ترك برس

أشار الأخصائي الاجتماعي التركي، إمراح أكباش، إلى أن ظاهرة "الزواج السوري التركي" ليست جديدة لكنها خرجت من مسارها الطبيعي المتجسد في الرضا والقبول وباتت مهددة بالاستغلال.

وعزا أكباش ذلك إلى الفقر وقلة الحيلة اللذين يدفعان اللاجئة السورية إلى أن تكون زوجة ثانية لا يعترف القانون بحقوقها، مما يجعلها ضحية لاستغلال الرجل التركي، وفق ما أوردته الجزيرة نت، في تقرير لها عن "زواج الأتراك باللاجئات السوريات.. الدوافع والانعكاسات".

ويرى أكباش أن الأخطر من ذلك هو "مافيات الاتجار بالمرأة السورية، التي باتت تنشط تحت غطاء تزويج السوريات بالأتراك"، كما تتواتر معلومات عن زواج أتراك بقاصرات سوريات، ولم يثبتوا زواجهم بسبب اشتراط القانون التركي سن 18 قانونيا لزواج الفتاة.

ويقول أكباش إنه في حال حماية هذه الزيجات بشكل صحيح فستساهم في ترسيخ الديمقراطية بتركيا عن طريق تغيير بنية المجتمع وجعله بيئة تقبل وتحترم وتتعايش مع الثقافات الأخرى بشكل حقيقي وواقعي.

وفق مؤسسة الإحصاء التركية لعام 2015 فإن أكثر من ثلاثة آلاف سورية تزوجن من أتراك خلال العام الماضي، وهذه الإحصائية لا تشمل الزيجات التي تكون فيها اللاجئة السورية زوجة ثانية.

وبحسب معطيات مديرية الهجرة التابعة لوزارة الداخلية، فإن عدد اللاجئين السوريين الخاضعين لقانون "الحماية المؤقتة" في تركيا، بلغ مليونين و749 ألف و140 لاجئاً، يعيش 270 ألف و380 منهم ضمن مخيمات اللجوء، فيما ينتشر مليونين و478 ألف و760 في العديد من الولايات التركية.

وبلغ عدد اللاجئين الذكور إلى مليون و462 ألف و761، فيما يبلغ عدد النساء، مليون و286 ألف و379 شخصا، وأوضحت معطيات المديرية، أنّ عدد الذكور الذين يتراوح أعمارهم دون 19 عاماً، بلغ 708 ألف و903، بينما بلغ عدد النساء في الفئة العمرية نفسها، 645 ألف و598 لاجئة.

ويتوقع إلفيسيا يلماز -وهو مدير مقهى في إسطنبول- ارتفاع عدد هذه الزيجات بسبب تشابه الثقافتين التركية والسورية، موضحا أن انتقال السوريات من خانة اللجوء إلى المواطنة "سيؤدي لنشوء أقلية سورية داخل المجتمع التركي".

وتؤكد المعلمة التركية إلكنور غونار أن الرقم المشار إليه لا يمثل الحقيقة لعدم تضمنه السوريات المتزوجات من رجل متزوج، وهي الحالات الأكثر شيوعًا، موضحة أن الحالات السالفة الذكر لا يتم إثباتها رسميا كون القانون المدني التركي يمنع تعدد الزوجات.

وترى المعلمة التركية أن سعي اللاجئات لستر أنفسهن، واشتراطهن طلبات معقولة، جعلهن محل إقبال الشباب التركي، "على عكس المرأة التركية التي تشترط طلبات خيالية".

أما المواطنة السورية المقيمة في إسطنبول آية ناشد فترى أن إقبال الأتراك على الزوجة السورية يعود لاهتمامها ببيتها وزوجها "في حين تعتبر التركية الزوج ندا لها وتهتم بمسيرتها العملية"، وأشارت إلى أن التركيات صرن واعيات لمنافسة المرأة السورية في الفوز بالشباب الأتراك "فبتن يقلدنها في تصرفاتها ومظهرها الخارجي".

من جهته، شبه مدير مركز صدى للأبحاث واستطلاع الرأي السوري محمد برو هذا النوع من الزواج بالنمط البدوي القديم بسبب إقبال الرجل التركي فقط على جمال المرأة السورية دون النظر إلى خلفيتها الثقافية أو بيئتها الاجتماعية، وتوقع أن البصمة السورية ستغطي على التركية داخل هذه الأسر مستقبلا "خاصة في موضوع اللغة العربية".

اللاجئة السورية ليلى الحورانية فرت من جحيم القتال في سوريا لتبدأ صراعا من نوع آخر على أرض جديدة، فتجربة زواجها الأولى الفاشلة اضطرتها للعمل مدرسة منذ كان طفلها رضيعا، فكان ضغط العمل وساعاته الطويلة ينعكس سلبا على علاقتها به.

واصلت ليلى نفس نمط حياتها في تركيا حتى قررت الزواج مرة أخرى، وأخبرت طالباتها التركيات بذلك، ولم تشترط جنسية الزوج، بل كان جل اهتمامها أن تجد زوجا يتفهم وضعها ويحتوي طفلها.

وأخبرتها إحدى طالباتها الموثوقات أن لزوجها صديقا يبحث عن زوجة، فاتفقا على اللقاء ووقع التوافق بينهما، وتؤكد أنه رغم خلافاتهما أحيانا بسبب اللغة والثقافة، فزوجها يدعمها وقد رزقا بطفلة منذ أشهر.

أما الزوج عمر فقال إنه وجد في ليلى مواصفات الزوجة التي كان يبحث عنها، ولم يكن وجود طفل لها من زواج سابق عائقا، بل بالعكس كان حافزا للارتباط "لأنني أحب الأطفال وقد أشعرني بأبوتي منذ رأيته أول مرة".

ليلى هي واحدة من بين ثلاثة آلاف وستمئة لاجئة سورية تزوجن بأتراك وفق مؤسسة الإحصاء التركية لعام 2015، ورغم الجانب المشرق لتجربتها فإنها ليست النموذج الغالب في هذه الزيجات التي جعلتها إشكالات قانونية واجتماعية محل اتهام وتوجس إذا لم يتم احتواؤها بالشكل الصحيح، حسب باحثين اجتماعيين ومواطنين سوريين وأتراك.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!