
ترك برس
تعرض زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كلجدار أوغلو، إلى انتقادات وتنديدات واسعة عقب تهجمّه على وزيرة الأسرة والشؤون الاجتماعية سما رمضان أوغلو (محجبة)، واستخدامه تعبيرًا غير لائق بحقها، وهو ما فهمه الأتراك كتلميح جنسيّ مسيء، في حين رأى البعض أن ذلك "كشف الوجه الحقيقي المتخلّف والرجعيّ للزعيم المتمسك بقشور العلمانية في طبعتها الفظّة".
وفي معرض تناولها للحادثة قالت صحيفة "القدس العربي"، في تقرير بعنوان "عري وحجاب: تحقير المرأة العابر للأيديولوجيات"، إن المفارقة الساخرة هي أن الزعيم التركيّ "العلمانيّ"، والذي هو (نظريّاً على الأقل) نصير للمرأة يريد إنقاذها من زيّها "الرجعيّ" وأخذها لأنوار الحداثة والتقدّم، لا يجد طريقة لإقناعها بخطّه "التقدّمي" غير الحطّ من شأنها كامرأة وتحويلها إلى موضوع جنسيّ منتهك، في قلب طريف للأدوار الافتراضية بين "الظلاميين" و«التنويريين".
وأضاف الصحيفة إنه "إلى كشفها الوجه الحقيقي المتخلّف والرجعيّ للزعيم المتمسك بقشور العلمانية في طبعتها الفظّة فإن الحادثة تعيد، من جديد، فتح أزمة الهويّة التركيّة التي بدأت مع إعلان جمهورية أتاتورك عام 1923، والتي كان أحد فصولها المعبّرة دخول النائبة المحجبة مروى قاواقجي البرلمان عام 1999"، مشيرة أن "يومها حصل شكل من الانشقاق النسائيّ الذي يحمل آثار اللوثة اليساريّة المتحجرة فهاجمت نائبات حزب اليسار الديمقراطي التركي النائبة قاواقجي وأخذن بالصياح: "إلى الخارج.. إلى الخارج"، وبهذا كنّ، على حد وصف الصحافي اللبناني محمد نور الدين، "ذكوراً" بامتياز، لأن أولئك النسوة لم يدركن أن معركة مروى ليست فقط دينية أو سياسية، بل كذلك نسائية".
وأشارت إلى أن "هذا يذكّر، بالمناسبة، بالكثير من الحوادث الفاقعة الشبيهة في العالم العربيّ، ومنها، على سبيل المثال، حادثة المغنية الأردنية نداء شرارة، التي أثار فوزها بلقب برنامج "أحلى صوت" ردود فعل تجمع بدورها بين العدوانية الذكورية والاستشراق العلمانويّ المحلّي، فأحد أعضاء البرلمان الأردني، عبد الهادي المحارمة، علق ساخرا من إعلان شرارة تمسكها بالحجاب في مسيرتها الفنية بالقول "اليوم مطربة بحجاب وغدا راقصة بحجاب"، في استعادة لما يشبه الفصل العنصري بين عالمين متوازيين لا يلتقيان: السافرات، اللاتي يحقّ لهن الغناء والرقص، والمحجبات اللاتي لا يحقّ لهنّ غير الحجر عليهن في بيوتهن حتى الممات".
ورأت القدس العربي أن "الفصل أيضاً سياسيّ بامتياز، فهناك الإسلاميون، الذين لا يحقّ لهم استلام السلطة، وهناك "العلمانيون" الذين يرفضون تداولها مع غيرهم، وعلى هذا المنوال لا تنفكّ تمضي وتدار وتستعاد الحروب الأهلية العربية المركّبة على أقنعة زائفة بعناوين أكثر زيفا".
تثير هذه الحادثة في تركيّا الكثير من الشجون، فهي تعيد، بطريقة مواربة، فتح موضوع الحجاب (لأن الوزيرة المذكورة محجبة)، وهو موضوع سياسيّ بامتياز، في العالم الإسلامي عموماً، ولكن، خصوصاً، في تركيّا، كما تعيد أيضاً إطلاق قضية الإساءة للمرأة بتعييرها بجنسها وبانتهاكها معنويّا على هذا الأساس.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!