البلبلة داخل المجتمع، وقلب الرأي العام على الحكومة، ورفع معنويات المتضامنين معها فكريًا، لجذبهم للانضمام إليها بشكل فعلي.

وفي غضون ذلك، أشار الخبير السياسي "سلجوق أوز داغ"، في مقاله بصحيفة وحدت "لن نعتاد على الإرهاب"، إلى أنه وعلى ما يبدو أن سياسة الباب المفتوح شارفت على الانتهاء لتوفير أجواء أمنية أكثر حرصًا، وإن انتهت هذه السياسة فإنها ستصب في صالح جميع المقيمين في تركيا.

عن الكاتب

جلال سلمي

صحفي وباحث سياسي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس