جلال سلمي - خاص ترك برس

أشار الخبير السياسي المقرب من حزب العدالة والتنمية "راسم أوزان كوتاهيالي" إلى أن محاصرة تركيا من جهات عدة باتت أمرًا واقعيًا ولا داعي لإنكار ذلك، مشددًا على ضرورة ابتعاد تركيا عن التنازع الدبلوماسي والتراشق الإعلامي الحاد والعودة إلى سياسة التوافق والربح المطلق المعتمدة على المفاوضات والفائدة المتبادلة.

وأكّد كوتاهيالي في مقاله بصحيفة صباح "يجب على تركيا الخروج من العُزلة الدولية"، أنه يجب على تركيا الإصرار على مواقفها تجاه القضايا العالقة في المنطقة، وفي الوقت نفسه أن تقطع خطوط التواصل والمفاوضات المعتمدة على سياسة النفس الطويل مع الدول المنافسة لها في المنطقة، مبينًا أن هذه السياسة هي السياسة الواقعية والعقلانية التي ستكفل لتركيا الوصول إلى حلول متوسطة للقضايا التي تهمها بأقل الخسائر.

وأفاد كوتاهيالي بأن تركيا لا تواجه العُزلة الدولية بسبب مواقفها السيئة، بل على العكس تمامًا تواجه هذه العُزلة بسبب مواقفها الصحيحة المتمثلة بدعم الشعوب المنكوبة التي تعاني الأمرين نتيجة ازدواجية المعايير التي تنتهجها الدول الغربية، موضحًا أن هذه الدول اعتادت لم تعتد على معارضة أي من القوى الإقليمية لها، لذا عندما اتجهت تركيا إلى معارضتها والوقوف لها بالمرصاد على الفور بدأت أبواقها الإعلامية باتهام تركيا بدعم داعش في سوريا، فضلًا عن شروع أجهزتها الاستخباراتية بمساندة عناصر حزب العمال الكردستاني للقيام ببعض الأعمال الإرهابية في المدن التركية الآمنة.

وحسب كوتاهيالي، فإن إعادة تركيا لعلاقاتها المعتدلة مع الدول المنافسة لها، لا تعني الاستسلام لها، بل تعني إبداء النية للتوافق حول نقاط مشتركة، بعيدًا عن مسار النزاع، وهذا ما لن ترفضه الدول الأخرى لأنها هي أيضًا بحاجة لسياسة هادئة للنظر في حل القضايا العالقة، وهي بغنى عن النزاع السياسي والاقتصادي، ولكن لا يمكن لها، بحكم موقعها السياسي كدول عُظمى، أن تقبل لتركيا الظهور وكأنها متفوقة عليها سياسيًا، لذا على تركيا تخفيف حدة النزاع، والاتجاه نحو توافق مشترك مع هذه الدول.

وتأتي مقال كوتاهيالي في ظل وجود تدهور ملحوظ للعلاقات المشتركة بين تركيا والدول الأخرى، فبعد إسقاط تركيا للطائرة الروسية في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي، شهدت العلاقات المشتركة بين البلدين تدهورا، وكما بدا واضحًا الخلاف بين المواقف الأمريكية والتركية تجاه القضايا العالقة في المنطقة، وهذا ما دفع عددًا من الخبراء السياسيين إلى تحذير تركيا من تعميق حدة الخلاف بينها وبين الدول العُظمى والاتجاه نحو اتباع سياسة توافق.

وعزى الخبير السياسي "بكير برات أوزيبيك" حاجة تركيا إلى ترميم علاقاتها مع الدول العُظمى إلى عدم قدرة تركيا بوضعها الحالي على مواجهة شدة الأمواج المتلاطمة في جميع المناطق المحيطة بها، موضحًا أن الانحناء للريح الشديدة عند هبوبها لا يعني الانصياع التام للمواقف المخالفة، بل يعني مهادنة هذه الرياح وتخفيف حدتها من خلال إبداء استعداد للتعاون في التحركات المشتركة، فالسياسة لا تعتمد على النهج الخشن فقط، كما أن النهج الدبلوماسي الحصيف الناعم قد ينتج عنه نتائج إيجابية مفيدة أكثر من النهج الخشن الذي لا يمكن أن يتسبب بانصياع الدول العُظمى التي ترى أن ذلك يقلل من هيبتها الدولية.

ونوه أوزيبيك في مقاله بموقع "سربستيت" التركي "كيف يمكن تقييم خطاب أوباما"، إلى أن أروقة الخارجية التركية توحي بوجود مفاوضات مستمرة بين تركيا وروسيا من جهة والولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى، مؤكّدًا أن تركيا تملك كادرًا سياسيًا ذكيًا سيحرص على عدم تدهور علاقات تركيا مع الدول الأخرى أكثر من ذلك.

وعلى صعيد متصل، بيّن الخبير السياسي "أقين أوزجار"، في حسابه على تويتر، أن المواقف السياسية تحتاج إلى قوة عظيمة لتحقيقها، فإن لم تكن هناك قوة عظيمة تتجه الدول إلى اتباع الأساليب الدبلوماسية، وتركيا غير مُخيرة بل مُلزمة باتباع الأساليب الدبلوماسية إذا كانت تريد أن تتبع سياسة واقعية في سبيل تحقيق أهدافها، لأنها لن تستطيع التغلب على روسيا والولايات المتحدة الأمريكية في سوريا وغيرها من المناطق بقوة السلاح، ولكن يمكن لها التغلب عليهما من خلال وسائل الإعلام والأساليب الدبلوماسية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!